"أمين" يواجه "بطش البلدية" بلافتة "ارحموا البياعين": سيبونا ناكل عيش
ابو عبد الله
"يا رؤساء حي الدقي.. ارحموا البائعين في شارع نادي الصيد.. إحنا مش تاعبين حد.. الريس قال سيبوا الناس تاكل عيش"، كلمات نظمها "أبوعبدالله" بعدما فاض حماسه وغلب عليه الطابع الثوري، فأحضر لوحة بيضاء صغيرة وعلقها على سور معهد البحوث الزراعية بشارع نادي الصيد بحي الدقي، وكتب عليها رسالة إلى البلدية باللون الأحمر، في محاولة منه لوقف تجاوزتها مع الباعة الجائلين.
محمد أمين الشهير بـ"أبوعبدالله"، يعمل بائعا متجولا أمام سور مكتب بريد الدقي منذ أكثر من 30 عاما، "بشتغل هنا من زمان قوي والناس كلها تعرفني".
"بطش البلدية المتكرر" أكثر ما يضايق "أبوعبدالله" أثناء عمله، حسبما شكى لـ"الوطن"، "مش سيبيني في حالي، مابقتش عارف أكل عيش"، يفاجأ دومًا بقوات البلدية باحتجاز بضاعته رغم سماحهم له بالبيع أمام معهد البحوث الزراعية "ملهمش كلمة، يدوب نفرش وييجوا ياخدوا الحاجة تاني، عشان كدة خسارتي أكتر من مكسبي".
يحكي "أبوعبدالله" تفاصيل معاناته مع البلدية والقرارات الوزارية المختلفة من وزير لآخر، "كنا بنشتغل قدام وزارة الزراعة، والوزير كان يعدي من وسط البياعين وما يتكلمش، والوزير اللي جه بعده كان كويس وبخلينا نشتغل، لكن الوزير الأخير مشى كل البياعين من قدام الوزارة" هكذا وصف البائع معاناته مع "البلدية".
الرجل الأربعيني الذي اشتهر ببيع لعب الأطفال، يعيش في مطاردات يومية متكررة من قبل حي الدقي، ليس وحده بل نظرائه أيضا، إلى أن استقروا في شارع نادي الصيد، حيث الهيئات والمصالح الحكومية المكتظة بالموظفين الذين يقصدهم الباعة الجائلين لبيع سلعهم، ما دفع "أبوعبدالله" لعرض بضاعته في توقيت خروجهم، "بنشتغل من الساعة 7 الصبح للساعة 2 الضهر".
لم تأت اللافتة التي كتبها "أبوعبدالله"من فراغ، بل كانت نابعة من حبه للكتابة والرسم بالخط العربي، يقول: "من صغري وأنا بحب اكتب واعمل لوحات بخط حلو"، وكان يشارك في كتابة العديد من اللافتات في ثورة 25 يناير بميدان التحرير، يتذكر "أنا ثورجي، كنت قاعد وسط الميدان بكتب لوحات وبهتف مع الثوار لحد ما الثورة نحجت".
زادت مداهمات البلدية لـ"أبوعبدالله"، فاضطر للتصالح معهم، إلا أن ذلك لم يمنعه من كتابة اللافتة بعد احتجاز البلدية لبضائع زملائه الذين يرافقونه البيع في المكان نفسه، "أنا والبلدية بقينا حبايب، وكتبت اللوحة دي عشان الناس اللى بتيع هنا اتبهدلت".
بعد حصول "أبوعبدالله" على دبلوم تجارة منذ أكثر من 20 عاما، تقدم لشغل وظيفة سكرتير بمشيخة الأزهر، ورغم قبوله بها إلا أنه لم يعمل بها قط، نظرا لإدارته برفقة أشقائه "مقلة" ورثوها عن والدهم بروض الفرج، وسرعان ما ترك أخوته وفكر في عمل مستقل ينفق من خلاله على أسرته الصغيرة.