من حقنا نفرح ونزقطط ونضحك ونتفرج على الكاميرات الخفية والمسلسلات الرمضانية ونسهر للفجر، متوهمين أننا أنجزنا المهمة والباقى على الجيش والمعونات والهبات والمنح والقروض والشحاتة، لهذا سيكون لنا حديث جاد بعد العيد، حديث فى المسكوت عنه من التحديات المرعبة والملفات الشائكة والتراكمات السرطانية والألغام التى سيزرعها الإرهابيون من جماعة الإخوان الدمويين والتابعين والمأجورين وشركائهم من الحمساويين!!
أعلم أن الوقت غير مناسب الآن للحديث عن هذه التحديات، والشعب المصرى ما زال يتنفس الصعداء بعد عام من السواد والهم والغم والخوف والاكتئاب، والحمد لله أن البسمة قد عادت إلى وجوه المصريين بالخارج والداخل بعد أن قدّموا للبشرية نموذجاً فريداً، كيف تخلع ديكتاتوراً بمظاهرات سلمية فى 18 يوماً ثم تخلع الثانى رغم أنك تُحدد له موعداً باليوم والساعة وتقول له: «بالأدب هتمشى يعنى هتمشى» ويمشى غير مأسوف عليه وعلى أهله وعصابته، لتتعلم الشعوب كيف تتمرد على أى حاكم يتصور أنه فرعون، وها هما الشعبان التونسى والمغربى قد بدآ يتمردان، والشباب حول العالم بدأ يردد الفكرة ويتبناها لتعود مصر إلى دورها التاريخى، وتسهم فى تطور الحضارة الإنسانية بعد أن عدل المصريون الهرم، فالهرم ظل مقلوباً ستة آلاف سنة.. «القمة» على رأسها فرعون يأمر القاعدة فتطيع وتنفذ، ومن يخالف أو يختلف يسجن أو يسحل أو يعدم أو يتركوه ينبح!!
الجديد بعد 30 يونيو أننا عدلنا الهرم لتصبح القاعدة بعقولها وعلمائها وخبرائها ومبدعيها هى التى تأمر الحاكم باعتباره موظفاً حكومياً اختارته لإدارة شئونها، وعليه أن يطيع ويسمع صوتها، ويحترم دستورها.. ودستورنا الآن عبارة عن 6 كلمات: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية، وباقى المواد ما هى إلا تفاصيل وتفاسير وآليات لتحقيق هذه الست كلمات.. من يحققها نرفعه فوق أكتافنا بعد خروجه من الوظيفة، وإن خالفها أو فشل فى تحقيقها خلعناه، وربما حاكمناه إذا ارتكب أى جريمة فى حق الشعب أو الوطن!!
كما كان الجديد بعد 25 يناير هو عودة الوعى الذى أدى إلى المشاركة فى المسئولية من كل الفئات والطبقات، والفضل فى ذلك للإعلام المكتوب والمرئى والمسموع، وما قامت به الشخصيات الوطنية التى سيُسجل لها التاريخ هذا الدور العظيم، وسوف نتحدث عن دور الإعلام فى مرحلة ما بعد رمضان، لأننى فى الحقيقة خائف ومتخوف وقلقان من «الوليمة»، وليمة المحاكمات القادمة وما ستكشفه من معلومات وأسرار وفساد وتخابر وأدوار لشخصيات كنا نتصور أنها وطنية وستظهر لها تسجيلات بالصوت والصورة وعقود وشيكات وعمولات وتوقيعات و.. و.. سوف تكون كلها إغراءات للصحف والمجلات والبرامج والقنوات!! «خايف» نستغرق ونغرق فى فسافيسها وتفاصيلها وننسى موضوعنا الأصلى والمهم، وهو بناء مصر الجديدة، مصر التى نحلم بها.. مصر الجاذبة والجذابة!!
خوفى أن ننشغل بالنميمة، ونستحلى اللتّ والعجن والقيل والقال.. ويفتر حماسنا وتضيع منا أهدافنا وتتضاعف التحديات أمامنا، ويبدأ العالم فى تغيير فكرته عنا، فيدير ظهره لنا، خاصة ما سيظهر من أمراض النخبة فى خناقات وخلافات وصراعات على الكرسى الكبير وكراسى مجلس الشعب فى الانتخابات القادمة، فيفقد الشعب الأمل فينا ويفقد الثقة فى نفسه، وهذا ما لا نرضاه، ولا نتمناه، ويجب علينا جميعاً أن نقف له بالمرصاد.
