فى كل مرة نخطئ حين نقول إن مستوطنين «صهاينة» اقتحموا المسجد الأقصى ودنسوه تحت رعاية سلطات الاحتلال الإسرائيلى، فالصحيح أنهم يقتحمون المسجد تحت رعاية الحكام العرب!.. فهذه هى البرقية الصحيحة التى يجب أن تبثها وكالات الأنباء.
سلطات الاحتلال الإسرائيلى تمنع صلاة الجمعة فى المسجد الأقصى للمرة الأولى منذ نكسة 1967، وتضرب المصلين بالهراوات والقنابل وسط صمت عربى وإسلامى شعبى ورسمى.. تلك كانت البرقية الثانية.
سلطات الاحتلال تضع بوابات إلكترونية لتفتيش المصلين أمام أبواب المسجد الأقصى.. ومفتى القدس والمرجعيات الدينية فى فلسطين يفتون بعدم جواز دخول المصلين من البوابات الإلكترونية.. البرقية الثالثة.
المستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى فى حراسة قوات الإرهابى بنيامين نتنياهو، ويحتفلون ابتهاجاً بخلوّ المسجد من المصلين بعد تركيب البوابات الإلكترونية، وجيش الاحتلال يقتل شاباً فلسطينياً ويصيب العشرات فى القدس.. تلك كانت البرقية الرابعة.
حركة «فتح»، لاحظ أنها الحركة وليست السلطة الفلسطينية، تدعو الفلسطينيين إلى المشاركة فى فعاليات يوم الغضب الذى حددته الأربعاء الماضى احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية فى القدس المحتلة، وفى القلب منها المسجد الأقصى.
كل برقية من هذه البرقيات كانت تلخص يوماً أسود فى تاريخ الأمة العربية بشعوبها وحكامها من المحيط إلى الخليج.. فلا حاكم عربى تحرك من على مقعده الوثير ليعلن غضبه، ولا جماعة من جماعات الإسلام السياسى دعت أنصارها للتظاهر فى أى بقعة من بقاع الأرض ضد همجية إسرائيل، ولا تيار قومى ولا ليبرالى حرك ساكناً، فيما توارت جماعات العنف والإرهاب التى تزعم جهادنا وتقتلنا ليل نهار، وكأنها ابتلعت كل النصوص المقدسة التى تؤكد أن المسجد الأقصى المبارك هو أولى القبلتين وثالث الحرمين، فلم نقرأ سطراً واحداً لتنظيم «داعش وإخوانه»، عن وجوب جهاد الصهاينة الذين يحتلون «ديار الإسلام ويغتصبون المسجد الأقصى ويقتلون الأبرياء بغير الحق»، بل إن هؤلاء الخوارج المرتزقة واصلوا عملياتهم الإرهابية الغادرة فى سيناء وقتلوا وأصابوا نحو عشرة مجندين، فى نفس التوقيت الذى يمارس فيه الإسرائيليون إرهابهم ضد المصلين فى القدس الشريف.. يا لها من مفارقة.
أما البرقية الأخيرة فكانت من مظفر النواب، وتقول:
من باع فلسطين وأثرى بالله
سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام
ومائدة الدول الكبرى؟
فإذا جن الليل
تطق الأكواب بأن القدس عروس عروبتنا
أهلاً أهلاً أهلاً
من باع فلسطين سوى الثوار الكتبة؟
أقسمت بأعناق أباريق الخمر وما فى الكأس من السم
وهذا الثورى المتخم بالصدف البحرى ببيروت
تكرش حتى عاد بلا رقبة
أقسمت بتاريخ الجوع ويوم السغبة
لن يبقى عربى واحد إن بقيت حالتنا هذى الحالة
بين حكومات الكسبة
القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها؟؟
ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم
وتنافختم شرفاً
وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض
فما أشرفكم
ثم يختم:
تعالوا نتحاكم قدام الصحراء العربية كى تحكم فينا
أعترف الآن أمام الصحراء بأنى مبتذل وبذىء كهزيمتكم
يا شرفاء المهزومين
ويا حكام المهزومين
ويا جمهوراً مهزوماً