أعضاء مجلس النواب قبض كل واحد فيهم 3 آلاف جنيه «بدل مصيف»، وقالت مصادر برلمانية إن هذه المسألة ليست بدعة ابتدعها المجلس، بل كان يصرف على مدار السنوات الماضية مع نهاية كل دور انعقاد من كل عام، تقديرى أن هذا الأمر استثنائى بين كل مؤسسات الدولة، فلا توجد مؤسسة فى حدود علمى تصرف مثل هذا البدل، وترفه عن العاملين بها بهذا الشكل، أغلب مؤسسات الدولة تعانى عجزاً فى موازنتها، وتشتكى من أن ما يخصص لها فى الموازنة العامة لا يكفى لسداد متطلباتها الأساسية، لكن الأمر مختلف فى مجلس النواب، وهو يتشابه فى ذلك مع بعض المؤسسات التى تمنح العاملين بها والمنتسبين إليها مكافآت على الأعياد والمدارس، استثناء بين كل موظفى الدولة!
واضح أن هناك مؤسسات تسمح لها ميزانيتها بذلك، مجلس النواب واحد منها، فقد وافقت لجنة الخطة والموازنة يونيو الماضى -أى قبل موسم التصييف- على مشروع موازنة المجلس عن السنة المالية الجديدة 2017/ 2018 وتقدر بنحو مليار و100 مليون جنيه، مقابل 977 مليون جنيه خلال العام المالى الحالى 2016/ 2017، بزيادة تقدر بنحو 123 مليون جنيه، ويعنى ذلك أن هناك وفورات مالية تحققت فى ميزانية المجلس مكنت القائمين عليه من «البحبحة» على أعضائه ومنحهم بدل التصييف.
بصراحة المسألة لا تخلو من استفزاز، ففى الوقت الذى قررت فيه الحكومة رفع أسعار البنزين والسولار والكهرباء والمياه وخلافه، وما ولده هذا الرفع من زيادات فى أسعار السلع والخدمات، نرى مجلس النواب يتصرف بهذه الطريقة. إذا كانت هناك وفورات مالية لدى المجلس فأولى به أن يردها إلى الدولة، الشكوى الأزلية الأبدية التى نسمعها من أعضاء الحكومة وكل المسئولين التنفيذيين أن الموازنة العامة تعانى عجزاً، وأننا دولة «فقيرة قوى»، ولا يليق بمن يعانى أن يتصرف بهذه الصورة، أو يوافق لبعض المؤسسات على زيادة موازنتها لتنفق منها بهذا الشكل، إلا إذا كانت الحكومة تتعامل بمنطق «الخيار والفقوس»، فتعطى خيارها، وتحرم «فقوسها»، أو تريد أن تكافئ مؤسسات معينة ترضى عن أدائها!
الحجة التى يسوقها المسئولون بالمجلس فى سياق تبرير «بدل المصيف» غير مقنعة، وبدلاً من أن يتحدث المسئولون بـ«النواب» عن أن هذا البدل متغير وكان يصرف طيلة السنوات الماضية كان من الأولى بهم أن يتقشفوا، مثلما وافقوا على -من قبل- على قرارات الحكومة التى «قشفت» و«نشفت» حياة المواطن، وألقت به فى أتون غلاء لا يرحم، كان من الواجب على مجلس النواب وأعضاء مجلس النواب أن يضربوا لنا مثلاً فى التضحية والإيثار، وإذا كانت لوائح وقوانين المجلس تمنحهم حق الحصول على «بدل مصيف» فليس أسهل من أن يتبرعوا بها لصندوق «تحيا مصر»، خصوصاً أن كل نائب بالمجلس كلف حملته الانتخابية «شىء وشويات»، وبالتالى فلا توجد لديه حاجة لبدل المصيف، الناس بحاجة إلى دليل كى تصدق ما يقوله مسئولونا داخل كافة مؤسسات الدولة، وعندما تتناقض الأقوال مع الأفعال فإن منسوب ثقة المواطن فى الدولة يهبط إلى أسفل سافلين.