ربما لم تحمل أرض كل ذلك التباين فى تاريخها مثلما حملت أرض هذا الوطن الذى يحتوينا جميعاً.. حتى إنها أضحت منارة لكل الحضارات.. وكل الأديان..!
لقد أبحرنا خلال الشهر الكريم فى تاريخ مصر الإسلامية.. لنجد كيف كان هذا الوطن..
كيف استقبل أهله الفتح الإسلامى.. وماذا فعل به المسلمون الأوائل.. وكيف تعاملوا مع أهله من أصحاب الديانات الأخرى..
كيف أدركوا قيمة مصر منذ اللحظة الأولى.. وكيف تحولت إلى قبلة الخلافات المتعاقبة..
رأينا كيف أحب المصريون مَن حكمها واستوصى بأهلها خيراً.. وكيف كرهوا من أراد أن يسيطر عليها دون أن يفهم طبيعة هذا الشعب الفريد..
أدركنا قيمة هذا الوطن.. الذى يحمل عبق التاريخ الإنسانى كله بين ربوعه.. وتتجلى عراقته فى كل شبر من أرضه الزكية الغالية!
لقد بات من الجلى لكل من يقرأ تاريخ هذا الوطن الأبى كيف أنه كان شعباً بسيطاً أصيلاً.. لم يرفض فصيلاً.. ولم ينكر ثقافة.. كان شعباً طيباً.. أمكنه أن يستوعب كل الاختلافات بين الثقافات المتعاقبة.. وأن يتعايش معها، بل يضمها إلى نسيجه الفريد الذى لا مثيل له على ظهر الكوكب بأكمله!
لقد استوعبت مصر الإسلام الأول.. ونصرته ونصرها.. ثم أضحت منارة للفكر الشيعى الفاطمى فترة لا بأس بها فى تاريخها.. حتى اندثر فيها ذلك الفكر، لتعود إلى أحضان السنة.. بعد أن تركت الشيعية بها آثاراً لا يمكن إنكارها.. وحملت مصر بفاطميتها عادات وآثاراً لا يوجد لها مثيل!
إنها مصر.. مصر التى تملك وادياً مقدساً خلع فيه نبى الله «موسى» نعله.. مصر التى حملت لواء المسيحية بعد أن حاربها العالم كله..
إنها مصر التى أصبحت مهداً للخلافة الإسلامية لقرون طويلة.. وأصبح المسيطر عليها مسيطراً على العالم الإسلامى بأكمله!
إنها الوطن الذى سيظل أهله فى رباط إلى يوم الدين.. والذى فشل كل من حاول زرع الفتنة بين ربوعه فى مبتغاه.. وسيظل يفشل مهما حاول!
إنها مهد الرسالات.. وأرض التوحيد الأولى.. وستظل تحمل على عاتقها ذلك اللواء.. حتى تقوم الساعة بإذن الله..
إنها مصر.. التى نحملها فى قلوبنا.. وتحملنا على أرضها!
وكل عام وأنتم بخير..