هذا الأسبوع فازت لاعبة التنس اللاتفية «يلينا أوستابينكو» بلقب بطولة فرنسا المفتوحة (رولان جاروس)، كأول لاعبة خارج التصنيف تفعلها.. «أوستابينكو» مواليد 8 يونيو 1997، وهو التاريخ ذاته الذى فاز فيه لاعب التنس البرازيلى «جوستافو كويرتن» (مواليد 1976) بلقبه الأول فى البطولة نفسها وكان هو أيضاً أول لاعب رجل غير مصنف يفوز بتلك البطولة.
والصدف من هذا النوع متكررة؛ فقد أشيع عن الكاتب الأمريكى «إدجار آلان بو» بعد مماته أنه امتلك آلة للزمن؛ وأصل القصة أنه فى عام 1838 كتب «بو» روايته «حكاية آرثر جوردن بيم من نانتاكيت» وبها قصة أربعة بحارة نجوا من غرق سفينتهم واضطرتهم الأحداث إلى أكل أحد صبية السفينة ويدعى «ريتشارد باركر».. وبعد 46 عاماً بالتحديد من نشر الرواية غرقت سفينة حقيقية وحكى من نجوا أن الجوع أجبرهم على أكل صبى يدعى «ريتشارد باركر»! وبالمناسبة فإن اسم «ريتشارد باركر» هو الاسم الذى اختاره المؤلف الكندى «يان مارتل» لشخصية النمر فى رائعته الحديثة «حياة باى»، وهو نمر يعيش على قارب نجاة عقب غرق سفينة ويأكل هو نفسه بعض الناجين.
ولكنها ليست آلة الزمن، بل الصدفة التى قد تجعل الخيال يتطابق مع الحقيقة؛ ففى عام 1898 كتب الأمريكى «مورجان روبيرتسون» رواية بعنوان «حطام التايتان»، لم تنل حظاً من الشهرة لأن أحداثها «عادية»، فهى تحكى عن سفينة كبيرة قيل إنها غير قابلة للغرق، وكانت تفتقر للعدد الكافى من زوارق الإنقاذ، وتسمى «تايتان» وتسير فى المحيط الأطلنطى فى رحلة من بريطانيا إلى أمريكا، ولكنها تصطدم بجبل من الجليد وتغرق! هنا تنتهى الرواية لكن باقى القصة معروف؛ ففى عام 1912 غرقت السفينة «تايتانيك» الشهيرة بنفس طريقة الرواية!
والصدف قد تأتى فى الجيرة؛ فالموسيقار الإنجليزى، من أصل ألمانى، «جورج هاندل» كان يقطن العقار رقم 25 شارع «بروك» بمدينة «لندن»، بينما العازف الأمريكى، من أصل أفريقى، «جيمى هندريكس» كان يسكن العقار رقم 23 فى الشارع نفسه، وهذا عادى، لكن الطريف هو أن الفاصل الزمنى بين السكنين نحو مائة عام!
وقد تأتى مصادفة الجيرة تحت الأرض، فالمسافة بين قبرى أول وآخر جندى قتيل بريطانى فى الحرب العالمية الأولى نحو أربعة أمتار، على الرغم من أن تلك الحرب استمرت أربع سنوات! فالجندى البريطانى «جى بار» قُتل فى أولى معارك الجيش البريطانى بهذه الحرب، يوم 23 أغسطس 1914.. أما زميله الجندى «جى أليسون» فقد قُتل فى آخر أيام الحرب فى 11 نوفمبر 1918.. ويقع مدفن الجنديين فى مقابلة بعضهما البعض دون أى ترتيبات مسبقة لذلك، وكأن الأخير يحكى للأول تفاصيل سنوات الحرب الأربع التى فاتته!
وقد تجمع الصدف الشتيتين بعدما ظنا أن لا تلاقيا؛ فمن أطرف حوادث السيارات تلك التى حدثت فى ولاية أوهايو الأمريكية عام 1895 حين اصطدمت سيارتان ببعضهما، والطريف هنا أن ولاية أوهايو كلها فى هذا التاريخ لم يكن بها سوى هاتين السيارتين فقط!
ولعل أغرب تلك الحوادث هو ما حدث فى جزيرة برمودا (بمنطقة هاميلتون) فى يوليو من عام 1975، حيث كان الشاب «إيرسكين لورانس» (17 عاماً)، يقود دراجته البخارية حين صدمه تاكسى وقتله.. الغريب أنه قبل هذه الواقعة بعام واحد فقط، وفى يوليو أيضاً، كان «نيفيل» أخو «إيرسكين» قد أتم عامه الـ17 حين قاد الدراجة نفسها وصُدم بالتاكسى ذاته، الذى كان يحوى السائق والزبون بعينهما! (وكان السائق يدعى «ويليرد ماندرز»).. كفانا الله شر مساؤى الصدف.