وزارة الخارجية تحذر من إضاعة الوقت فى موضوع سد النهضة دون إتمام الدراسات الفنية للسد، وتطالب بالتدخل السياسى لحل المشكلة.. لست أدرى ماذا يقصد الوزير سامح شكرى بـ«التدخل السياسى»!
عشرات المقالات كتبتها فيما سبق عن موضوع سد النهضة، علقت فيها على تصريحات لمسئولين حول هذا الموضوع، كان من بينها تصريح لوزير الخارجية نفى فيه تماماً إمكانية اللجوء إلى الحل العسكرى للتعامل مع سد النهضة، بالإضافة إلى تصريحات ووعود أخرى عديدة أظن أنك لست بحاجة إلى أن أذكرك بها.
إثيوبيا سوف تبدأ ملء السد خلال أسابيع قليلة للغاية. ذلك ما أعلنته أديس أبابا، وهى مصرة على ملئه فى 3 سنوات، وهو إجراء سوف يحرم مصر من مليارات الأمتار المكعبة من حصتها التاريخية من مياه النيل. يقدر بعض الخبراء أن الإجراء الإثيوبى قد يتسبب فى تبوير أراضٍ زراعية لا حصر لها. لعلك تعلم أيضاً أن رئيس الوزراء كان من المفترض أن يترأس وفد مصر فى القمة الأفريقية التى تشهدها أديس أبابا اليوم وغداً. قبل السفر بيومين أعلن عن عدم سفر رئيس الوزراء على رأس الوفد المصرى، وقيل إن من سيترأس الوفد هو المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، وبالتزامن مع هذا الاعتذار جاء البيان التحذيرى الصادر عن وزارة الخارجية.
احترت كثيراً أمام عبارة «التدخل السياسى» التى جاءت فى بيان الخارجية، فـ«الخارجية» هى الوزارة المنوط بها الأدوار السياسية، وظنى أن هذه العبارة تحمل أحد تفسيرين، فإما أن يكون معناها تدخلاً سياسياً على مستوى أعلى من الخارجية، أى على مستوى رؤساء الدول الثلاث المعنية بهذا الملف: مصر والسودان وإثيوبيا، أو يكون معناها تدخلاً من نوع آخر لحل هذه المشكلة الخطيرة التى تهدد الأمن القومى المصرى. موقف السودان من هذا الملف معلوم. السودان ببساطة لا يدعمنا، لأنه أراد ثمناً لهذا الدعم، يتمثل فى السطو على مثلث حلايب وشلاتين، والكثير من الخبراء يؤكدون أن السودان لن تتضرر كثيراً من السد الإثيوبى، لأن مصادرها من المياه متنوعة، كما أنها ستستفيد من الكهرباء التى سينتجها السد. والسؤال: «أى حل سياسى يمكن أن تكون السودان طرفاً فيه؟!».
تعالَ إلى إثيوبيا. لا أجدنى بحاجة إلى تكرار ما ذكرته لك غير مرة من أن إثيوبيا تعتمد على أسلوبين لا ثالث لهما فى التعامل مع هذا الملف. أولهما المراوغة والمماطلة، وقد ظهر ذلك جلياً فى المفاوضات التى سبقت الاتفاق على المكاتب الفنية، الأسلوب الثانى يتمثل فى فرض الأمر الواقع، وهو الأسلوب الذى مكنها الآن من الوصول إلى المراحل النهائية لتشغيل السد. نحن أمام تحدٍّ خطير كل الخطورة يفوق أى تحدٍّ سابق واجهناه، ولا بد من تحرك حاسم وناجز لحفظ حصة مصر من المياه.
هل سمعت عن عبارة «قاعد يقشر بصل»؟
زمان، عندما كان يشح النيل، ويقل الفيضان، وتجف الترع المتفرعة من النيل، كان نبات البصل يجد فرصة للنمو، فلم يكن المصريون يجدون أمامهم سوى جمع البصل وتقشيره.
الحقوا النيل قبل ما نقعد نقشّر بصل!