بقالنا فترات طويلة بنقرأ كلمة "نوستالجيا" أو Nostalgia على صفحات السوشيال ميديا، أصحاب كتير عندنا نلاقيهم كاتبين الـ status عندهم عن حكايات ليهم زمان، بعضهم عاشوا تفاصيلها وبعضها حكايات اتحكت لهم من أجدادهم أو من أهل زمان، وممكن كمان نلاقى البوست معاه صورة حلوة من بتوع زمان، اللى لما بنبص فيها حتى لو مش صورتنا بنحس إننا نعرف الأشخاص، أو إننا عيشنا نفس التفاصيل دى قبل كدة، وده بيكون نتيجة إن روح الصور كانت واحدة، نفس الأماكن، نفس الملابس، نفس طريقة التصوير، لأنه غالبا نفس المصور.
طبعاً لما نبحث عن معنى كلمة نوستالجيا هنلاقيها بتعبر عن الشعور بالحنين إليّ الماضى، ومفيش حد مننا مجالوش شعور النوستالجيا فى وقت معين.
وبالنسبة لنا شعور النوستالجيا بيكون مرتبط أكتر بوقت الصيف لأنه وقت الإجازات، اللى بيكون وقت مميز للعائلات والأصحاب إنهم يتجمعوا، لدرجة إن فى أصحاب مش بنقابلهم غير وقت الصيف بس، وبنقول عليهم "أصحاب الصيف".
بس صيف زمان غير صيف دلوقتى، الروح اتغيرت وبقينا لما بنرجع من الإجازة ومن السفر أو من أى مكان، معندناش حواديت للصيف زى ما أجدادنا كانوا بيحكوا لنا، ممكن يكون كثرة الأماكن هى السبب؟
زمان زى ما جدتى كانت بتحكى لى كان الصيف تقريباً هو السفر للإسكندرية أو مرسى مطروح، كانت جدتى بتجهز شنطة ليها ولجدى، وشنطة تانية لهدوم العيال، ويسافروا بالعربية الصغيرة أو بالقطار، وكانت طبعاً تجهز شنطة السندويتشات الفينو علشان الطريق لأنه مكنش فى استراحة، وزجاجات المياه المثلجة اللى كانت بتتحط قبلها بيوم فى الديب فريزر علشان مكنش فى ىيس بوكس، وطبعاً الطريق كان بالنسبة لهم متعة مع إن مكنش فى إعلانات على الطرق، كانوا بيتكلموا مع بعض طول الطريق، وساعات كانوا بيغنوا ويقولوا نكت لحد ما يوصلوا.
يروحوا الشقة، يادوب يلحقوا يدخلوا الشنط الشقة وتجرى جدتى على السلم تخبط على الجيران وتقول لهم إنهم وصلوا لأن مفيش وقتها موبايل ولا واتس آب، مفيش ساعة تكون كل ست مصحية جوزها وولادها و تقول لهم "يلا مدام فلانة وصلت هى وجوزها ووولادها، ولازم نجهز نفسنا علشان نروح البحر معاهم"، كل ست فى العمارة تجهز شنطة، ست تجهز شنطة سندويتشات، ست تجهز شنطة فاكهة بكل أنواعها، ست تجهز شنطة فيها "لب، سودانى، ترمس، حمص، ملبس وأنواع كتير من التسالي"، وكل الستات يجيبوا معاهم زجاجات المياه.
ينزلوا من البيت، يعدوا الشارع كلهم مع بعض، ويدخلوا الشاطئ ماسكين الكراسى والشمسيات، ومفيش حاجة اسمها private beach، كل الناس كانت قاعدة فى مكان واحد، الأطفال بتلعب فى الرمل وينزلوا البحر ويطلعوا يلعبوا، والستات بتجهز ترابيزة كبيرة ويحطوا عليها كل اللى كل واحدة جهزته من بيتها، وبتبقى ترابيزة كبيرة عليها كل أنواع الأكل من الفطار للغذاء، ويقعدوا يدردشوا فى كل أمور الحياة لحد ما الشمس تغيب، يقوموا يروحوا وكل ست تحمى ولادها وتنظف البيت من الرمل، ويجهزوا لسهرة فوق السطوح، أيوة كانت هى دى الخروجة، يجهزوا كراسى خشب ويطلعوها فوق السطح، الستات تطلع الفاكهة والتسالى وتجهز القهوة والشاى للرجالة اللى بيلعبوا طاولة، يفضلوا سهرانين لحد الساعة 1، وده كان أقصى وقت للسهر، وكل عائلة تنزل تنام فى بيتها.
ده كان روتين كل يوم لحد آخر يوم، يتصوروا على البحر صورة من مصور الشاطيء، واللى بتكون فيها كل عائلة وأطفالها وكل عائلة تأخذ صورة ليها.
إيه الجمال ده؟ إيه الروح دي؟ أجدادنا عاشوا كل لحظة بتفاصيلها، كل ثانية كان ليها روح، كل موقف عاشوه ساب ذكرى حلوة وقوية لدرجة إنهم فاكرينها كويس بتفاصيلها و بيحكوها.
مش بقول كدة علشان أقارن الزمن اللى إحنا فيه دلوقتى بزمانهم، لأ، أنا بقول ممكن تكون حكايتهم تنبيه لينا عن لحظات بتمر علينا وإحنا مَش حاسين بيها بسبب زمن السرعة اللى إحنا عايشينه، "إنترنت، هواتف ذكية، سوشيال ميديا" كله عالم افتراضى وإحنا بنخليه واقعي.
حاولوا تعيشوا كل لحظة بتفاصيلها..
حاولوا تقعدوا مع العائلة من غير تليفونات، الإجازات معاهم مش بتتعوض..
حاولوا تقابلوا أصحابكم وجه لوجه مش عن طريق شاشة..
حاولوا تخرجوا، تنبسطوا، تتكلموا، وتسيبوا الموبايلات من إيديكوا، وفى آخر الخروجة ممكن صورة تفكركم بالقعدة الحلوة اللى كانت عالم واقعى مش افتراضي.
من الآخر، لو عندكم حواديت للصيف تبقوا صيفتوا بجد.