بعد رمضان وإجازة العيد، يجب أن يستعد كل مصرى ومصرية من الآن، أنه مشارك غصباً عن عينه فى تحمّل المسئولية وبناء بلده فى إعداد المستقبل لأبنائه وأحفاده، ومن يتخاذل أو يحاول إحباطنا، فعلينا أن نوبخه ونزدريه ونؤنبه، فالبلد بعد ستة آلاف سنة ولأول مرة فى تاريخه أصبح بلدنا كلنا.. بلد البنائين المخلصين الوطنيين، ولا مكان فيه للأنانيين والمصلحجية والمتسلقين أو الباحثين عن أدوار هلامية ولا مكان لمتآمر.. أو قاتل أو إرهابى إلا وراء القضبان!!
وسأبدأ بنفسى: بعد العيد مباشرة سنعيد بنك الأفكار والمبادرات بكل ما فيه من دراسات جدوى لمشروعات قومية سبق وقدمناها ولم تتحقق، وسندعو كل مصرى بالخارج والداخل ليشارك بأفكاره ورؤاه، وما لديه من دراسات وأبحاث فى الزراعة والصناعة والطاقة والأمن والتعدين وتكنولوجيا المعلومات والنقل النهرى والبحرى وكل مناحى الحياة، لنقدمها لصاحب القرار مجاناً باعتبارنا جميعاً متطوعين.
سنبدأ بأول فكرة، وهى إعداد ملفات كاملة للشباب الوطنى الذى تتوافر فيه المواصفات القياسية للقيادة، كما تفعل الدول المتقدمة، بأن يكون لديها بنك مملوء بأسماء الشباب من 25 سنة إلى الخمسين ممن لديهم «c. v» تؤهلهم لمراكز القيادة، وبالمعايير العالمية ويتم التفاضل بينها دون معرفة اسمها أو معتقداتها أو انتماءاتها، ليصبح لدينا رصيد من مائة ومائتين وخمسمائة شاب على الفرازة.. تكون ملفاتهم جاهزة عندما نحتاج رئيساً للحكومة أو وزيراً أو محافظاً أو مسئولاً كبيراً فى موقع حكومى، وليس كما هو حالنا الآن، ففى كل مرة نشكل حكومة نقع فى حيص بيص، نضرب أخماساً فى أسداس، وبختك يا أبوبخيت وكما حدث مراراً أن يُستدعى شخص للوزارة وبعد أن يحلف اليمين نكتشف أنه شقيق الذى تم ترشيحه أو أنه تشابه أسماء أو أن لديه مشكلة أو نتسرّع فى الاختيار لضيق الوقت، فسنظل نختار الوزراء وغيرهم من نفس الأسماء المستهلكة والمترهلة التى لا تعبر أبداً عن روح العصر وطموحات الشباب وآمال الناس!!
وأخيراً رسالة عاجلة إلى الرئيس المؤقت:
البلد محتاج إلى حزم وحسم وانضباط والبداية:
1 - قطع أصابع «مرسى».. ممدوح شاهين وبجاتو وأمثالهما قبل أن يجهضوا الثورة ويعوجوا مسارها كما فعلوها سابقاً، فلا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين (الإعلان الدستورى.. شاهد مش كده ولا إيه؟).
2 - طرد السفيرة الأمريكية التى أهانت الشعب بتدخلاتها السافرة وداست بحذائها على إرادة المصريين بعد أن صوت ملايين الملايين بأقدامهم على إسقاط النظام الإرهابى فى 30 يونيو، فالأمريكان لا يعرفون سوى لغة القوة والمصالح، ومصالحهم لدينا أكثر وأخطر، وأهم من مصالحنا معهم، اسألونى وجربوا، هيرجعوا 360 درجة، دول يخافوا ما يختشوش!!
3 - كفانا «ميوعة سياسية»، فالثورة ثورة، أما الإصلاح فهو شىء آخر تماماً، فانتبهوا قبل أن تحدث ثورة ثالثة بحق وحقيقى!!
ونستكمل بعد رمضان والعيد وكل سنة ومصر بخير!!