حكومة المهندس شريف إسماعيل حكومة مفتحة.. ما يعطيه الرئيس باليمين تسلبه الحكومة من المواطن بالشمال. «حاكِم كل قرار وله قواعد تحكم تطبيقه»، وتلك هى الحكمة من وجود الحكومة!. الرئيس قرّر زيادة دعم الفرد على البطاقة التموينية إلى 50 جنيهاً (بدلاً من 21 جنيهاً). يوم الخميس الماضى خرج وزير التموين على المصيلحى وأعلن فى مؤتمر صحفى عدة قرارات، أبرزها رفع سعر سكر التموين من 8 إلى 10 جنيهات، ورفع سعر الزيت من 12 إلى 14 جنيهاً، مع حرمان الفرد الخامس داخل أى أسرة من دعم الـ50 جنيهاً ليصبح 25 جنيهاً فقط.
كما تعلم، هناك أحاديث تتردد عن رفع أسعار البنزين والسولار والكهرباء خلال شهر يوليو المقبل، وتأثير هذه الزيادات على التضخم فى أسعار كل السلع والخدمات مفهوم، وبالتالى من المتوقع أن ترتفع أسعار السلع التموينية من جديد نتيجة ارتفاع أسعار البنزين والسولار والكهرباء لتلتهم أى زيادة فى الدعم الموجّه إلى الطبقات الأولى بالرعاية. أما مسالة حرمان الفرد الخامس من الأسرة من الزيادة التى قرّرها الرئيس فمفهومة على أساس أن الدولة تُشجّع الأسرة المصرية على تنظيم النسل، بحيث لا يزيد الإنجاب عن طفلين، فإذا أضفنا إليهما الأب والأم، نحصل على عدد أفراد الأسرة المثالية والمتمثل فى 4 أفراد، يكونون جديرين بالزيادة المقرّرة فى دعم التموين.
أذكر أننى حدّثتك فى ما سبق عن العلاوات التى قررتها الحكومة للموظفين، ووافق عليها مجلس النواب، سواء العلاوة الاجتماعية أو علاوة الغلاء، وقلت لك إنها خطوة جيّدة وإيجابية، لكننى تخوفت من أن يؤدى المزيد من القرارات الحكومية التى تقع تحت يافطة «إجراءات الإصلاح الاقتصادى» إلى ابتلاع أى زيادات، ومنبع هذا التخوف هو أداء الحكومة نفسها الذى يعمل على فرض إجراءات تؤدى إلى إبطال مفعول أى قرارات حمائية تستهدف محدودى الدخل الذين يزيد عددهم بإيقاع سريع طوال السنوات الماضية.
وقد أكد وزير التموين فى «مؤتمر الخميس» أن قرارات الزيادة فى الدعم، وكذا قرارات الزيادة فى أسعار السكر والزيت سوف تطبّق بداية من يوليو المقبل، وهو الشهر الذى توعّدنا فيه بعض المسئولين بزيادة أسعار المشتقات البترولية. المشهد واضح، وأداء الحكومة قطعى الدلالة على أنها لا تفكر سوى فى الأرقام، وإصلاح الخلل المالى فى الموازنة على الورق، وليس باجتهاد فى إصلاح الواقع. الحكومة سادرة أيضاً فى منهجها الأثير فى إدارة اقتصاد الدولة، منهج «تلبيس الطواقى»، فهى تلبس هذا طاقية ذاك. المواطن المصرى هذه الأيام تائه توهة الإنسان «المخبوط على رأسه». تنظر الحكومة إليه وهى تجده يبتلع قراراتها الواحد تلو الآخر، فتقول إنه راض ومستكين وقابل لأسلوب إدارتها، وتقديرى أن الأمر ليس كذلك، حالة المواطن المصرى هذه الأيام هى حالة الإنسان المخبوط على رأسه كما ذكرت، خبطة جعلت العقل مشلولاً عن التفكير، والعيون من زجاج، تنظر ولا تكاد تبصر، والأذن «مدووشة»، تستقبل أصواتاً كثيرة، لكنها لا تفهم منها شيئاً، والأقدام والأيدى عاجزة عن الحركة، ما لا تستوعبه الحكومة أن أموراً كثيرة يمكن أن تختلف بعد أن يزول إثر «الخبطة» ويفيق المواطن لنفسه.