«كوم أمبو»: مرضى يفترشون الطرقات والسلالم.. ونصيحة «مجرب»: «هات مروحتك معاك»
مرضى كوم إمبو يستغيثون بالمسئولين
مخلّفات البناء ملأت المستشفى على جانبى بوابة الدخول الرئيسية، ومقالب القمامة لم تكن بعيدة عن الأنظار، حيث تجمعت هنا وهناك، وأمام مدخل الاستقبال والطوارئ كان ما يشبه موقف «التوك توك» وسيارات النقل، جلس سائقوها على درجات سلم الدخول، وفى الأقسام من الداخل افترش المرضى الطرقات والعنابر فى درجة حرارة مرتفعة نتيجة تعطل «التكييف»، هذا هو الحال الذى كان عليه مستشفى كوم أمبو المركزى، إهمال فى الخارج والداخل، والجميع «لا حول له ولا قوة»، فلا سبيل لهم غيره.
فى الخارج، حيث الساحة الخارجية للمستشفى، جلس الخمسينى «شعبان عبدالوهاب»، يتنفس الهواء الطلق، بعد أن اختنق من هواء العنبر الذى يقيم فيه أبوه، فى مشهد تكرر خلال عدة أيام مضت: «آخرك هنا محلول جلوكوز، وفايتين مصالحنا عشان خاطر المحلول اللى أبويا بياخده، ولو احتجنا حقنة أو حاجة بنروح نشتريها من بره، وبقينا خايفين نمشى ميرضوش يستقبلونا تانى لو تعب، وآدينا قاعدين غصب عننا».
جميع مظاهر الإهمال موجودة فى المستشفى، بحسب «شعبان»، وهو الأمر الذى يراه يزيد المريض مرضاً: «المريض لو قعد فى الأوضة ساعة يمرض أكتر، وكل مريض دلوقتى قدامه مروحته اللى جايبها من البيت، وحتى الملايات إحنا اللى بنجيبها من البيت»، وكانت كل أقسام المستشفى فى ناحية وقسم النساء والتوليد فى ناحية أخرى بالنسبة لـ«شعبان»، فقد رأى فيه ما لم يره فى غيره، حسب تعبيره: «ممكن يسيبوا الواحدة تولد فى الطرقة، لدرجة إنى بقيت أخاف أولد مراتى هنا، بس بيكون غصب عننا، لأنها لو ولدت بره ممكن طفلك يحتاج حضانة وقتها مش هيرضوا ياخدوه».
وفى الداخل أمام قسم الأطفال، جلس الثلاثينى «إبراهيم عبدالله» على الأرض، حيث لا توجد كراسى استراحة، بعد أن خرج من العنبر المقيمة فيه ابنة شقيقته، حيث لم يتمكن من احتمال رائحته الكريهة: منظر المستشفى لوحده يجيب المرض». مشاهد كثيرة رآها وعاشها «إبراهيم» داخل مستشفى كوم أمبو، نظراً لكونه المستشفى الوحيد فى المركز، يحكى عنها قائلاً: «أفتكر مرة كنت جاى أكشف، ولقيت واحد داخل المستشفى عامل حادثة والدم نازل منه على الأرض، وقتها الدم فضل على الأرض أكتر من 5 ساعات محدش سأل فيه، وبعد كده لما اتكلمت طلع واحد بشوية ميّه عادية خالص رماها على الدم وزقه بالمساحة لحد الأسانسير ونزله من الفتحة اللى بين الأسانسير والأرض، وخد من ده كتير بقا، وممكن مواقف زى دى الدم يقعد باليوم واليومين محدش ييجى جنبه».
«المستشفى ده كل الناس بتشتكى منه، والناس اللى على قد حالها هنا كتير ومش هيقدروا يروحوا غيره»، جملة قالها «جابر محمد»، صاحب العقود الأربعة، ليحكى ما يعرفه عن مستشفى مركزه قائلاً: «العنابر كلها مافيهاش مراوح والتكييفات اللى فيها واقفة، وكل مريض بيعتمد على نفسه وبيجيب مروحته معاه».