خدمات راقية ورعاية فائقة.. و24 ساعة عمل لراحة المواطنين
محطة أوتوبيس الأسمرات الجديدة بعد قرار منع التوك توك
لم تكن مجرد عمائر سكنية تم بناؤها على قطعة أرض كانت مأوى للمخلفات بجبل المقطم، لكنها حياة كاملة شملت جميع الخدمات المقدمة مجاناً أو مقابل أسعار رمزية، عام مر على مدينة الأسمرات منذ أن افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى يونيو 2016، وخلال هذا العام أصبح كل شىء جاهزاً لإحداث نقلة حقيقية فى حياة مواطنين قضوا أعمارهم تحت حصار الموت والفقر فى العشوائيات، لكنهم الآن يعيشون حياة آمنة ومستقرة ويتنفسون هواءً نظيفاً وينعمون بقائمة طويلة من خدمات ربما لم يعرفوها من قبل إلا فى شاشات التليفزيون.
مركز طبى فى قلب المدينة، تم افتتاحه حديثاً وبدأ تقديم خدماته للمواطنين، وهو جزء من خطة تشمل مركزين آخرين بالمدينة، الدكتور محمد سيد، طبيب الأسنان بالمركز، كان موجوداً بالبالطو الأبيض فى انتظار مرضاه الذين يتراوح عددهم بين 30 إلى 40 مريضاً يومياً، يؤكد أن المركز مجهز على مستوى عالٍ، ويضم معدات وأدوات طبية قد لا تستخدمها بعض المراكز الخاصة لارتفاع ثمنها، ويشمل ملفاً لكل مريض مخزناً فى حجرة مخصصة لملفات المرضى، ويضم الملف تشخيصاً كاملاً للحالة، ومع ذلك فسعر تذكرة الكشف الطبى التى يتم قطعها المريض على باب الدخول من شباب التذاكر جنيه واحد فقط، «الإقبال كبير جداً، وأصعب ما يواجهنا هو التعامل مع بعض المرضى، ولكن بدون تعميم، فبعض السكان هنا على مستوى جيد من التعامل والسلوك، لكن البعض الآخر يتصرف بطريقة سيئة وقد يصر على شىء هو خاطئ طبياً من الأساس، ويبقى عايز يعمل مشكلة لو قلت له ده غلط أو الحالة بتاعتك محتاجة تروح مستشفى أو عيادة خارجية، بيفتكرنى بضحك عليه وبيبقى عايز ياخد أى علاج علشان يبقى اسمه جه واتعالج».
ملف صحى لكل مريض.. وصرف العلاج بالمجان.. و«قرية ذكية» صغيرة لإنهاء الخدمات الحكومية.. ومحطة «الأسمرات» الجديدة: الأوتوبيس مكيف والتذكرة بجنيه
الإقبال على بعض العيادات الأخرى يكون بنسبة أكبر من الأسنان، مثل عيادة الباطنة، تتحدث الدكتور تنسيم طبيبة بشرى، مؤكدة أن متوسط الإقبال يومياً بين 100 إلى 120 مريضاً، وأوضحت أنه بحكم عملها فى أماكن أخرى بالخارج، يمكنها أن تصف المركز بأنه جيد، ويقدم خدمة عالية المستوى، خاصة أنه يعمل على مدار 24 ساعة، «بنبدل إحنا والأطباء زمايلنا شيفتات مع بعض على مدار الأسبوع 24 كل يوم، وبنبات هنا يعنى المكان بقى جزء مننا، لكن الحاجة اللى محتاجها المركز علشان يبقى أكتر تطور هى بعض المعدات الأخرى، وفيه مخاطبات بكده مع وزارة الصحة»، تشكو د. تنسيم من تعاملها مع بعض المرضى، لكنها تؤكد «فيه ناس كويسة، وفيه ناس بتتعامل بطريقة وحشة، وعلشان كده معانا قوة أمنية مسئولة عن حماية وتأمين المركز»، المركز الطبى بالأسمرات يشمل العديد من الأقسام والعيادات الأخرى، مثل عيادة النساء والتوليد التى يقبل عليها متوسط 35 مريضاً يومياً، ووحدة التحاليل والأشعة تقدم تحليل صورة الدم على سبيل المثال بمقابل 20 جنيهاً بدلاً من 560 جنيهاً متوسط سعره بالخارج، إضافة إلى قسم التعقيم وصيدلية مجهزة لصرف العلاج، وتقول الدكتورة صيدلانية سلمى محمد: «الإقبال عالى جداً أكتر من أى مكان