السياحة إحدى أدوات التنمية، لكنها صناعة هشة، لا يجوز أن نرهن اقتصادنا عليها، فقد استهدفها الإرهاب منذ اعتبرناها قاطرة للتنمية، مهمة القطاع تحقيق حد من التشغيل يضمن الحفاظ على المنشآت والمرافق، ويسمح باستمرار عمليات التطوير والتنمية، ويوفر عائدات تغطى متطلباته، ورواتب العاملين، إلى أن يتحسن المناخ.. لكن إدارة الوزير كارثية، تفتقد الرؤية.. وافق على الاستعانة ببيت خبرة عالمى لهيكلة هيئة التنشيط، رغم أن الهيئة لديها دراسة أجراها بيت خبرة عالمى من النمسا!!.. أغلق مراكز التدريب، متعللاً بملاحظات المركزى للمحاسبات بشأن مكافآت مسئوليها، لو أغلقنا كل مؤسسة يديرها فاسد، لأهدرنا الاستثمارات والأصول، وما كنا بحاجة لمسئولين شرفاء للإصلاح.. أغلق المكاتب الخارجية عشوائياً، شكاوى العمالة المحلية قد تؤدى للحجز على أرصدة المكاتب، وربما السفارات، لتحصيل التعويضات والغرامات والضرائب المستحقة، والأسوأ إغلاق مكتب نيويورك الذى يغطى أسواق الأمريكتين الواعدة، وترك مكتب موسكو مفتوحاً «مرتباته 26.000 دولار شهرياً»، والسماح بمشاركته فى المعارض السياحية، رغم أن الحظر الروسى «نوفمبر 2015»، يمنع الدعاية والترويج!!.. أبدى الاهتمام بالسياحة الخضراء، وطرد مستشاره للطاقة النظيفة من مكتبه أمام الجميع!!.. أصدر لائحة الغرف والاتحاد رغم اعتراض القطاع، واضطر لتعليق العمل بأحكامها بعد أقل من شهر، بسبب ما بها من عوار ومخالفات قانونية ودستورية، وأعاد العمل باللائحة القديمة «216/1990».
الوزير يفتقد مهارات الإدارة
على المستوى المهنى.. غاب عن مؤتمر «مصر والسياحة العلاجية» بشرم الشيخ 23 مارس 2017، واستعان بخبراء نمساويين، أعدوا مقترحات لا تخرج عما أوصى به الخبراء المصريون!!.. غاب عن المؤتمر السنوى لشركات السياحة الإيطالية «200 شركة» بشرم 28 مارس، ليشارك بعدها ببورصة ميلانو فيرفض ممثلو الشركات لقاءه.. يتعامل مع الجناح المصرى بالمعارض الدولية كملكية خاصة، يطرد من يشاء من منظمى الرحلات، يحرم من أراد من الشركاء المصريين من اللقاءات المهنية، ويرفض حضور بعض وسائل الإعلام للمؤتمرات الصحفية!!.. أوقف الحملات المشتركة مع منظمى الرحلات بالخارج، ففقدوا الحافز، واتجهوا لدول أخرى.. وزادها بالفشل فى إدارة ملف الشارتر، ما أهدر 67 مليون دولار.. أعطى أولوية للترويج لمسار العائلة المقدسة رغم تحذير الدول المصدرة للسياحة من استهداف الكنائس، وأن الجاهز للزيارة سبع نقاط من 32 تشكل المسار.. اهتم بتسويق مصر إلكترونياً، خلافاً لما تفرضه الأوضاع من أفضلية تحرك السائحين فى أفواج من خلال المنظمين ضماناً لأمنهم.. وتجاهل احتفال الأقصر بأكبر اكتشاف أثرى، وإزاحة الستار عن رمسيس الثانى بعد ترميمه، رغم الاهتمام الدولى بالحدث..
الوزير يهدر أدوات التنشيط السياحى
الشكوك فى الشركة المسئولة عن الحملة الترويجية « J.W.T» كانت تفرض الحذر، سمحت للإخوان باختطاف حملة «هى دى مصر This is Egypt»، وتكريسها للإساءة لمصر، أنتجت برنامجى باسم يوسف وأبلة فاهيتا، وموظفوها وزعوا الواقى الذكرى بالتحرير، الشركة واجهت الانتقادات بالاتفاق مع الوزير على تخصيص جزء من مخصصات الحملة لتغطية تكاليف سفر الصحفيين إلى المعارض الدولية، بالمخالفة لقرارات الرئاسة والحكومة للترشيد ومنع الفساد.. المهنيون بالقطاع، والمختصون بالوزارة يقدرون أن الشركة لم تؤد الدور المطلوب فى الترويج، بدليل تغاضى الوزير ورئيس الهيئة عن عدم إجرائها دراسات للسوق، رغم تضمينها بالتعاقد، وإخفاء نتيجة تقييم وتوصيات منظمة السياحة العالمية للحملة، لأنه يعكس فشل الشركة، ويوصى باستبدالها، ويستاءون من اصطحاب الوزير للقائمين عليها لعرض الخطة على البرلمان بدلاً من قيادات الوزارة، ومن عقابه لمن يرفض من قيادات الهيئة سداد مستحقاتها دون مستندات حقيقية، إلى حد إنهاء خدمة رئيسة مكتب لندن، ما يؤكد فداحة المخالفات.
