أزهريون عن انتحار طالب ثانوي بمسجد: جريمة تغلظ عقوبتها بالمكان
أرشيفية
الثانوية العامة.. ليست مجرد مرحلة دراسية عادية، وإنما هي بمثابة "بعبع" لدى الطلاب الذي يقضون ساعات عدة في الدورس الخصوصية وأمام المكتب الذي تتراص عليه الكتب والأوراق والأقلام، لمذاكرة وترتيب المعلومات المتعددة التي تزدحم بها المناهج لتجاوز "عنق الزجاجة" المسمى الشائع عن المرحلة، الذي يخرج بها الطالب من ضيق "المدرسة" إلى فضاء "الكلية" التي يحلم بها، كما أزمة مالية ونفسية ضخمة لدى أولياء الأمور.
ورغم قدرة المثيرون على تخطيها، إلا أنها مرحلة صعبة يسقط لها ضحايا، الذين يجد بعضهم الانتحار خير وسيلة لإنهاء تلك المعاناة إلى الأبد، وكان آخر من أقدم على ذلك الاختيار، "عبد الرحمن. م. ع"، 17 عاما، الطالب بالثانوية الأزهرية ومقيم عزبة أبوسعدة بدائرة المركز، الذي تناول مبيدا حشريا بعد تأدية الصلاة في المسجد بالعزبة مع شقيقه، وتم نقله إلى المستشفى وتوفى فى الحال، متأثرا بتناوله المادة السامة، وتم التحفظ على الجثة تحت تصرف النيابة العامة وتحرر المحضر اللازم وتولت النيابة التحقيق.
المسجد.. هو المكان الذي اختاره طالب الثانوية الأزهرية للانتحار هذه المرة، ولكنه اختيارا يزيد من فظاعة وبشاعة ذلك الجرم، في رأي الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، قائلا إن إنهاك النفس البشرية بالانتحار محرم شرعا، لقول الله سبحانه وتعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، وقوله أيضا عز وجل: "ولا تلقوا بإيديكم إلى التهلكة"، ولقول الرسول الكريم: "الآدمي بنيان الرب، ملعون من هدم بنيان الرب".
وأضاف كريمة، في تصريح لـ"الوطن"، إن الحرمة تغلظ في أزمنة وأمكنة ذات شرف، مثل شهر رمضان الكريم والأشهر الحرم، والمساجد والحرم المكي، مشيرا إلى أن "أهل السنة أوردوا أن لكل جريمة ملابساتها ولكن أمرها إلى الله سبحانه وتعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".
وأيدته في الرأي ذاته، الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية، قائلة إنه بعلم الفلسفة يوجد مبدأ "اللطف" بمعنى أنه أثناء الإقدام على الجرم يمكن أن يغيب الله تعالى العقل عن العمل فيسقط الحساب.
وأكدت أن الانتحار محرم لأن النفس البشرية ليست ملكا للبشر وإنما لله سبحانه وتعالى فقط، مشيرة إلى وجود عوامل قوية دفعت الطالب على تلك الخطوة.