إنها عائلة الزعيم محمد فريد، منذ عدة أيام لقيت حفيدة الزعيم الراحل حتفها غدراً على يد شاب دخل مع مستهتر مثله فى سباق سيارات بشارع التسعين بالتجمع الخامس. «نور» حفيدة الزعيم لم تكمل العشرين من عمرها، فى السنة النهائية بالجامعة الأمريكية، الجانى طالب بجامعة خاصة ووالده يعمل بالمملكة العربية السعودية، كان يقود سيارته وإلى جواره شقيقه عندما وقعت الواقعة وقفزت سيارته فوق السيارة التى كانت تجلس فيها «نور» على الكرسى الخلفى لتصاب إصابات بالغة، وتدخل فى غيبوبة أدت إلى وفاتها، الشقيقان الجانيان فرا فجر اليوم الذى وقعت فيه الحادثة إلى السعودية، فى حين أمرت النيابة بضبط وإحضار المتهمين.
ماتت الزهرة التى كانت تتدفق بالحياة مغدورة، لتكمل حلقة جديدة من مأساة العائلة التى بدأت مع الجد الذى عاش مغدوراً ومات مغدوراً، محمد فريد -كما تعلم- تزعم الحركة الوطنية بعد وفاة مصطفى كامل، لم يكن فريد مثل سلفه «مصطفى» فى التربيط مع القصر الملكى، وكبار الباشوات فى عصره، ولا كان يغازل السلطنة العثمانية وينادى بدعم دولة الخلافة، ويبنى أطروحته فى التخلص من الاحتلال الإنجليزى على فكرة أن مصر ولاية عثمانية تتبع السلطان -الخليفة- فى إسطنبول، «فريد» كان مختلفاً -إلى حد ما- عن مصطفى كامل، لذلك سارت الدنيا بكل منهما فى منحى مختلف، قضيتان آمن بهما «فريد»، هما الجلاء والدستور، وهما المبدآن اللذان استند إليهما مصطفى كامل فى تأسيس الحزب الوطنى، وكان حريصاً على الإنفاق على جهوده فى الدفاع عن القضية الوطنية من جيبه الخاص، حتى أبلى ثورته، آمن «فريد» بأهمية التعليم بالنسبة للشعب، قناعة منه بأن الشعب المتعلم أحرص على حقوقه من الشعب الجاهل، كما آمن بالحق فى تشكيل النقابات العمالية، فأنشأ أول نقابة للعمال عام 1909، خضع الزعيم لمحاكمة بسبب المقدمة التى كتبها لديوان شعر عنوانه «أثر الشعر فى تربية الأمم»، ليحكم عليه بالسجن، بعدها يسافر إلى أوروبا فتبعث ابنته «فريدة» برسالة إليه ترجوه فيها العودة وتقبل العقوبة والاستسلام للحياة وراء القضبان، ويفعلها فريد ويعود، وبسبب تربص الحكومة المصرية والاحتلال الإنجليزى، اضطر «فريد» إلى السفر إلى أوروبا، ليواصل رحلته فى الدفاع عن حق مصر فى الاستقلال حتى توافيه المنية وحيداً شريداً فقيراً، ويتكفل أحد التجار بالإنفاق على رحلة نقل جثمانه ودفنه فى تراب مصر المحروسة.
كثيرون تنكروا لمحمد فريد، وقد تعجب أن من بينهم سعد زغلول، الذى أرسل فريد خطاباً إليه بعد اندلاع ثورة 1919 يحيى فيه قيادته لها، دون أن يأتيه رد من «الباشا» الذى تزوج من «صفية هانم» ابنة مصطفى باشا فهمى أكبر عميل للاحتلال الإنجليزى!. إنها الأقدار تلعب لعبتها فى حياة البشر، فتكتب على أفراد عائلات بعينها أن تحيا مغبونة أو تموت مغدورة، وتمنح غيرهم مجداً وسؤدداً فوق ما يستحقون. لله تعالى فى أقداره حكمة، وفى خلقه شئون، والإنسان لا يملك فى النهاية إلا التسليم. رحم الله «فريد وحفيدته».