تانى، المريض واللى مش مريض بيتردد على المركز، لدرجة إن مرة واحد كان عنده ضيوف خدهم وجه بيهم على المركز علشان يكشفوا». المدينة أيضاً شهدت على مدار السنة الماضية منذ افتتاحها، عاماً دراسياً كان مميزاً، بحسب وصف بعض الأساتذة وأولياء الأمور، والتحق بالمدرسة الابتدائية بالأسمرات 620 تلميذاً بين مراحل مختلفة، إضافة إلى المئات من صغار السن فى رياض الأطفال، وتم إعفاء جميع التلاميذ من أى مصاريف دراسية بقرار من وزارة التربية والتعليم، بحسب أحد مسئولى مدينة الأسمرات، رفض الإعلان عن اسمه، وأضاف: «وفرنا لكل تلميذ زياً مدرسياً كاملاً موحداً بالمجان، وحقيبة مدرسية بكل مستلزمات الدراسة، حتى لا تتحمل الأسر أى أعباء ويكون ذلك مبرراً لعدم إلحاقهم بالتعليم». الأساتذة الذين عملوا فى المدرسة أكدوا سعادتهم بالتجربة من بينهم أحمد فكرى، أستاذ اللغة العربية، الذى أكد أن التلاميذ كانوا يتجاوبون بشكل جيد، خاصة مع الفصل الدراسى الثانى، ويقول: «لا نكتفى بتعليمهم المواد والمناهج المقررة فحسب، لكن الأهم من ذلك هو السلوك والأخلاق والتنشئة، لأن مهمتنا هى التربية قبل التعليم، وهذا ما تم الاتفاق عليه مع المسئولين بالمدينة، حيث قالوا لنا نريد أجيالاً تنشأ على تعاليم وسلوكيات صحيحة، لأن هذا هو نوع من الاستثمار الإيجابى فى البشر، ولأن هؤلاء الأطفال هم الأمل الحقيقى وليس آباءهم وأمهاتهم».
من بين المشكلات التى واجهت الأهالى فور انتقالهم إلى المدينة هى وسائل المواصلات وكانوا يلجأون إلى الـ«تكاتك»، حتى صدر قرار بمنعها تماماً من دخول الأسمرات، وتم افتتاح محطة أوتوبيسات الأسمرات، التى تقل المواطنين فى مواعيد منتظمة من السادسة صباحاً حتى الثانية عشرة مساءً، يقول موظف يعمل بالمحطة التى تقع على بعد أمتار من مبنى جهاز الأسمرات: «كل 10 دقائق فيه أوتوبيس بيتحرك، وعندنا كذا خط، واحد بيروح السوق القديم فى المقطم ومنشأة ناصر، وده الموقع القديم لمعظم السكان هنا وكتير بيشتغلوا هناك لسة، وعندنا أوتوبيس بيروح عبدالمنعم رياض، التذكرة موحدة بجنيه واحد رغم إن كل الأوتوبيسات مكيفة»، يوضح أنه بدلاً من أن ينتقل المواطن من الأسمرات إلى منشأة ناصر أو التحرير بأكثر من مواصلة وقد يدفع 15 أو 20 جنيه «رايح جاى» خاصة مع استخدام التكاتك التى كانت ترفع أجرتها على الزبائن، الآن أصبح بإمكان الجميع التنقل بسعر بسيط غير موجود فى أى منطقة أخرى، الناس فرحت جداً بالمحطة، والإقبال على الأوتوبيسات كبير، والأوتوبيس بيخرج كل 10 دقايق حتى لو غير مكتمل، وده حفاظاً على النظام، وناشدنا جميع الأهالى الحفاظ على نظافة الأوتوبيسات والمقاعد وفعلاً غالبيتهم تعاونوا معانا، باستثناء بعض الحالات اللى اعتبرناها حالات فردية».
وفى سبيل توفير حياة متكاملة فى الأسمرات، بدأ الصرح التكنولوجى عمله فى تقديم العديد من الخدمات المميكنة للمواطنين، مبنى كأنه «قرية ذكية صغيرة» كل الخدمات داخله إلكترونية من استخراج وتوثيق الشهادات والبطاقات وماكينات الصرف الآلى، أحد العاملين، رفض ذكر اسمه، فى حديثه لـ«الوطن»، قال إن بعض السكان من خارج الأسمرات بالمناطق المحيطة يجيئون إلى المبنى للحصول على خدماته التى تقدم للجماهير مدعمة، موضحاً أن مكتب البريد الآلى يعمل على مدار 12 ساعة يومياً.