يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل». وفى الشريعة الإسلامية «الأرض لمن يعمرها»، والهدف هو التعمير والزراعة إلى يوم القيامة حتى لو لم يستفد منها البشر.. تلك تعاليم ديننا الحنيف، عكس ما تفعله حكوماتنا بتدمير الأراضى الخضراء بحجة تنفيذ تعليمات الرئيس لاسترداد الأراضى المنهوبة، ولم يفرقوا بين الظالم والمظلوم. هدم وتدمير الزراعة جريمة لا تُغتفر ولا تسقط بالتقادم، وهى ضد الدين والقانون والإنسانية. مؤكد هناك عرض خطأ على الرئيس بأن الأرض المنهوبة ستحقق للدولة مئات المليارات وتعالج عجز الموازنة، فخرجت بلدوزرات الحكومة من ثكناتها فى حماية الجيش والشرطة وأخذت الصالح بالطالح، وساوت بين الغلابة ومافيا الأراضى، وبين المالك والمغتصب، وهدمت الزراعة، والمنازل التى يسكنها المواطنون من عشرات السنين فى عزبة الصيادين بدمياط وجمصة التى أصبحت مثل حلب كما يصفها أهلها بسبب الدمار الذى لحقها، كذلك المحافظات الصحراوية النائية طالوها بالخراب، حتى عشش حلايب وشلاتين لم تسلم من الغباء، أيضاً البلدوزرات لم ترحم زملاءنا الإعلاميين الذين اشتروا المياه لزراعة صحراء أكتوبر، كما جرفت عشرة آلاف فدان فى وادى النطرون زرعها أصحابها منذ 11 عاماً، حتى المبانى الحكومية تم تدميرها لاستيلائها على أراضى الدولة (كوميديا سوداء)، مثل مبنى الطاقة النووية بالقطامية، ومركز شباب بالبحيرة، ومزرعة أبحاث جامعة المنصورة، تنفيذاً للتعليمات، ويصدّرون اسم الرئيس فى كل كبيرة وصغيرة تُغضب المواطنين. لا أحد يختلف مع نبل الهدف، ولكن الجريمة كانت فى التنفيذ، فالمسئولون استغلوا التعليمات للانتقام من المواطنين، وهم أنفسهم يحاولون حالياً تقنين الكافيهات لتدمير الشباب مستغلين أيضاً تعليمات الرئيس فى مؤتمر الشباب بالإسماعيلية. جبروت الحكومة فى إزالة التعمير لو استخدمته فى ضبط الأسواق وتحرير الأرصفة والشوارع من البلطجية والقمامة واسترداد الجراجات المغلقة وغلق المحال مبكراً لحققت إنجازاً كبيراً يستفيد منه المواطن والرئيس نفسه، لا فرق عندى بين المسئول الذى دمر الصحراء المثمرة والإرهابى الذى يقتل الأبرياء من شهداء الجيش والشرطة والأقباط، فكلاهما ضد تنمية واستقرار الوطن.
القضية كانت تتطلب العرض الأمين على الرئيس لأنه بشر يصيب ويخطئ، وليس مطلوباً منه أن يعمل ويعلم كل شىء ثم تحملوه أخطاءكم، وكان يجب التعامل بحكمة لأن الخسائر كبيرة وقد تؤثر سلبياً على الاستثمار، وتؤدى إلى الاحتقان الاجتماعى وتكدس المحاكم بقضايا التعويضات. والحكمة كانت تقتضى تقنين وضع اليد أولاً وعرض الأرض على حائزها بالسعر العادل، ثم سحبها ممن «سقعها» أو رفض سداد ثمنها مع الحفاظ على الزراعة، فالأراضى لا تملكها الدولة، بل هى ملك للشعب الذى يعمرها ويحميها، وعلى من يدير الدولة مساعدة المواطنين فى تعميرها.
سيدى الرئيس.. الجانى الحقيقى فى هذه القضية هم المسئولون الذين رفضوا توفيق أوضاع الحائزين وتستّروا على فساد المخالفين، أما الذين زرعوا الصحراء فأبطال وطنيون يستحقون الدعم والتكريم، وهم أولى بأرضهم حتى لو كانوا مغتصبين، فالأراضى الصحراوية لا قيمة لها بدون تعميرها، ونحن دولة 95% منها صحراء جرداء، فهل يُعقل تدمير الزراعة ومعها «شقا عمر» أصحابها ونحن نستورد غذاءنا من الخارج؟
سيدى الرئيس.. الذين أشرفوا واستمتعوا بمشاهد تدمير الثمار والآبار لا يستحقون الاستمرار فى مناصبهم لأنهم ظلموا رعيتك باسمك.