مدير منظمة الإصلاح الجنائي: معاملة "الإخوان" في السجون كانت 5 نجوم.. وأي حديث عن تعذيبهم كذب
بعد انفراد "الوطن" بنشر 150 صورة لقيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين في سجون "مبارك"، تبرز توفير سبل الراحة لهم، حيث ظهروا وهم يلعبون ويضحكون ويلتقطون الصور التذكارية، كما توفر لهم الصحف والكتب وسمح لهم بكتابة المقالات من داخل السجن، خلال فترة أعلنت فيها جماعة الإخوان أنها أكثر فصيل مضطهد في مصر، وأنهم ضحوا من أجل حرية الشعب، وذاقوا مرارة السجن والتعذيب في معتقلات النظام السابق، لتأتي الصورة دليلا على تعامل "داخلية مبارك" مع الإخوان والجهادييين.
وعلق على تلك الصور، الناشط الحقوقي محمد زارع، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، في حواره لـ"الوطن"، بقوله إن السجون في مصر نوعان، سجون سياسية وسجون جنائية، كما أن السجون السياسية نوعان أيضا، نوع لمعتقلي الجماعات الإسلامية والجهاديين خلال فترات العنف وكانت عبارة عن سلخانات تعذيب، بينما سجون أعضاء الإخوان المسلمين كانت دائما وأبدا ضمن سجون الـ 5 نجوم، والمعاملة فيها جيدة جدا، مشيرا إلى أن معظمهم كان يتواجد في سجن مزرعة طرة، وهو سجن 5 نجوم، لأنه مخصص في الأساس لنوعية معينة من السجناء، كرجال الدولة من الوزراء وأعضاء مجلس الشعب وأصحاب المناصب الهامة ورجال الأعمال، إضافة إلى أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين، وبعض سجناء الجماعات الإسلامية الذين وقعوا على استمارات التوبة ومراجعات نبذ العنف.[FirstQuote]
وأكد زارع، أن السجناء في "مزرعة طرة" يحصلون على كل حقوقهم، ويعاملون معاملة جيدة، فيخرجون في فترات ترفيه ويمارسون الرياضة داخل السجن بانتظام، وكان يسمح لهم بدخول أطعمة من خارج السجن، كما تكون لهم زيارات منظمة، قائلا "أي كلام حول تعذيب الإخوان في عهد حسني مبارك غير صحيح"، خصوصا وأنهم لم يتخذوا العنف سبيلا لذلك كانت الدولة لا تتعامل معهم بعنف، وكانت قضيتهم الرئيسية هي تأسيس تنظيم سري لإسقاط كيان الدولة ومؤسساتها، فكل 5 سنوات يلفق لهم مجموعة قضايا لهذا السبب.
وتطرق زارع، في حديثه للمعتقلين من شباب الإخوان ومسؤولي التنظيم في المحافظات، الذين كان يتم القبض عليهم في فترة الانتخابات البرلمانية دائما، في سجون المحافظات، وكانت المعاملة معهم جيدة ويتم الإفراج عنهم بعد انتهاء الانتخابات ليضمن النظام حسم النتيجة لصالحه، وحتى لا يؤثروا على سير العملية الانتخابية.
وأضح مدير المنظمة العربية، أن النظام السابق كان يتعايش مع الإخوان المسلمين، فكان يحب أن يلعب بكل الكروت، بحيث يكون هناك أعضاء من الإخوان قريبين منه ويتقابل معاهم، ومبارك حتى آخر لحظة لم يضيق الخناق على تنظيم الإخوان المسلمين، فكانوا حتى آخر لحظة أكثر المعارضة السياسية تواجدا في البرلمان ولهم مؤسسات وجمعيات ونقابات، فكان يعطيهم قدر معين من الحرية ومساحة العمل بشكل لا يجعلهم منافسين كاملين للنظام ولا يصلوا للسلطة، وهما كان لديهم حالة من الرضا بذلك.
