«الوطن» مع العاملين فى أكبر محطة كهرباء فى العالم
العمل على قدم وساق للانتهاء من مشروع محطة البرلس
«مكنتش بعرف أدوس على أرض المحطة»، قالها المهندس هشام الجندى، المدير التنفيذى لمحطة البرلس، واصفاً بداية العمل بالمشروع فى أكتوبر 2015، بعد بروز التحدى الأكبر متمثلاً فى طبيعة التربة التى كانت على هيئة مستنقعات وطمى استلزم تهيئتها لوضع أساسات للمحطة دق أكثر من 11 ألف «خازوق»، بحسب وصفه، لتثبيت التربة بالمحطة، بعمق وصل إلى 49 متراً، وهو عمق غير موجود فى خصائص التربة لدى باقى محطات الكهرباء.
مدير المحطة: بنشتغل لحد 6 الفجر فى رمضان.. ودراسات تؤكد سلامة محطة البرلس أمام أى تهديد من البحر المتوسط طيلة 40 عاماً مقبلة
«المحطة تقع بين بحر وبحيرة»، هكذا كان التحدى الثانى لتنفيذ مشروع محطة البرلس التى يبتعد سورها الخارجى المحاط بالسلك الشائك أمتاراً قليلة عن حرس الحدود المطل على البحر الأبيض المتوسط، كما تقع شمال محافظة كفر الشيخ التى تطل على بحيرة البرلس، ما يجعل تهديدات ارتفاع منسوب سطح المياه، أو ما يسمى بظاهرة «المد والجزر»، مهدداً حقيقياً للاستثمارات التى تكبدتها الدولة بمحطة «البرلس».
فى محاولة لمواجهة خطر ارتفاع منسوب المياه، لفت «الجندى» إلى أن الشركات المنفذة للمحطة بدأت منذ اليوم الأول فى أعمال الردم بالرمال لتغيير وإحلال التربة وصلت إلى 2 مليون متر مكعب من الرمال، لرفع مستوى الموقع عن منسوب مياه البحر بنحو 2 متر، ومنذ عامين لم تشهد المحطة أى ارتفاع حقيقى للمياه يهدد عمليات إنشائها. كما أن دراسات أشرفت على تنفيذها وزارة الرى، كما ذكر المدير التنفيذى، أوضحت أن محطة البرلس يمكنها الصمود لمدة 40 عاماً مقبلة أمام أى تهديد يأتى من مياه البحر المتوسط.
بدأت تجهيزات التربة بموقع المحطة، كما ذكر «الجندى»، بالتوازى مع وضع أساسات لبناء المحطة فى حال الانتهاء من تثبيت التربة بالموقع، لضمان تنفيذ الجدول الزمنى «المضغوط»، لمحطة كهرباء البرلس، التى يستغرق تنفيذ محطة بحجمها 7 سنوات، فى حين يتضمن الجدول الزمنى الانتهاء من تنفيذها خلال 33 شهراً. وأضاف «الجندى» أن العمل يجرى بالتوازى لتنفيذ أكثر من مهمة داخل مشروع المحطة، ما ساهم فى الانتهاء من المرحلة الأولى من المحطة وفقاً للجدول الزمنى نهاية العام الماضى، فى الوقت الذى وصلت فيه نسبة تنفيذ المحطة حالياً إلى 85%، ما يعنى اقتراب الانتهاء من تنفيذ مهام المرحلة الثانية التى تختتم بالتشغيل التجارى للمحطة، وربطها بالشبكة القومية للكهرباء فى مايو 2018، التى تمثل 15% من إجمالى قدرات الشبكة فى حال الانتهاء من تشغيلها، بل تساهم المحطات الثلاث (البرلس، العاصمة الإدارية، بنى سويف)، بنحو 45% من إجمالى القدرات الإجمالية للشبكة القومية فى حال الانتهاء من تنفيذها، ما يتيح الفرصة لإضافة نصف قدرات الشبكة التى يمتد تاريخها لثلاثين عاماً خلال ثلاث سنوات فقط من خلال ثلاث محطات، وهو إنجاز غير مسبوق فى التاريخ، بحسب وصف المدير التنفيذى.
بنهاية الشهر الحالى، كما ذكر «الجندى»، تعمل المحطة، التى تتكون من 4 موديول يتكون الواحد من 2 توربينة غازية قدرة الواحدة 400 ميجاوات وتوربينة بخارية قدرة 400 ميجاوات، لتشغيل وحدتين بدورة بسيطة بقدرة إجمالية 800 ميجاوات، على أن ينتهى من إضافة 4 آلاف ميجاوات فى ديسمبر المقبل، ويتبقى 800 ميجاوات بعد تشغيل وحدتين فى أبريل ومايو من العام المقبل.
ونجح المشروع، بحسب وصف «الجندى»، فى توفير محطات التفريغ المناسبة لنقل الطاقة المنتجة من المحطة للشبكة القومية للكهرباء، من خلال تنفيذ محطات محولات، وشبكة لأبراج النقل الكهربى، بإنشاء ست دوائر جهد 500 كيلوفولت، وهى أنواع من الأبراج تحتمل نقل قدرات إنتاج كبيرة ويعتمد عليها فى نقل قدرات محطة السد العالى، وتوجد دائرتان فى «إيتاى» جاهزة للعمل، وأربع دوائر فى «سمنود» و«أبوالمطاطير» جارٍ تجهيزها.
