(١)
لم تكن المرة الأولى التى أرى فيها تلك الاستمارة التى تنتشر بين الناس كالنار فى الهشيم.. فقد رأيت مثلها مرات متعددة بين أيدى العديد من الأصدقاء والزملاء.. ولكنها المرة الأولى التى أشعر فيها أنه قد بات لزاماً علىّ أن أساهم فى نشرها بشكل أكبر!
الأمر يتعلق بمسئولية وطنية شعرت بها عقب إدراكى أن إزاحة حكم الإخوان قد أصبح واجباً قومياً.. أكثر من كونه صراعاً سياسياً!
إنها المرة الأولى التى أتأمل فيها استمارة «تمرد» بهذه الدقة.. قبل أن أقوم بتصوير المئات منها لتوزيعها!
(٢)
ربما لم تسقط شرعية الحكم الإخوانى بتلك التوقيعات التى تجاوز عددها الملايين فى شهور قليلة.. وإنما سقطت قبلها بفترة طويلة!
لقد سقطت فى ذلك اليوم الذى وقف فيه المستشار محمود مكى فى ذلك المؤتمر الصحفى بصفته نائباً لرئيس الجمهورية وهو يصرح: «إن لم نستطِع التفاهم.. فالبقاء للأقوى»!!
واكتمل السقوط فى ذلك اليوم الذى باح فيه «مرسى» بما فى داخله حين أفاد بأنه «لا مانع من التضحية بالبعض.. كى يعيش البعض الآخر».
لقد سقط الحكم الإخوانى قبل الثلاثين من يونيو بكثير.. ولكن الجميع كان ينتظر ذلك التاريخ.. ليتحرك!
لقد كانت ثورة شعب حقيقية.. كان الشعب فيها هو البطل.. ولا يزال!
(٣)
«أسأل الله أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين، ويجعل يوم 30 يونيو يوم عزة للإسلام والمسلمين، وكسراً لشوكة الكافرين والمنافقين.. اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم»..
ليست الكارثة أن يأتى كل ما سبق على لسان الشيخ محمد عبدالمقصود فى مؤتمر نصرة سوريا الذى أقيم فى استاد القاهرة فى الأسبوع الثانى من شهر يونيو ٢٠١٣.. الكارثة أن يؤمّن عليه رئيس الدولة بهز رأسه.. ويردد الحاضرون جميعهم بقوة وحماس «آمين»!!
بعض الأحداث لا تحتاج لذاكرة حديدية كى تتذكرها.. فقد انطبعت على قلبك بختم من حديد صدئ!
(٤)
أربعة أعوام على ثورة الثلاثين من يونيو.. أربعة أعوام على التخلص من حكم الإخوان.. وصمة العار فى تاريخ هذه الأمة.. لذا فأعتقد أنه قد آن الأوان.. ان نحتفل.
نعم، نحتفل.. فالبعض ينسى أن الفعل يتم بمبرراته ومعطياته التى أدت بدورها إلى أن يخرج الأمر بالصورة التى بدا عليها.. وأن الحكم على الحدث يتم بما كان قبله من أحداث.. وليس بما أتى بعده من نتائج ترتبت عليه.. البعض ينسى لأنه كان يعتقد أن ما أتى بعد ٣٠ يونيو كان يفترض أن يكون مثالياً! ينسى أن مبارك قد تركها أنقاض دولة.. وأن الإخوان قد أكملوا إزالة تلك الأنقاض التى كنا نظنها ستحمينا من القيظ والبرد!
لقد قامت ٣٠ يونيو لتقيم دولة.. من لا دولة تقريباً.. وأعتقد أنها تسير فى الطريق الصحيح!
(٥)
ربما هاجمها الكثيرون.. ولوثها البعض ممن فرضوا أنفسهم على المشهد بعدها بصفتهم هم من يحملون لواءها ويتحدثون باسمها.. ولكننى لم أندم يوماً على أننى كنت أحد الذين شاركوا فيها.. ولن أفعل!
سأظل فخوراً بما أسهمت به فى إزاحة حكم يمينى متطرف عن هذه البلاد.. سأظل محتفظاً باستمارة «تمرد» التى كنت أوزعها على الناس.. سأظل أحكى لأولادى أننى سافرت من مدينتى الصعيدية إلى القاهرة لأكون بميدان التحرير يومها.. سأظل أحد الذين أخرجوا للعالم مشهداً لا يتكرر كثيراً..
سأظل أحتفل كل عام بذكراها.. وأذكر نفسى والجميع بأننا نجحنا فى إقصاء جماعة ضالة مضلة عن أنفاس هذا الوطن.. وأننا نبنى دولتنا التى نريدها.. وسنفعل بإذن الله..
كل «٣٠ يونيو» ومصر طيبة.