معاناة مرضى الغسيل الكلوى: «مرة المحلول خلص.. ومرة الماكنة عطلانة»
أحمد الشرقاوى.. مريض كلى
كل بيت من بيوت مدينة ومركز يوسف الصديق لديه قصة مع نقص الخدمات الصحية المقدمة لهم، لكن معظم الجيران أشاروا إلى بيت محمود أحمد الشرقاوى، باعتباره صاحب المأساة الأكبر، الرجل الذى عانى من مرض الفشل الكلوى منذ عدة سنوات، يخوض رحلة شاقة 3 مرات أسبوعياً ليجرى غسل كليته المريضة فى مستشفى أبشواى المركزى، الذى يبعد أكثر من 65 كيلو عن بيته، والذى يتكالب عليه آلاف المرضى من 3 مراكز رئيسية فى محافظة الفيوم.
«الشرقاوى»: «بنام على الأرض فى مستشفى أبشواى مستنى دورى فى الغسيل وبطلع من الفجر»
وفى حوش بيته البسيط، وقف محمود، يصف لنا ما يمر به، رجل نحيف، عيناه نافرتان مرهقتان، وجسده الذى يقاوم الفشل الكلوى والضغط يرتجف، يقول، «أنا بطلع من الساعة 3 الفجر، بمكنة فى عز التلج فى الشتا، علشان أوصل أبشواى المركزى، أستنى دورى فى غسيل الكلى، ممكن أقعد طول اليوم وعلى دورى يقولوا مفيش محاليل، أو الجهاز عطلان، أستنى»، والدموع تملأ عينيه وهو يصف أوجاعه أمام أطفاله وزوجته، يقول، «أنام على الأرض فى مستشفى أبشواى، مبلاقيش محلول بضطر آخد نسبة 5% وضغطى بيعلا، بالنسبة للتعب والإجهاد والمواصلات، عارفين يعنى إيه واحد راجع من جلسة غسيل كلى وسايق فيسبة بعد يوم كامل مستنى دوره فى المستشفى، أنا بحس إنى هموت فى الطريق، محدش باصص لنا، الناس بتشق هدومها من قلة الحيلة، محطة الميه عندنا زفت هى اللى جابتلى المرض». يحمد محمود ربه على الصدفة التى جعلته قريباً من نقطة الإسعاف الوحيدة الموجودة فى مدينة يوسف الصديق، قائلاً، «كذا مرة الضغط يعلا عندى، وكنت هموت وصل لـ200 ربنا كرمنى إن جنبى نقطة إسعاف كلهم حبايبى لحقونى ونقلونى»، وعن التكلفة التى يتكبدها محمود أسبوعياً ليقوم بـ3 رحلات لغسيل الكلى، «المشوار لو بأجر عربية هيبقى بـ120 جنيه، احسبوا بقى 3 مرات غسيل فى الأسبوع تكلفة كبيرة، بتحامل على نفسى وبطلع بالفيسبة بتاعتى»، يقول «محمود» إن «الممرضات فى أبشواى المركزى محترمين بس مغلوبين على أمرهم مفيش إمكانيات، بضطر أجيب علاج الضغط ومضاد حيوى ومقويات، وأوقات مكن الغسيل بيتعطل، مفيش مهندسين يعملوا صيانة فى المكن»، يجاور «محمود» ابنه الأكبر «مصطفى»، ملامح الحزن حفرت آثارها على وجه الطفل الصغير، الذى اضطر لترك مدرسته والعمل فى أحد الأفران، رفض «مصطفى» أن يقاطع حديث والده، بينما قال محمود، «أنا مش قادر أشتغل، جبنا شوية بقالة وبنبيعهم وابنى ساب مدرسته وضيع حياته، وبقى بيقف فى فرن، حياته ضاعت علشان مرضى، وعلشان يحل مكانى ويصرف على إخواته»، يختم «محمود» حديثه بصوت هامس كأنه يخاطب نفسه: «تفتكروا هيفتحولنا مستشفى فى يوسف الصديق أو وحدة غسيل كلى؟».