قطر المعزولة.. المقاطعة مستمرة
الأمير النيجاتيف
شهر ونصف الشهر، عمر المقاطعة التى أعلنتها أربع دول عربية لـ«قطر»، والأخيرة لم تخضع حتى الآن للمطالب التى فرضتها الدول، على الرغم من الخسائر التى تكبدتها «الدوحة» جراء إجراءات المرحلة الأولى من الدول العربية، لتصبح على أبواب مرحلة ثانية من العقوبات التى رجّح الخبراء والمحللون أن تكبّد الدولة الخليجية الصغيرة الكثير من الخسائر الإضافية، على المستوى الاقتصادى تكهن بعض المصرفيين وصناديق التحوط بأن الاحتياطيات المالية الضخمة لقطر «البلد الغنى جداً»، ربما لن تكون كافية للدفاع عن عملته «الريال» فى الأجل الطويل.
ويتوقع بنك أوف أمريكا نزوح 35 مليار دولار من النظام المصرفى القطرى خلال عام إذا سحبت دول عربية خليجية أخرى ودائع وقروضاً، لكن قطر ربما تواجه نزوحاً أكبر فى التدفقات الصافية إلى الخارج إذا هبطت صادراتها من الغاز الطبيعى مجدداً على سبيل المثال.
وتتمثل المشكلة فى أنها قد تكون قادرة فقط على استخدام جزء ضئيل من احتياطيها فى الدفاع عن عملتها، فمن بين الاحتياطيات أصول محلية ربما يكون من الصعب بيعها لمشترين أجانب فى ظل الأزمة، بينما هناك جزء آخر مرتبط بأصول أجنبية «غير سائلة» لا يمكن بيعها بسرعة لجمع سيولة مالية.
«الدوحة» على أعتاب «عقوبات جديدة» و«تميم» يبدأ الرضوخ بتعديل قانون الإرهاب
وعلى المستويين السياسى والدبلوماسى هناك تحرك مستمر ضد الدولة الخليجية حتى تعود عن «دعم الإرهاب» والتعاون مع كيانات من شأنها التدخل فى شئون الخليج، التى تتمثل فى إيران، التى طُرد لها 15 دبلوماسياً من الكويت، أمس الأول، بعد شهر تقريباً من تثبيت محكمة التمييز إدانة عناصر خلية «إرهابية» بتهمة «التخابر» مع إيران. وعن علاقة خطوة الكويت الأخيرة بطرد الدبلوماسيين الإيرانيين بما تفعله الدول الأربع تجاه قطر، يرى الدكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه وفقاً للمعلومات المتاحة «لا أعتقد أن هناك أى علاقة، فالكويت كانت واضحة أن إعلانها يتعلق بإثبات تورط هؤلاء الأشخاص فى أنشطة مخابراتية، فقامت بطردهم من بلادها ولم تخفض حجم التمثيل السياسى بين البلدين، ويمكن لإيران أن تعين بدلاً منهم فى وقت لاحق، فهذا القرار يتصل بالعلاقات الكويتية الإيرانية، ومن ناحية أخرى أهميته إثبات تدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية بطرق غير قانونية وطرق غير شرعية، هذا طبعاً إلى جانب تدخلها العلنى من خلال أجهزتها الإعلامية، إلى جانب تدخلها العسكرى من خلال دعم قوى وميليشيات عسكرية، وتدخلها المباشر من خلال الحرس الثورى فى سوريا، والتدخل فى العراق، والتدخل فى اليمن».
ويرى «هلال» أن الدول الأربع لم تكن موفقة عندما انتهت مدة العشرة أيام ثم انتهت مدة اليومين ولم تعلن عن خطوتها المقبلة فى المفاوضات والصراعات الدبلوماسية، مضيفاً أنه «عليك أن تأخذ المبادرة، فالدول الأربع أخذت المبادرة أولاً فى طرح مطالبها، وكان من المفروض، وفقاً للخبرات التفاوضية والدبلوماسية، أنه عندما تنتهى المدة تعلن عن موقف جديد، ولكن هذا لم يحدث، وأعلنت فقط عن أنها أسقطت مطالبها، وأنها سوف تتخذ الخطوة المقبلة فى وقت ملائم. ما الأسباب التى دعت الدول الأربع إلى اتخاذ هذا النهج؟ لا أعرف، والإيحاءات التى تعطيها رسائل الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية، أن العملية سوف تطول، ويتحدث صراحة عن اختلاف الطرق بأن قطر تسير فى طريق والدول الأخرى تسير فى طريق آخر، كانت هناك عشرات التكهنات تقوم بها هذه الدول، ولكن فضلت ألا تطرح أى مطالب جديدة، وقالت إنها أسقطت المطالب الحالية وسوف تطرح موقفاً جديداً فى وقت لاحق، متوقعاً أن الموضوع سوف يطول».
