استبشرنا خيراً بالقرار الرئاسى بتشكيل الهيئة الوطنية للصحافة، وما تضمنه القرار من أسماء زملاء أفاضل، ومِن بينهم الصديق والأخ العزيز ضياء رشوان، وبقدر السعادة باختياره مؤخراً رئيساً لهيئة الاستعلامات كان قدر الحزن لمغادرته هيئة الصحافة فى توقيت صعب للغاية.
اختيار «رشوان» لهيئة الاستعلامات سيضطره لمغادرة هيئة الصحافة، بحكم قاعدة تضارُب المصالح، بعد أن أصبح مسئولاً كبيراً فى الجهاز التنفيذى، وتابعاً لرئيس الجمهورية مباشرةً، الأمر الذى يجعل وجوده فى هيئة مستقلة مسئولة عن الصحافة القومية غير ممكن.
من الطبيعى أن يمثل انتقال «رشوان» خسارة كبيرة للصحافة القومية وغير القومية، لما يمتلكه من مواصفات مميزة، فهو كان نقيباً للصحفيين يعرف الكثير عن مشكلات وأزمات أبناء المهنة، كما يعرف الكثير عن تفاصيل العلاقة بين رؤساء المؤسسات القومية والنقابة، فضلاً عن كونه مديراً لأكبر مركز أبحاث فى أكبر مؤسسة صحفية قومية «الأهرام»، ما أتاح له التعرف عن قرب على أزمات المؤسسة وكيفية التعامل معها.
ومن أبرز ما كان يميز وجود «رشوان» فى الهيئة الوطنية للصحافة أنه مؤسس اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية، التى وإن كنت تتفق أو تختلف معها وما أنتجته من منتج قانونى، إلا أن تلك اللجنة برئاسة «رشوان» حرّكت المياه الراكدة فى الوسط الصحفى والإعلامى، واستطاعت أن تخرج من الصندوق التاريخى لمفهوم الإعلام، وأن تخترق مجالات جديدة غير مطروقة، وأن تنتقل بمفهوم الإعلام لآفاق أرحب، وتقدم رؤى مختلفة، وتقنن مفاهيم جديدة، وتلغى مفاهيم قديمة وجبت إزالتها، وتصوغ إطارات حديثة لو تم تنفيذها بدقة وخبرة عالية، ستنتقل الصحافة المصرية لمكانة مختلفة مرجوة.
المسألة ليست فى فهم القوانين أو معرفتها، وإنما فى رؤية التشريعات وأدوات وخبرة تنفيذها، وتصوّر الحالة المطلوب أن تكون الصحافة المصرية عليها، والصلة بين الأدوات المختلفة من مؤسسات ووسائل متعددة إدارية ومهنية وخلافه فى تحقيق هذه الرؤية، فالصحافة القومية عمود الخيمة للصحافة المصرية، فلو انصلحت لانصلح حال الصحافة الحزبية والخاصة، ولو انهارت فستترك آثاراً سلبية عميقة على الصحافة المصرية عامة.
خسارة الصحافة المصرية لـ«رشوان» مكسب فى المقابل لهيئة الاستعلامات، التى تعانى الكثير من الأمراض المزمنة، وفقدت دورها الحيوى فى الترويج لمصر، وعرض حقائق الأمور على الدوائر المعنية بالخارج، والتعامل مع المجتمع الدولى من خلال مراسليه فى مصر، واعتقادى أن الرئيس الجديد للهيئة يمتلك خبرات تؤهله للخروج بها إلى دوائر أوسع وأكثر رحابة فى تنفيذ مهام أصبحنا فى أشد الاحتياج لها.
بعيداً عن منطق المكسب والخسارة، فالوطن فى حاجة إلى حركة أكثر سرعةً بالحقل الإعلامى، والحاصل يؤكد أننا نتحرك ببطء لا يتناسب مع الواقع واحتياجاته، وتأخّر مناقشة قانون الإعلام الموحَّد أو القوانين الإعلامية المطلوبة يقول إننا لا نتحرك فى الاتجاه الصحيح.