وحول سجناء الإخوان الذين كانوا متواجدين في سجن وادي النطرون قبل ثورة يناير ومنهم الرئيس محمد مرسي، قال زارع: "وادي النطرون يضم أكثر من سجن، وهناك سجون منها كانت مثل سجون القاهرة والمعاملة فيها جيدة نسبيا، وهناك سجون أخرى مخصصة لنوعية من المعتقلين كالمتهمين بالتخابر مثل أعضاء حماس وحزب الله، وكان هناك أعضاء من الإخوان متهمين بالتخابر أيضا في ذلك السجن ومنهم "مرسي"، وذلك لأن هذا السجن كان عليه حراسة كبيرة، كما أن موقعه قريب من القاهرة، مشيرا إلى أنه في أواخر حكم "مبارك" لم تعد تتبع سياسة التعذيب في السجون المصرية مع الإسلاميين.
وحول تعامل الأنظمة السابقة مع الإخوان المسلمين، قال إنه في كل فترات الحكم التي مرت بها مصر، ويتبع فيها الجماعات الإسلامية العنف كان النظام يتعامل معهم بكل قسوة وعنف، وكانت سلخانات التعذيب منتشرة، مشيرا إلى أنه في عهد عبد الناصر وبعد اتهام "الإخوان" بتدبير حادث اغتياله، تم التعامل معهم بعنف شديد وتعرضوا للتعذيب، إلا أنه بعد تلك الفترة، خرج الكثيرون منهم واتبعوا النهج السلمي وابتعدوا عن الصراع المسلح، وأصبحوا تنظيما سياسيا سلميا يسعى للوصول للسلطة، ومنذ تلك الفترة انتهى تعذيب الإخوان في السجون.[SecondQuote]
وحول تعامل النظام السابق مع الجماعات الإسلامية، قال زارع: حتى العام 1997 كان التعامل معهم بكل أشكال التعذيب، إلا أنه بعد اعترافهم بالمراجعات وتوقيعهم على اتفاقية نبذ العنف، تم تغيير المعاملة معهم بشكل كبير، وتغيرت سياسة النظام من العنف إلى اللين، ومنهم عبود الزمر وطارق الزمر، لأنهم كانوا من بين من دعوا لتلك المبادرة منذ عام 1995، ونقلت عنهم عندما كنت عضوا في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تلك الدعوة التي كانت قبل الاتفاق على نبذ العنف بعامين.
وكشف زارع لـ"الوطن"، أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، كان له الفضل في الاتفاق مع الجماعات الإسلامية على المراجعات بعدما تولى وزارة الداخلية عام 1997، كما أنه أفرج عن أعضاء الجماعات الإسلامية، قائلا "فضل العادلي على الجماعات الإسلامية أكثر من أي وزير داخلية سابق، فوزراء الداخلية السابقين له كانوا يتعاملون بكل عنف مع الإسلاميين"، متابعا "التعامل مع الجماعات الإسلامية في عهد حبيب العادلي كان جيد، لدرجة أنه سمح لهم بالخروج من المعتقل والعودة له بكل حرية، وهذا حدث مع عبود الزمر أكثر من مرة، كما سمح لهم بالخلوة الشرعية مع زوجاتهم وأنجب أعضائهم أكثر من مولود داخل السجن".
وحول التعامل مع أعضاء القوى السياسية المدنية واليسارية في عهد النظام السابق واعتقالهم، قال زارع "النشطاء السياسيين وأعضاء الأحزاب والحركات السياسية المدنية، كانوا يشردون في السجون المصرية، وكانوا يتنقلوا بهم بين سجن ليمان طرة وأبوزعبل وبين السجون البعيدة كالغربنيات وغيره، كما أنه في الوقت الذي كان يتعامل فيه النظام السابق بتقارب مع الإسلاميين ومنع العنف عنهم كان يتعامل مع شباب الأحزاب وأعضاء الحركات السياسية بعنف وتعذيب سواء أثناء القبض عليهم في التظاهرات أو أي فعاليات سياسية، فالنظام السابق كان يتعامل مع الإخوان ككيان وتنظيم له تركيز وثقل على الأرض ويرسخ إمكانياته للتعامل معه سواء بالعنف أو بالتفاوض، بينما كان لديه حالة من الاستخفاف بالشباب والحركات السياسية لأنهم ليس وراءهم كيان قوي يقف وراءهم، وبالتالي ممكن أن نصف تعامله مع المعارضة بأنه كان بالقطعة" على حد تعبيره.