إلى متى سنظل نمجد فى الغرب ونفتح له الأبواب ونعتبر أن ما يقوله إن هو إلا وحى يوحى! وأنه يمسك بالقسطاس العادل الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟!
إن المتابع لتصريحات وزير خارجية فرنسا (الذى زار منطقة الخليج مؤخراً، وأعطى فيها كل الحق لقطر ورأى أنها على صواب).. يستطيع أن يرى الشىء نفسه حدث مع وزير الخارجية الأمريكى الذى ذهب إلى أن قطر تعانى من الحصار، وأنها بهذا المعنى إنما تدافع عن مصالحها، وبينما كان الرئيس ترامب يطالب بعد عودته من السعودية بضرورة معاقبة قطر التى تمول الإرهاب فى العالم.. عاد وابتلع تصريحاته وغاب تماماً عن المشهد السياسى وترك لنا وزير خارجية يهذى بكلمات مؤيدة للإرهاب القطرى.. ولم يرده أحد!
ولن ننسى أن وزير خارجية ألمانيا لم يذكر قطر فى إشارة قريبة أو بعيدة، وإنما تحدث عن ضرورة مكافحة الإرهاب، أما قطر فكانت برداً وسلاماً لم يقترب منها فى قليل أو كثير، وكذلك حدث الأمر نفسه مع وزير خارجية بريطانيا الذى لم يكف عن رفع شعره عن عينيه، وطالب بضرورة مكافحة الإرهاب العالمى.. أما قطر فلم يذكرها، وذهب إلى أنها تدافع عن نفسها!
«الموقف الدولى» بهذا المعنى موقف غير أمين، وكشف عن نواياه الخبيثة، فقد انطلق من انحيازه إلى دولة قطر، وآسف إذا قلت إنه أخذ أموال السعودية لعشر سنوات مقبلة، واتجه إلى قطر وضرب بحلفائه عرض الحائط! والغريب أنه لم يلتفت إلى البيان الرباعى الذى صدر عن السعودية ومصر والإمارات والبحرين، ونسى تماماً ما قاله وزير الخارجية السعودية «عادل الجبير» من أن مطالب الدول المقاطعة يتم تنفيذها فوراً ولا تقبل الحوار! الغريب أن وزراء الخارجية الأجانب تحدثوا جميعاً عن ضرورة الحوار، وهذا معناه أنهم لم يهتموا بما قاله وزراء الخارجية العرب، وأخذوا صف دولة قطر.. فما قاله وزير الخارجية البريطانى هو ما ردده وزراء الخارجية الثلاثة الآخرون «الألمانى والفرنسى والأمريكى».
الغريب والعجيب أننا لا نزال نمجد فى مواقف وزراء الخارجية الأجانب، ولا نبرز فى نشراتنا التليفزيونية ما قالوه.. وما حدث فى القضية الفلسطينية حتى اليوم، بات يتكرر فى المواقف الدولية من الأزمة السورية، والأزمة اليمنية، والأزمة الليبية، والأزمة العراقية، ولم نتعلم الدرس -نحن كعرب- حتى أصبحنا مادة للسخرية فى ما بينهم.. فالكرم العربى «الحاتمى» ينعمون به، ثم يقولون عكس ما يشاهدون، أو ندعى عليهم ما لم يقولوه!
وننسى أنهم يرددون ما يقوله الإعلام القطرى.. فالعرب يرفضون كلمة «حصار»، لأنهم قاطعوا قطر ولم يحاصروها بدليل أن هناك خطوطاً ساخنة مع إيران وتركيا، ولم يفعل العرب أى شىء، لكن وزراء خارجية الدول الأجنبية يتبنون مقولة «حصار»، مثل الإعلام القطرى! ويعلمون أن قطر على علاقة جيّدة بإيران.. لكنهم يباركون هذه العلاقة.. فإيران ليست عدواً للغرب كما يقولون لنا، وإنما هى صاحبة الاتفاق النووى الإيرانى الغربى، الذى يحظى بمباركة أمريكا وأوروبا.. فقط إنهم يصدرون إلينا ما نود نحن أن نسمعه.. لكن هذا الموقف الدولى الكاذب لم يستمر طويلاً، وإنما كان لا بد أن يعلن عن نفسه.. وهو ما حدث بالضبط فى الأزمة القطرية.. فتوارى رجل الأعمال الأمريكى «ترامب» وصدر لنا وزير خارجيته تيلرسون ونظراءه الأوروبيين (الألمانى والإنجليزى والفرنسى) الذين أعلنوا دون مواربة أنهم مع قطر فى خلافها الخليجى والعربى!
