المفتي: يجوز إرسال زكاة الفطر من المصريين المقيمين بالخارج
شوقي علام
قال الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية، ردا على سؤال شخص حول ما مدى شرعية نقل الزكاة والصدقات من المصريين بالخارج، إن الأصل في أموال الزكاة أن تخرج ابتداءً مِن أغنياء كل قوم لفقرائهم، حتى يتحقق المقصد التكافلي، ويحصل الاكتفاء الذاتي.
وأضاف علام عبر موقع "دار الإفتاء المصرية"، أنه "تظهر العدالة المجتمعية، وتقل الفوارق الطبقية، وتُحَلَّ المشكلاتُ الاقتصادية، وتزدادَ وفرة وسائل الإنتاج وتضعف نسبة البطالة، فترتقي بذلك أحوال الأمم والشعوب، وتتوطد أسباب الحضارة. وعلى ذلك كان يجري غالب العمل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، وهو ما تقتضيه مبادئ السياسة الشرعية، ونص عليه الفقهاء فيما قرروه من المحددات العامة لوظائف الدولة وسياساتها الاقتصادية والمالية. وهذا الأصل يجري أيضًا في زكاة الفطر؛ فقد فرضتها الشريعة أصالة لإغناء فقراء كل بلد عن الحاجة في العيد".
وأوضح مفتى الديار المصرية أن الفقهاء متفقون على مشروعية نقلها -بل ووجوبه- إذا زادت عن حاجة البلد، وأكثرهم على إجزائها إذا أُعطِيَت لمستحقيها ولو بغير بلدها، وحكي فيه الاتفاق والإجماع، مضيفا: "فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأتيه المحتاجون فينظرهم حتى تأتيه الزكاة من خارج المدينة ليعطيهم منها، وكان عمال النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأمصار -ومنهم: معاذ بن جبل رضي الله عنه- يرسلون إلى المدينة بجزء من الزكاة، ونقل عدي بن حاتم رضي الله عنه زكاةَ قومه إلى المدينة، ونقل هو والزبرقان بن بدر رضي الله عنهما زكاةَ قومهما إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه".
وأشار جمعة إلى أن الشريعة في الزكاة مصالح أخرى راجحة، كاشتداد الحاجة، وإغاثة المنكوبين، وأولوية قرابة المزكي وعصبته، وانتمائه لوطنه؛ تحقيقًا لمعنى التكافل الاجتماعي والترابط القومي، ونقلها من بلاد غير المسلمين إلى بلاد الإسلام، وراعت أيضًا ازدياد أهمية جهة معينة من مصارف الزكاة على غيرها؛ تحقيقًا لمقاصدها الشرعية ومصالحها المرعية على الوجه الأتم. والمتأمل في نصوص الشريعة وفعل السلف الصالح ونصوص فقهاء المذاهب الفقهية يلحظ أن هذا المقصد أعمُّ من أن يكون مقصدًا مكانيًّا بحتًا، بقدر ما هو مقصد انتمائي تكافلي اجتماعي، يدور في فلك تقوية الانتماء في نفوس المسلمين؛ دينيًّا كان هذا الانتماء، أو وطنيا، أو قبليا، أو عائليا، أو ولائيا.
وأكد أن إرسال المصريين بالخارج لزكاة أموالهم إلى مصر مساهمة فعالة في تنمية الوطن وتقويته وإنعاش اقتصاده، خاصة في تلك المرحلة التي تمر بها مصر، ومساهمة منهم في سدِّ احتياجات أهلها، والإنفاق على مصارف الزكاة فيها هو مِن مظاهر حب الأوطان، وحب الوطن من الإيمان، وهو معنى مقاصدي معتد به شرعا.
واختتم، قائلا: "من المستقَر عليه في دار الإفتاء المصرية منذ عهد الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية عام 1946م، وحتى يومنا هذا أنه يجوز نقل الزكاة إلى مصارفها الشرعية في غير بلدها عند الحاجة وللمصلحة، ويجوز إرسال المصريين المقيمين خارج مصر بزكاة مالهم وفطرهم إليها، ومن باب أَوْلَى صدقاتهم وتبرعاتهم؛ لأنه إذا جاز ذلك في الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام التي حدد الشرع مصادرها ومصارفها، فالصدقات والتبرعات التي جعلها الشرع على السعة من باب أَوْلى وأحرى".