«سمير»: التدخل الإيرانى لزعزعة الأمن فى الخليج حقيقى.. وسياسى إماراتى: خطوة قانون الإرهاب إيجابية وما زال هناك الكثير
ويركز الدكتور أيمن سمير، أستاذ العلاقات الدولية، على ثلاث نقاط؛ الأولى أن «التدخل الإيرانى لزعزعة الأمن فى الخليج تدخل حقيقى، وهذه الخلايا خلايا حقيقية والخطر على الأمن الخليجى موجود وقائم وبقوة»، أما ثانياً «فقطر من خلال علاقتها بإيران تحاول التغطية أو تبرير وجود مثل هذه الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار، وبالتالى الخطوة الكويتية تأتى فى إطار حق الكويت السيادى والطبيعى فى حماية أمنها القومى والتعامل مع أى أخطار أمنية، بما فيها العناصر التى تعمل فى السفارة، قد تكون داعمة لعناصر إرهابية سواء بمعلومات أو بالدعم المادى أو باللوجيستى»، أما عن النقطة الثالثة، فقال «سمير» متناولاً تصريحات وزير الخارجية القطرى، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، بشأن علاقات عمان والكويت والإمارات بإيران، التى قال فيها إن قطر ليس وحدها من لها علاقة بالدولة الفارسية، قال «سمير»: «حتى الدول التى لها علاقة مع إيران هى علاقات فى أدنى مستوياتها وليست بالحميمية، والقوة التى عليها العلاقة القطرية الإيرانية، وبالتالى لا يمكن أبداً تشبيه العلاقة الإيرانية القطرية بالعلاقات الخليجية الأخرى مع إيران».
وتابع «سمير» لـ«الوطن»، قائلاً إن «علاقة قطر مع إيران علاقة مختلفة من حيث الكم والنوع، فمن حيث الكم هناك عدد كبير جداً من الحرس الثورى الإيرانى من الدبلوماسيين الإيرانيين، ومن حيث النوع أيضاً هى علاقة عميقة ومتجزرة ووصلت إلى مرحلة تسريب المعلومات من التحالف العربى للحوثيين وإيران، فهذا تعاون مختلف غير التعاون الكويتى أو التعاون العمانى أو التعاون السعودى». وعن المرحلة المقبلة قال «سمير» إن هناك «حزمة كبيرة من العقوبات يتم التجهيز لها فى الوقت الحالى تسير فى أكثر من مستوى، والمستوى الأول هو المستوى السياسى وهو القطيعة والفراق الدائم مع قطر وطرد قطر من المنظمات العربية والإقليمية العربية والإسلامية فى مقدمتها مجلس التعاون الخليجى والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى، والمحور الثانى هو عقوبات اقتصادية على الجهاز المصرفى القطرى، وتحديداً على البنك المركزى القطرى، لمنع تمويل الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وسحب الأصول الخليجية وهى بالمليارات من البنوك القطرية، وهذا كفيل أن يعجز الجهاز المصرفى والمالى القطرى، رقم 3 الدول الخليجية والعربية تخير الشركات المستثمرة إما التعامل مع قطر أو التعامل مع الدول العربية، وبالتأكيد هذه الشركات ستختار الدول العربية، وربما كل المشروعات القطرية الحالية، والمشروعات القومية وإنشاء الاستادات وغيرها، هذا قد يتوقف تماماً».
وفيما يتعلق بالإرهاب، اتخذ الأمير القطرى، تميم بن حمد، خطوة، أمس الأول، ربما تكون بادرة انصياع لمطالب الدول الأربع، حيث أصدر مرسوماً بقانون رقم (11) لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (3) لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب، وتضمن المرسوم بقانون تعريف الإرهابيين والجرائم والأعمال والكيانات الإرهابية وتجميد الأموال وتمويل الإرهاب، واستحداث نظام القائمتين الوطنيتين للأفراد والكيانات الإرهابية، وتحديد إجراءات إدراج الأفراد والكيانات على أى منهما، وبيان الآثار المترتبة على ذلك، وتثبيت حق ذوى الشأن بالطعن فى قرار الإدراج أمام محكمة التمييز. وقضى المرسوم بقانون بتنفيذه، وأن يعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية.
وحول هذه الخطوة يقول المحلل السياسى الإماراتى، ضرار بالهول الفلاسى، إنها «إيجابية، يجب أن تتبعها عدة خطوات، فالطريق لا يزال طويلاً أمام قطر، فهذه نقطة فى بحر من تاريخهم الدموى والإرهابى ودورهم فى دعم الإرهاب»، مضيفاً أننا نأمل تنفيذ باقى الشروط والمطالب، مؤكداً أن «هذه الخطوة لا تنهى المقاطعة أو الإجراءات التى اتخذت فى حقهم إلا فى حالة التنفيذ الكامل للمطالب، فهذا واحد من الـ13 مطلباً، من الممكن أن نقول بادرة خير ولكن هذا ليس نهاية الطريق، وهناك نوع من التعنت القطرى، وما زال هناك نوع من التعنت بالرغم من وجود بعض البوادر وأنا لست متفائلاً». ويقول الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية، أمس، إن المرسوم القطرى بتعديل قانون مكافحة الإرهاب خطوة إيجابية للتعامل الجاد مع قائمة 59 إرهابياً، مشيراً إلى أن ضغط الأزمة يؤتى ثماره والأعقل تغيير التوجه ككل. فيما نفت مصادر دبلوماسية تنازل الدول المقاطعة لقطر عن مطالبها المقدمة للدوحة فى بداية الشهر الحالى، وأن الدول ما زالت ملتزمة بها، حيث لا يوجد أى تراجع أو مساومة على تلك المطالب. وقالت المصادر فى تصريحات لـ«الوطن» إن مصر وكلاً من السعودية والإمارات والبحرين لم يتنازلوا عن مطالبهم واختزلوها لـ6 مبادئ وإن ما ذكره هى المبادئ التى تم الإعلان عنها فى الاجتماع الرباعى الذى استضافته القاهرة، 5 يوليو الحالى، وأكدت المصادر الدبلوماسية أن الموقف المصرى وباقى دول المقاطعة واضح وتم التعبير عنه خلال زيارة وزير الخارجية سامح شكرى، للعراق وفى عدة مناسبات أخرى سواء من قبَل وزير الخارجية السعودى، عادل الجبير ومسئولين آخرين فى الإمارات.