«الإصلاح الكنسى».. ممنوع الاقتراب أو البحث
تواضرس
«ممنوع الاقتراب أو البحث حفاظاً على الإيمان»، هذا هو الشعار الذى يرفعه من نصّبوا أنفسهم حماة للدين والإيمان فى وجه كل من يرفع صوته منادياً بالتجديد والتطوير، صار «الإصلاح»، الذى يعد سنة الحياة، بالنسبة لهم كلمة مزعجة، والتطوير والتجديد معناهما المساس بالإيمان والتقليد، فسنّوا أسلحة هجومهم على كل إصلاحى مستنير، تركوا فكرته وطاردوه بكتبهم وكتائبهم وما أوتوا من نفوذ، ولم يرحموا بعضهم حتى وإن تحولت أجسادهم لـ«جثث» تحت التراب مثل الراهب متى المسكين والقس إبراهيم عبدالسيد، وواصلوا حصار الفكر والكتب، هذا هو الحال فى معظم المؤسسات الدينية وإن اختلفت، وزاد عليها رداء «الكهنوت» فى الكنيسة.
«الوطن» تفتح الملف الشائك: تجديد الخطاب المسيحى وحصار الكتب والأفكار
وظهر فى الكنيسة رجال حملوا مشاعل التنوير، عملاً بالآية التى وردت فى الإنجيل: «فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهى التى تشهد لى» (بو 5: 39)، فأخذوا يبحثون فى كتب التراث القبطى مزيلين من عليها القداسة وأرجعوها إلى صنع البشر، فطالبوا بمراجعة الأساطير والقصص الخرافية وكل ما يخالف العصر، ودعوا لتجديد الخطاب الدينى وصرخوا بـ«حتمية الإصلاح الكنسى»، فاصطدموا بالتعاليم والتقاليد، فألصق بهم الأصوليون تهم «البدع والهرطقة والخروج عن الإيمان» مثل البابا تواضروس الثانى، فى محاولة للوحدة مع «الكاثوليك» والأنبا بفنوتيوس فى محاولة إباحة تناول «الحائض» مؤخراً وقبلهم «حبيب جرجس» الذى حاربه الكهنة ووصفوه بأنه صاحب «بدعة» ليتراجعوا بعد سنوات من وفاته ويمنحوه لقب «قديس». اشتد الصراع بين التيارين المتضادين بالكنيسة حينما نادى مطران بإباحة «تناول» المرأة الحائض ودخولها الكنيسة، وظهرت الحاجة للإصلاح الذى يرى الكثيرون أن البابا تواضروس الثانى هو من يقوده داخل الكنيسة، والذى سبق أن اصطدم ببعض أصحاب الأفكار المتجمدة ووصل بالآخرين أن طالبوا بمحاكمة البابا وعزله شخصياً.
معركة التجديد داخل الكنيسة ظلت خلال السنوات الأخيرة فكرة تُطرح فى الكتب ولا تجد طريقها للتطبيق لأن مشاكلها لم تخرج خارج أسوار الكنيسة، فحاصرها الأصوليون بمنع الكتب وتداولها والهجوم على الأفكار وتسفيهها وإلصاق التهم بأصحابها والتخويف من انشقاق الكنيسة وسلامتها، فظل الصراع مكتوماً لا يُسمع صوته إلا كل حين، فى حين اكتوت منه الكنيسة بزيادة نسبة الإلحاد بين صفوف الأقباط.
«الوطن» تفتح الملف الشائك.. ترصد وتحلل وتستمع لكل الأطراف عن «الإصلاح الكنسى» الغائب فى دهاليز الكنيسة والذى يعتبره البعض رجساً من عمل الشيطان يجب اجتنابه.