مدير الصيانة: لدينا مهندسون مصريون تلقوا تدريبات متخصصة بمساعدة شركة سيمنس الألمانية للتعامل مع برامج الصيانة المتطورة
وتضم محطة البرلس أحدث توربينة غازية فى العالم بتكنولوجيا (إتش كلاس)، حيث تصل كفاءة الوحدات ذات الدورة المركبة لتقليل الوقود بإعادة استخدام بخار الماء إلى 62%، وهى الكفاءة الأعلى على مستوى وحدات الكهرباء عالمياً التى تتراوح كفاءتها حالياً بين 57 و58%، ما يقلل من تكلفة استهلاك الوقود التقليدى لتشغيل المحطات، ليصل إجمالى الوفر بالمحطات الثلاث (البرلس، العاصمة الإدارية، بنى سويف)، إلى مليار دولار سنوياً.
لم تشهد محافظة كفر الشيخ إنشاء محطة إنتاج كهرباء من قبل، كما ذكر المدير التنفيذى للمحطة، ما يجعل نجاح إنشاء محطة كهرباء البرلس قدرة 4800 ميجاوات على خصائص تربة «طينية»، مشجعاً لباقى المستثمرين على إقامة مشاريع لزيادة الجذب السياحى والاقتصادى للمحافظة، التى تعتمد على الصيد مصدراً رئيسياً لدخل معظم سكانها.
«بنشتغل لحد 6 الفجر فى رمضان»، كانت هذه إجابة المدير التنفيذى لمحطة البرلس على طبيعة العمل داخل الموقع، التى ترتفع درجات الحرارة به لأكثر من 30 درجة، خلال شهر رمضان، لافتاً إلى أن نظام الورديات هو المعتمد داخل المحطة، أى العمل على مدار الساعة، من السادسة صباحاً حتى الواحدة والنصف ظهراً، وتبدأ الوردية الثانية حتى التاسعة والنصف مساء، ويتطلب ذلك إفطار بعض العاملين فى موقع المحطة، والوردية الثالثة من التاسعة والنصف مساء حتى السادسة صباحاً، حرصاً على تنفيذ محطة البرلس، التى تعد من المشروعات القومية، وفقاً للجدول الزمنى «المضغوط» المتفق عليه.
تحدث المهندس ياسر يوسف، مدير عام الأعمال المدنية بمحطة كهرباء «البرلس»، عن المعايير التى تختار على أساسها الشركة القابضة لكهرباء مصر العاملين بمحطة كهرباء البرلس فى فترة ما بعد التشغيل، من خلال إعلانات توظيف تضمنت شروطاً محددة، أبرزها الدرجة الجامعية، وسنوات الخبرة، وغيرها من المعايير التى تكون الأساس للتعيين والالتحاق بالمحطة وليس عن طريق التظاهر، كما كان يحدث سابقاً فى بعض المشروعات، ما تسبب فى إلحاق عمالة غير ضرورية بالمشروعات.
«الأعمال المدنية بمحطة البرلس انتهت بنسبة 90%»، أضاف «ياسر»، ويتبقى بعض الأعمال المتعلقة بمأخذ ومخرج المياه من البحر، وأعمال تشطيبات تتعلق ببعض المبانى الإدارية، والطرق. وواجهت العمالة الجديدة من المهندسين بمقر المشروع تحدياً آخر تمثل فى التدريب على أحدث تكنولوجيا توصل لها العالم فى مجال المحطات التى تعمل بالدورة المركبة، خاصة أن برامج تشغيل هذه المحطة تعود ملكيتها الفكرية لشركة «سيمنس» الألمانية، التى تتولى تدريب العاملين المصريين بالمحطة، وفقاً للتعاقد مع الجانب المصرى، والالتزام بجدول من الصيانات أو العمرات الجسيمة يصل إلى 66 ألف ساعة تشغيل أى ما يعادل سبع سنوات.. ولكن ماذا بعد السنوات السبع؟
أجاب المهندس أحمد جاد، مدير الصيانة بموقع توليد محطة البرلس: «لدينا مجموعة من المهندسين المصريين تلقت تدريبات متخصصة فى عمليات الصيانة بأنواعها المختلفة (أجهزة وتحكم، كهرباء، ميكانيكا) بمساعدة شركة سيمنس الألمانية للتمكن من التعامل مع برامج الصيانة المتطورة بالمحطة التى تعد الأحدث على مستوى العالم من خلال التدريب على نظم المحاكاة للمشروع وتجرى لهم اختبارات بعد التدريب».
وأضاف «جاد» أن التخصصات التى تشملها الصيانة بمحطة البرلس تشهد تطوراً مقارنة ببرامج الصيانة بمحطات الكهرباء الأخرى، أبرزها عمليات الصيانة الوقائية، التى لا تنتظر وقوع المشكلات لإيجاد حلول لها سواء من أدلة الصيانة المعتمدة من الشركة الألمانية، أو غيرها من الحلول ببرامج الصيانة.
العمل على قدم وساق للانتهاء من مشروع محطة البرلس
أحد العمال