كل الدول رفعت حظر السفر الذى فرضته على مصر، باستثناء روسيا، وبريطانيا «بشكل جزئى على شرم الشيخ»، إلا أن الأزمة لا تزال متفاقمة، تقرير مجلس السياحة والسفر التابع للأمم المتحدة، أكد أن السياحة المصرية، هى الأكثر تدهوراً فى العالم 2016، بمعدل تراجع 80% مقارنة بـ2010، والعائدات تراجعت بـ45%، الوزير يدعى تحقيق زيادة 51% خلال الربع الأول من 2017، لأنه يقارن بمعدلات 2016، الأسوأ فى تاريخ السياحة المصرية!! الدولة تتحمل ثمن إخفاقه، والمستثمرون ضحية سوء إدارته، وخرَّب مئات الآلاف من بيوت العاملين.. مصر تجاوزت تداعيات مذبحة الأقصر 1997 فى أقل من ستة شهور، ما يؤكد تدنى قدرته على إدارة الأزمة الراهنة.. تضرر القطاع دفع رواده للتمرد، اجتمعوا كجمعية عمومية «8 يونيو» واستعرضوا ما ألحقه الوزير بالقطاع من أضرار، مناشدين الرئيس التدخل لحمايته من الانهيار، بعدها قدم ثلاثة من أعضاء لجنة الغرف السياحية استقالاتهم، احتجاجاً على أداء الوزير، والمحكمة الإدارية أحالت دعوى بإلزام مجلس النواب بسحب الثقة من الوزير لهيئة المفوضين.
مجلس النواب استدعى الوزير بـ14 طلب إحاطة وسؤالاً تدور حول فشل الوزارة فى التنشيط، والافتقاد لخطة عمل متكاملة، وشبهات الفساد فى مناقصة حملة 2013/2016 التى تم إلغاؤها، بالمخالفة لقانون المناقصات 89، حتى لا تطيح بشركة «J.W.T»، ومناقصة 2015/2018 التى طرحت نفس كراسات الشروط والمواصفات الفنية من حيث الأسواق ووسائل الإعلام، إلا أن عرض «J.W.T» انخفض إلى 22 مليون دولار/عام، بعد أن كان 37 مليوناً فى مناقصة 2013، رغم تمسك الشركات المنافسة بعروضها المالية تقريباً، ما كان يفرض الشك فى أسباب ذلك التراجع، ومدى انعكاسه على قدرة الشركة فى الالتزام بمتطلبات الخطة.. الوزير يتعامل مع الأزمة بالسعى لمزيد من مساندة مراكز التأثير؛ عين أشرف ربيع عبدالعال نجل الشقيق الأكبر لرئيس البرلمان، مديراً عاماً لمركز تدريب السائقين التابع للاتحاد بمرتب 30.000 جنيه، رغم أنه حاصل على ماجستير فى العلوم التربوية (رياض أطفال)، ويملك شركة سياحة متعثرة، فشل فى فرضه على الاتحاد كمستشار إعلامى، أو كمسئول بغرفة الفنادق، فاتجه نحو تعيينه مساعداً للوزير.. رئيس الوزراء حاول تخفيف المواجهة بين المستثمرين والوزير، بتشكيل لجنة مشتركة للتسويق «14يونيو»، تضم ممثلى جمعيات الاستثمار السياحى، وكلف الأجهزة الرقابية بالتواصل مع المستثمرين وقيادات القطاع لبحث مسببات الأزمة، وآليات تجاوزها.
لا موضع للتحامل على الوزير، فكل الحقائق والمؤشرات تنفى أهليته للمنصب، ربما له عذره، فقد كان «مديراً مالياً»، بعيداً عن مهنية التسويق والترويج، وعندما تولى إدارة مجموعة الخمسة فنادق التى يمتلكها «الخرافى» بمرسى علم، اضطر لبيع ثلاثة منها خلال ثلاث سنوات، نتيجة للخسائر الفادحة.. إيرادات السياحة 2010 جاوزت 12.5 مليار دولار، لو حققها، لاستغنينا.. 15 شهراً من التعثُر، وتقطيع أوصال التعاون مع القطاع.. فإلى متى تصبرون عليه؟!