أعلم أن كثيراً ممن يؤمنون بالثورة يشعرون بالقلق وهم يرون الكثير من الوجوه التى أطفأتها الموجة الأولى من ثورة 25 يناير بدأت تطل من جديد مع نجاح الموجة الثالثة للثورة التى اندلعت فى 30 يونيو للإطاحة بحكم جماعة الإخوان. على هؤلاء جميعاً أن يطمئنوا تماماً؛ إذ لا يوجد أى داعٍ للقلق مع وجود ضمانة أساسية قادرة على حماية مطالب وأفكار وقيم ثورة يناير، هذه الضمانة هى الشعب، تلك الصخرة التى سوف تتحطم عليها أحلام أى فاسد يريد أن يعود بعجلة الزمن إلى الخلف، إلى ما قبل 25 يناير 2013.
على الجميع أن يتعلم من درس «مرسى» وجماعة الإخوان؛ فالطرفان لم يكن لهما من همٍّ سوى استنساخ نظام ما قبل الثورة، ليحل «المعزول» مكان «المخلوع»، وتحل «الجماعة» محل «الحزب الوطنى»، وفساد «أهل الحظوة والخطوة» محل فساد «الأهل والعشيرة»، وعصا «الميليشيات الإخوانية» محل عصا «الشرطة العادلية». لم يتطلب الأمر أكثر من «100 يوم» من حكم «المعزول» حتى أدرك الشعب حقيقتهم، وبدأ فى التحرك فى مليونية كشف الحساب، ليأخذ الغضب الشعبى فى التصاعد شهراً بعد شهر، حتى انتهى الأمر بالموجة الثالثة للثورة فى 30 يونيو، حين أطلت علينا بعض «الوشوش» التى أثارت قلق المؤمنين بالثورة.
هيهات هيهات لما توعدون.. أى نظام جديد سيحاول إحياء ما ثار المصريون ضده سيكون مصيره مثل مصير المخلوع ثم المعزول. لقد غدت مصر مثل تلك القرى التى ضرب الله بها المثل فى القرآن الكريم، القرى التى ضلت ولم يعد أمامها إلا أحد طريقين: إما طريق الهدى والرشاد، وإما طريق السحق والخراب، لا يوجد طريق ثالث، إذا لم يرضخ الجميع لقيم وأفكار ومطالب الثورة التى قامت من أجل الإصلاح، ويصبحوا أدوات فى طريق تحقيق أهدافها فى بناء مصر جديدة، فسوف يكون مصيرهم السحق بالأحذية. لم يعد فى جراب صبر المصريين منزع لسهم جديد، وهذا الشعب لن يرضى إلا بطريق الإصلاح، وأى اعوجاج سوف يظهر من هذا الشخص أو ذاك، لن يقابَل من جانب الشعب إلا بالخلع أو بالعزل أو بالسحق.
أُطمئن كل من يؤمن بثورتنا المجيدة أن نظام المخلوع لن يعود، ونظام المعزول لن يرجع؛ لأن هذا الشعب قرر أن يصوغ مستقبله بيديه، وأن يجعل من شوارع وميادين مصر مكاناً لجمعيته العمومية التى يراجع فيها أداء من يحكمه، ويوجهه مرة واثنتين وثلاثا، فإذا لم يلتزم بما يطالب به الشعب، فالملايين سوف تتكفل به، وتعيده إلى حيث كان. إرادة هذا الشعب لن تعلوها إرادة بعد الآن؛ لأن إرادة الشعب من إرادة الله، وإذا كان الدوام لله من قبل ومن بعد.. فالدوام فى هذه الدنيا للشعب، والوجوه التى تفزع المؤمنين بالثورة إلى زوال.