طالعتنا الصحف المصرية والعربية فى الفترة الأخيرة بالعديد من الأخبار عن حوادث اختطاف الأطفال واغتصابهم. ولعلنا جميعاً نتذكر حادثة اغتصاب «رضيعة الدقهلية» أو «طفلة البامبرز». ومؤخراً، قام أهالى بلبيس بتعليق سيدة بعمود إنارة لمحاولتها خطف طفلة من داخل أحد المنازل. وفى اليمن الشقيق، حاول شاب اغتصاب طفلة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات فى حمامات أحد مساجد مدينة إب اليمنية. ونشر موقع «يوتيوب» فيديو عن وحشية مغربى يقوم باغتصاب طفلة رضيعة عمرها شهور.
ونعتقد أن الوقائع السابقة تنذر بخطر كبير يتهدد المجتمعات العربية بسبب تضاؤل دور الأسرة واختفاء الشعور بالمسئولية الأسرية. ولا يمارى أحد فى أن الإيقاع السريع لعالم اليوم وما يوفره لكل فرد من وسائل وتقنيات زادت من عزلته، وشكلت منه شخصاً انعزالياً متقلب المزاج، وغدت الأسرة الواحدة وكأنها مجموعة من الأفراد لا يجمعها سوى المسكن ويفرق بينها كل شىء عداه. ويبدو أن التحديات المحيطة بالأسرة فى المجتمعات المعاصرة هى التى دفعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى الاحتفال بالسنة الدولية للأسرة، وذلك بموجب قرارها الصادر فى 20 سبتمبر 1993م. ووفقاً للبند العشرين من القرار، تطلب الجمعية العامة إلى الأمين العام «أن يلتمس آراء الدول الأعضاء فى لجنة التنمية الاجتماعية بشأن استصواب وضع إعلان عن دور الأسرة ومسئولياتها وحقوقها بمناسبة السنة الدولية للأسرة». ورغم مرور أكثر من عشرين عاماً على صدور قرار الجمعية العامة، فإن مشروع الإعلان المشار إليه لم يرَ النور حتى تاريخه.
ومن ثم، نرى من الملائم صياغة «إعلان بشأن حقوق الأسرة ومسئولياتها»، يتضمن القواعد الأساسية الحاكمة لدور الأسرة والحقوق التى تتمتع بها والمسئوليات التى ينبغى أن تضطلع بها إزاء كل فرد من أفرادها وتجاه المجتمع ككل. وقد آثرنا فى صياغة بنود هذا الإعلان أن يأتى فى شكل عبارات مأثورة موجزة، مقتبسة من نصوص بعض الدساتير العربية ومن كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بعنوان «تأملات فى السعادة والإيجابية». فالمتأمل فى عبارات هذا الكتاب يجدها تفيض بالعديد من القواعد والمبادئ التى ينبغى على أعضاء الأسرة الالتزام بها تجاه بعضهم البعض، بما يكفل تكوين الأسرة القوية المتماسكة.
وانطلاقاً مما سبق، نرى أن تأتى بنود الإعلان المشار إليه على النحو الآتى:
البند الأول: الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، ويكفل القانون كيانها، ويصونها ويحميها من الانحراف.
البند الثانى: تقاسم مسئولية الوالدين، وعدم اللجوء إلى العنف فى تربية الأطفال وبث قيم الحب والتسامح واحترام الآخر، هى عناصر جوهرية فى سياسة الأسرة الحديثة.
البند الثالث: الأسرة أولاً وقبل كل شىء لأنها كل شىء. أموال الدنيا لا يمكن أن تشترى حنان الأبوين ومحبة الأبناء أو دفء الأسرة أو وجودك مع أبنائك.
البند الرابع: ليس هناك أجمل ولا أنبل ولا أرقى من زوجين متحابين يكرسان حياتهما من أجل تكوين أسرة ناجحة.
البند الخامس: الأسرة الإيجابية مؤسسة متكاملة، لكل فرد فيها دور، وتحتاج لرعاية ومتابعة واهتمام مستمر من قائدها.
البند السادس: البعض يهتم ببناء بيته أكثر من بناء أسرته، ويستثمر فى موظفيه أكثر من استثماره فى أبنائه. البعض يحتاج فعلاً لإعادة جدولة استثمارات حياته بشكل أفضل وأجدى.
البند السابع: أبناؤنا انعكاس لنظرتنا لهم، انظر لهم نظرة إيجابية واغرس فيهم أنهم قادرون على النجاح وتحقيق المستحيل وستحصد خيراً، أو ازرع فيهم أنهم خُلقوا فاشلين لا يصلحون لشىء وستحصد ذلك أيضاً. القرار يعود للآباء والأمهات ولنظرتهم الإيجابية أو السلبية.
البند الثامن: إصغاء الآباء إلى الأبناء له دور فعال فى التربية الإيجابية، حيث يسهم فى بناء شخصيتهم، ويشعرهم باهتمام الأبوين بهم، ويمد جسور التفاهم والتواصل، ويؤسس لثقافة الحوار الهادف والشفافية القائمة على الثقة.
البند التاسع: كل أب وأم سيحصدان خيراً أو سيدفعان ثمناً نظير مثابرتهما أو إهمالهما فى تربية أبنائهما.
البند العاشر: إن أعظم وسام وفخر يمكن أن تحصل عليه المرأة هو نجاحها فى تربية أبنائها، ولا يجوز للأم أن تتنازل عن هذا الوسام العظيم للخدم.
هذه هى بنود الإعلان المقترح بشأن حقوق الأسرة ومسئولياتها. والمأمول هو أن يضع كل أب وكل أم هذه القواعد نصب أعينهم، حتى تنشأ الأسرة الإيجابية التى هى أساس المجتمع القوى المتماسك.