رحلة "أموال الإخوان" في المحاكم.. مِن وإلى أين؟
المستشار الدكتور محمد ياسر ابو الفتوح رئيس لجنة التحفظ وإدارة أموال الإخوان
قالت مصادر قضائية رفيعة المستوى، إن قرارات التحفظ على أموال جماعة الإخوان، ستظل قائمة لحين حسم القضايا بحكم بات ونهائي، في ظل تعدد المحاكم التي تنظر هذه القضايا، موضحة أن المحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، تنظر ما يقرب من 40 طعنًا من هيئة قضايا الدولة، ضد أحكام صادرة من محكمة القضاء الإداري تلغي قرارات التحفظ على أموال الإخوان.
ولم تُصدر "الإدارية العليا" حكمًا واحدًا حتى الآن في شأن تلك الطعون، باستثناء طعن واحد فقط قررت حجزه للحكم بجلسة تعقدها المحكمة أوائل يوليو المقبل، وهو ما يعني "استمرار التحفظ على أموال الأشخاص والكيانات الإخوانية لحين صدور حكم من الإدارية العليا".
مصادر قضائية: «الإدارية» تنظر 40 طعناً للدولة ضد إلغاء قرارات التحفظ.. و«الدستورية» تحسم تنازع الأحكام بين «المستعجلة» والقضاء الإدارى
وأشارت المصادر إلى أنه في حال صدور حكم لصالح "المتحفظ عليهم" من المحكمة الإدارية العليا، فإن قضية "أموال الإخوان"، لن تنتهي بهذا الحكم، إذ لا يزال هناك قرار من محكمة الجنايات بإدراج المتحفظ عليهم على قوائم الإرهاب، إعمالاً لقانون الكيانات الإرهابية، ما يعني استمرار التحفظ على أموالهم، لحين إلغاء القرار بحكم من محكمة النقض، وهو ما لم يحدث، نظرًا لعدم الطعن على القرار حتى الآن أمام محكمة النقض.
وقدمت "قضايا الدولة" للمحكمة الإدارية العليا صورة من قرار محكمة الجنايات بإدراج 1538 إخوانيًا على قوائم الإرهاب، إضافة إلى صورة من قرار قاضي التنفيذ بالتحفظ على أموال المطعون ضدهم، ما دفع دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجة، وسامي درويش، ومحمود أبوالدهب، ومحمود رمضان، إلى إحالة جميع الطعون لدائرة الموضوع بالمحكمة التي يرأسها المستشار محمد مسعود، رئيس مجلس الدولة، ومنح المتحفظ عليهم أجلاً للرد على ما قدمته هيئة قضايا الدولة.
وتبقى المحكمة الدستورية العليا صاحبة القول الفصل في فض الاشتباك بشأن "أموال الإخوان" المتحفظ عليها، إذ تنظر دعويى تنازع أقامهما شخصان متحفظ على أموالهما، طالبًا فيهما بالاعتداد بأحكام محكمة القضاء الإداري الصادرة بإلغاء التحفظ، دون الاعتداد بأحكام محكمة الأمور المستعجلة التي صدرت باستمرار التحفظ على أموالهم.
وقالت مصادر قضائية، إن المحكمة كانت على وشك "فض الاشتباك" بعد أن أوصى تقرير لهيئة المفوضين بالاعتداد بأحكام مجلس الدولة دون أحكام "الأمور المستعجلة"، استنادًا إلى المادة 190 من الدستور الحالي التي تنص صراحة على "اختصاص مجلس الدولة دون غيره، بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه"، ولكن المستندات التي قدمها المستشار أيمن سيد عبدالرحمن، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، باعتباره محامي الحكومة، حالت دون الفصل في القضية، وتم إعادتها لهيئة المفوضين مرة أخرى.
قرار «الجنايات» بإدراج «الإخوان» على قوائم الكيانات الإرهابية يؤجل حسم مصير «الأموال» لحين صدور حكم من «النقض»
وقدم ممثل الحكومة خلال جلسة 14 يناير الماضي، ما يفيد أن قرارات التحفظ "قضائية"، وليست "إدارية"، أي أنها صادرة من قاضي التنفيذ استنادًا إلى حكم محكمة مستأنف الأمور المستعجلة رقم 2315 لسنة 2013، الخاص بحظر نشاط جماعة الإخوان والتحفظ على جميع أموالها ومقراتها، وتمثلت المستندات المقدمة من محامي الحكومة في "صورة رسمية من محضر قاضي التنفيذ، متضمناً كشفين، الأول به أسماء 182 إخوانيًا متحفظًا على أموالهم، والثاني به أسماء 58 إخوانيًا متحفظًا على أموالهم، بينهما أسماء مقيمي الدعويين".