والسؤال الآن: لماذا نصر على أن الأوروبيين وأمريكا فيهم الحيادية والنزاهة، مع أن الواقع الذى يفقأ العيون يؤكد أنهم لا يبحثون إلا عن مصالحهم فقط!
ففرنسا التى تردد أنها بلد «الحرية والإخاء والمساواة» هى التى احتلت الجزائر وحاولت طمس هويتها، وهى التى شاركت بريطانيا وإسرائيل فى العدوان الثلاثى على مصر.. ننسى للأسف كل هذه الأحداث القريبة، ونتذكر فقط «حرية، إخاء، مساواة»!
العيب فينا يا قوم.. بات علينا أن نفتح عيوننا، وأن نعرف صديقنا من عدونا.. نحن كعرب مستهدفون، وقديماً صرح «ترامب» قبل ثلاثين عاماً بأننا قلة فى العالم، لكن ثروته متكدسة فى بلادنا، ووعد بأن يحصل عليها.. وهذا ما حدث مؤخراً عندما زار الخليج!
أمريكا باعت السلاح لمنطقة الخليج.. والغرب يريد إشعال حرب ضروس بين دول الخليج، وقال إن الحرب العالمية الثالثة لا بد أن تبدأ فى الخليج، باعتبار أنها حرب ضد الإرهاب!
وأعتقد أن الخليج سيكون ساحة مواجهة بين السلاح الأمريكى، أما الغرب فسيظل على الحياد متفرجاً.
علينا أن نفهم تصريحات وزراء الخارجية الأجانب.. ستكون دائماً فى كفة قطر لإشعال الحرب التى يريدون.. ولهذا السبب لم نندهش لتصريحات وزير الخارجية الفرنسى، لأنها تسكب الزيت على النار.. وصولاً لإشعال حرب متممة للحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.. لقد ترك هؤلاء الأربعة الكبار الحق الخليجى، واصطفوا بجوار قطر، لأن إشعال الحرب فى المنطقة هو الهدف.
والعجيب أننا رأينا ذلك بأنفسنا، لكن وسائل إعلامنا تكذب علينا.. لم تقل إن وزير خارجية فرنسا قال الشىء نفسه، مثل وزير خارجية ألمانيا وبريطانيا وأمريكا.
يا قوم.. حتى الآن تعتبر قطر هى المنتصرة.. أما باقى دول الخليج «السعودية والإمارات والبحرين»، بالإضافة إلى مصر، فهى المهزومة، فالتأييد الغربى كله لدولة قطر، وتصريحات وزراء خارجية الغرب مع قطر.. أما نحن فنصيبنا الخسران فى الدنيا، والموت قهراً فى الآخرة.. نحن نكذب على أنفسنا.. الغرب كله مع قطر.. والهزيمة والتقهقر حليفنا.. هكذا أراد الغرب الذى لا نزال نمجده ونرى أنه يبحث عن الحق، مع أنه باطل، ولا يبحث إلا عن باطل.. وما تأييده الكبير لقطر إلا أكبر مثال على ذلك.
■ الساكت عن الحق
إسرائيل ليست بريئة من كل ما يحدث فى منطقة الخليج، خصوصاً أن قطر لها علاقة جيدة بإسرائيل، وإدارة قطر السابقة لها ممتلكات واستثمارات فى تل أبيب.. اللهم اكفنى شر أصدقائى أما أعدائى فأنا كفيل بهم.