"ارتفاع أسعار اللحوم" أزمة يواجهها المصريون قبل عقود عديدة، فكل حكومة تختلف طريقتها في الحل عن الأخرى، لتوفير بدائل احتياجات المواطنين الأساسية من السلع، حيث نشرت جريدة الأهرام في عددها رقم 35903، الصادر بتاريخ 4 إبريل عام 1985، في الصفحة الثالثة باللون الأبيض والأسود، متناولة الأزمة في تحقيق مصغر بعنوان "الأرنب العملاق.. هل يوقف انفجار أسعار اللحوم"، وعنوان فرعي "الأرنب يصل وزنه إلى 16 كيلو، والأنثى تلد 13 أرنبًا كل شهر".
وبداخل التحقيق الذي تناولته جريدة الأهرام عن طريقة مواجهة الحكومة أزمة ارتفاع سعر اللحوم في ذلك الوقت، رصدت معلومات عن الأرانب العملاقة المستوردة من ألمانيا، فهي الأكبر حجما بين الحيوانات الموجودة في مزرعة الإنتاج المكثف بكلية الزراعة جامعة عين شمس، حيث يصل حجمها إلى 9 كيلو جراما في المتوسط عند بلوغه، ويكون وزنه عند ولادته 400 جرام، وتلد الأنثى 7 مرات خلال السنة في كل مرة مابين 10 إلى 13 أرنبًا بواقع 140 كيلو جرام لحم في المتوسط.
تفوق كمية اللحوم التي تنتجها هذه الأرانب في الثمانينات، كمية اللحوم المنتجة من الأبقار سنويا، وفقا للدكتور أحمد أنور رئيس قسم الإنتاج الحيواني بكلية الزراعة وقتها، والذي أكد في التحقيق، أن العالم كله في ذلك الوقت يتجه إلى الحيوانات الداجنة مثل الطيور والأرانب للقضاء على أزمة اللحوم.
هذا الإنتاج الضخم ليس طبيعيا كليا بل تدخلت فيه عوامل أخرى، حيث يتم حقن الأمهات بهرمون التبويض ويتم التخصيب عن طريق التلقيح الصناعي، وتمتاز هذه الأرانب العملاقة بالشراسة، لذا يعمل المشرفون على خداعها لتقديم الرعاية الطبية لها، ورغم أن "الأرنبة العملاقة" شديدة الأمومة والدفء على أولادها، إلا أنها في حالات كثيرة تتضطر لأكلهم لاسيما إذا أحست بالخطر الداهم حولهم، لذا يستخدم العاملون فى هذه المزارع طريقة "دس" الأبناء عن الأم، في حالة وفاة الأم أو حينما تنجب أكثر من 8 أرانب فلا تستطيع توفير الرعاية الكاملة لهم، وتتمثل الطريقة في خلط الأرانب اليتيمة أو الزائدة بشعر ورائحة الأم على حين غفلة منها لوضعها "تحت أمهات تانية من الأرانب" لتقدم لهم الرعاية.
غذاء هذه الأرانب ليس كغذاء الأرانب الأخرى، فنشرت جريدة الأهرام في تحقيقها عام 1985، أنها تتغذى على خلطة "الدريس" مضافا إليها 25% بروتين، وحوالي 3 آلاف و500 سعر حراري لتعويض دهون زيوت الطعام، وإلا فإن الأمهات تمتص الأجنة نتيجة ضعف الأغذية وينقص الإنجاب في هذه الحالة. التحقيق أكد على أن جهود الدولة من أجل القضاء على أزمة اللحوم، لم تقتصر على الأرانب العملاقة فقط، بل لجأت إلى الأرانب الفرنساوية، فهذا النوع صغير الحجم ويصل وزنه نحو 4 كيلو جرامات، وكذلك النوع النيوزلاندي الذي يصل متوسط حجمه إلى 16 كيلو جراما في المتوسط.
تعليقات الفيسبوك