احتفل الديكتاتور «رجب طيب أردوغان» بذكرى فشل الانقلاب عليه بطريقة غير أخلاقية كعادته، فانتشرت على جدران شوارع تركيا ملصقات مسيئة للجنود الأتراك، تحمل شعار رئاسة الجمهورية التركية، وتصور مشاعر الفزع التى ترتسم على وجوه العساكر فى مواجهة مؤيدى «أردوغان»!.
أما المعارضة التركية فقد رفعت شعار العدالة (Adalet) فى أكبر مسيرة سلمية طافت المدن التركية، ونظمها حزب الشعب الجمهورى، أكبر الأحزاب التركية المعارضة، بقيادة زعيمه «كمال قليتش أوغلو»، لينقل للعالم صور الغضب الشعبى والاحتجاج على البطش بالمعارضين وحملات الاعتقال والتنكيل بالنخبة التركية.
وفى نفس التوقيت تحدّث المعارض التركى الشهير «فتح الله جولن» بعد طول صمت، للزميل «هاشم الفخرانى»، لتتضح حقيقة نظام «الخليفة العثمانى» للعالم أجمع، بتحركات شعبه وعلى ألسنتهم.
كان «جولن» هو المتهم الأول فى تدبير «مسرحية الانقلاب» التى كرست طغيان «أردوغان»، لكنه أكد استعداده للمحاكمة وهو ما عرضه وقتها، لكن عرضه قوبل بالرفض، أما تفسيره لليلة 15 يوليو 2016، فهو قيام مجموعة من القادة القوميين المتشدّدين العلمانيين بتدبير «تحرك يعطى انطباعاً بأنه انقلاب ولكنه ليس انقلاباً حقيقياً.. كان الانقلاب مصمّماً على مزاعم لتصفية عناصر الجيش من المتعاطفين معى، والتقليل من هيبة المؤسسة العسكرية فى نظر الشعب، وتقوية قبضة أردوغان على الجيش، وإحلال ميليشياته ضمن المؤسسة العسكرية»!.
إذن لم يعد للجيوش التقليدية الدور الرئيسى فى دول تقود العمليات الإرهابية مثل تركيا، الجيش النظامى التركى أصبح دوره أن يعمل «مرتزقة» فى حراسة الأمير النيجاتيف «تميم بن حمد».
وبحسب صحيفة «زمان» التركية فإن القوات المسلحة التركية فصلت عدداً كبيراً من صفوفها فى القوات الجوية والبحرية فى أعقاب مهزلة الانقلاب، وأن عدد المفصولين وصل إلى 7 آلاف و655 فرداً فى صفوفها بدرجات مختلفة، من بينهم 150 برتبة لواء، و4 آلاف و287 ضباطاً برتب مختلفة، بالإضافة إلى إبعاد 786 فرداً عن العمل بشكل مؤقت خلال عام واحد.. وكل هذا يعزز فكرة تنظيم «ميليشيات أردوغان» لصفوفها داخل الجيش ليُحكم سيطرته على تركيا وتصدير الإرهاب للعرب.
لقد تمكن «أردوغان»، بموجب «مسرحية الانقلاب»، من إخضاع القضاء التركى، وتمرير التعديلات الدستورية التى منحته صلاحيات شبه إلهية، وأغلق ملف الفساد والرشوة الذى طال أعضاء فى حكومته فى وقائع فساد عام 2013، وصادر الحريات فأغلق 3 وكالات أنباء تركية و16 قناة تليفزيونية و23 إذاعة و29 صحيفة وسجن 286 صحفياً غير إقصاء الآلاف من وظائفهم.. وأصبح شبه متفرغ لتحقيق أوهام الزعامة بـ«دولة الخلافة العثمانية»!.
لا أعرف لماذا لا يجد قواد تركيا إلا «الإرهاب» سبيلاً لتحقيق أوهامه، ولماذا يعتبر أن دولته لن تقوم أركانها إلا بتركيع العرب وفوق أطلال أوطاننا، فيدعم «داعش والقاعدة والإخوان».. ويوماً ما سوف ينقلب السحر على الساحر، وساعتها لن تقف ميليشياته العسكرية لتحمى الشعب التركى من القنبلة اليدوية التى صنعها بنفسه.
لقد جاء اسم «أردوغان» فى قائمة المتورطين فى إمداد الإرهابيين فى سوريا بغاز السارين، كما اتهمته بذلك المعارضة التركية، وذلك بعدما أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية استخدام هذا الغاز السام فى مجزرة مدينة خان شيخون بحق المدنيين بريف إدلب غربى سوريا، مما أسفر عن استشهاد 87 شخصاً على الأقل.
إنه إرهابى يتحصن خلف منصب «رئيس تركيا».. ولهذا لم يقتنع المعارض التركى الشهير بأن «أردوغان» يكافح تنظيم «داعش» الإرهابى بصدق.. يقول «جولن»: «أردوغان من ناحية يتظاهر بأنه يقدم الدعم للتحالف الدولى من أجل القضاء على التنظيم، ومن ناحية أخرى يقدم سلاحاً ومعدات عسكرية للتنظيمات والجماعات الإرهابية المتشددة والمتطرفة فى شمال سوريا.. فمقاتلو داعش يتلقون العلاج فى المستشفيات التركية».. والأهم من ذلك كله ما قاله «جولن» من أن «الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى لا يرغبان فى اتخاذ تدابير جادة قدر الكفاية لأسباب مختلفة، منها موقع تركيا الاستراتيجى.. كما أعتقد أنهم يحاولون ابتزاز مصر والتدخل فى شئونها من خلال استغلالهم لجماعة الإخوان»!!.
المشكلة أن التحالف الأمريكى والأوروبى يبدو أحياناً وكأنه «بروباجندا» تخاطب الرأى العام العالمى، لكن هذه الدول نفسها تريد إخضاع العرب وتفتيت أوطانهم واستمرار صناعة السلاح التى يقوم عليها اقتصادهم بتنشيط الإرهاب فى المنطقة.. هذه الدول تنتفض فقط إذا أصابتها شظايا الإرهاب، وبالتالى فهى تبارك -ضمنياً- الدور الذى يلعبه «أردوغان».. ولكن!.
لكن سيأتى يوم يضطر فيه العالم، الذى ضحى بالديمقراطية من أجل عيون «سفاح تركيا»، ليدخل فى صدام معه، ولكن بعد أن يكون العالم قد اكتوى بإرهابه.. وساعتها لن يكون «أردوغان» بعيداً عن مصير صدام.