وذكر عبدالرحمن في مرافعته آنذاك أن تقرير هيئة المفوضين الذي انتهى إلى الاعتداد بأحكام القضاء الإداري، لم يلتفت إلى تلك المستندات، وتعامل مع القضية على أن قرارات التحفظ قرارات إدارية تختص محاكم مجلس الدولة بالرقابة عليها.
وقالت مصادر قضائية بلجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان، إن اللجنة تباشر عملها استناداً إلى الحكم رقم 2315 لسنة 2013 الصادر من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة بحظر نشاط جماعة الإخوان، والتحفظ على جميع أموالها ومقراتها.
واعتبرت المصادر أن هذا الحكم "نهائي"، وأنه هو السند لتشكيل لجنة التحفظ، مضيفة لـ"الوطن": القرارات أرقام 1141 لسنة 2013، و950 لسنة 2014، و1164 لسنة 2016، والتي أصدرها مجلس الوزراء، هي التي تنظم عمل وتشكيل واختصاصات اللجنة.
وتابعت أن تلك القرارات سارية ولم تُلغ، وأن جميع قرارات التحفظ تصدر من قاضي التنفيذ إعمالاً للحكم السابق الإشارة إليه، وأن اللجنة فقط تقوم بتنفيذ الحكم وقرارات قاضي التنفيذ.
وأشارت المصادر إلى أنه بجانب حكم "الأمور المستعجلة"، يوجد قرار آخر تستند إليه اللجنة في استمرار التحفظ على أموال الأشخاص والكيانات الإخوانية، وهو القرار الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة في العريضة رقم 5 لسنة 2017 عرائض كيانات إرهابية، في القضية رقم 653 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا، وما تضمنه هذا القرار من إدراج 1538 إخوانياً على قوائم الإرهاب، ما يعني استمرار التحفظ على أموالهم، إعمالاً لقانون الكيانات الإرهابية.
واعتبرت المصادر أن هذا القرار "يؤجل حسم مصير أموال الجماعة المتحفظ عليها، حتى فى حال صدور حكم من المحكمة الدستورية بالاعتداد بأحكام مجلس الدولة، إذ يظل قرار التحفظ قائمًا ومستمرًا لحين إلغائه من محكمة النقض، وهو ما لم يحدث حتى الآن".
يذكر أن لجنة التحفّظ وإدارة أموال جماعة الإخوان، التي يرأسها المستشار الدكتور محمد ياسر أبو الفتوح، أصدرت منذ عملها في 2013، عدداً من قرارات التحفّظ على الأشخاص والكيانات الإخوانية، مستندة في ذلك إلى حكم مستأنف الأمور المستعجلة بحظر نشاط جماعة الإخوان والتحفّظ على جميع أموالها ومقراتها.
وتحفظت اللجنة على 1956 شخصًا، آخرهم 28 شخصًا، بينهم 10 من أبناء وأشقاء القيادي الإخواني المحبوس حاليًا رجل الأعمال حسن مالك، فضلاً عن قيادات مكتب الإرشاد والرئيس المعزول محمد مرسي، ومحمد أبوتريكة، ورجل الأعمال صفوان ثابت، صاحب شركة "جهينة".
كما تحفظت على 252 شركة متنوعة النشاط، آخرها 12 شركة صدر بشأنها قرار تحفظ أمس، أبرزها "بيزنس ميديا جروب للدعاية والإعلان، كابيتال ماركتس إنستيوت، الأريج للملابس الجاهزة، الأندلس للاستثمار العقاري والمقاولات".
كما تحفظت على 92 مستشفى، أبرزها "إنسباير فارما" و"وإنفاير الدوائية" و"المجموعة الدولية للأدوية"، و"مستشفيات رابعة العدوية".
وتحفظت كذلك على 120 مدرسة، وتم إبلاغ النيابة العامة والنيابة الإدارية بمخالفات مالية وإدارية في 9 مدارس، هي: "دار الحنان الخاصة للغات بنين وبنات، المقطم الدولية للغات، المنارة الخاصة بالمنيا، الواحة للغات والدولي، نور الدولية، الفتح الخاصة ببنها، أمجاد الخاصة للغات، منابع العلوم التابعة لإدارة منشأة القناطر التعليمية بالجيزة، العلا جاردن التابعة لإدارة جنوب الجيزة".
وتحفظت أيضًا على 1033 جمعية أهلية، أبرزها "الجمعية الإسلامية للخدمات، والجمعية التربوية الإسلامية، وجمعية شريف الإسلامية، وفرع الجمعية الشرعية".