اعترض البعض على عنوان هذه السلسلة من المقالات، حيث فهموا منها أن للإخوان علاقة بالجيل الرابع من أجيال العنف فقط، ولا علاقة بينهم وبين أجيال العنف السابقة، وهذا اعتراض مردود من الناحية اللغوية والبحثية، ولكنى غيرتُ العنوان من: (علاقة الإخوان بالجيل الرابع من تنظيمات العنف) إلى: (علاقة الإخوان بتنظيمات العنف) تسهيلاً على القارئ. اليوم أذكِّر الذين ينكرون علاقة فكر الإخوان بتنظيم داعش الإرهابى بما قلتُه فى المقالين السابقين من أن الرجل الثانى فى تنظيم داعش واسمه «طه صبحى فلاحة»، وشهرته «أبومحمد العدنانى» استمد منهجه من تفسير الظلال للإخوانى سيد قطب، وأن قائد الجناح العسكرى لتنظيم داعش واسمه «أبومصعب السورى» انضم لتنظيم الطليعة المقاتلة بسوريا، وهو التنظيم المسلح التابع لجماعة الإخوان، وأنه كان المسئول الإدارى للإخوان عن منطقة شمال غرب سوريا.
وفى مقالى الأول نقلت تصريحاً مهماً للدكتور «يوسف القرضاوى» قال فيه: «إن أبوبكر البغدادى، زعيم تنظيم داعش، كان عضواً فى جماعة الإخوان، واستمر معهم عدة سنوات، وتركهم لأنه كان يبحث عن القيادة»، ويمكن مشاهدة كلام «القرضاوى» على الرابط التالى:
https: //www.youtube.com/watch?v=08QYqpsuPKc
ملحوظة: (القارئ الكريم ليس فى حاجة لتذكيره بأن «القرضاوى» اعتبر الحرب ضد «داعش» لا تحركها قيم الإسلام، وأن «عمر مشوح»، رئيس المكتب الإعلامى للإخوان فى سوريا، قال إن جماعة الإخوان ترفض التحالف العربى ضد «داعش»، ووصف التحالف بالنفاق).
يؤكد كلام «القرضاوى» أنه فى بداية عام 2000 كان «البغدادى» غاضباً ويشتكى من قيادته فى جماعة الإخوان، ويقول: «جماعتنا مو هى محتضنينا»، وكان «البغدادى» حينها طالب دكتوراه فى جامعة صدام للعلوم الإسلامية، وكان فى خلاف دائم مع الإخوان لتوجهاته السلفية، ثم انفصل عنهم، وانضم لـ«القاعدة».
وكما أن «العدنانى»، المتحدث باسم تنظيم داعش، مرشده الإخوانى ظلال «سيد قطب»، وأن قائد الجناح العسكرى «أبومصعب السورى»، مرشده الإخوانى «سعيد حوى»، فإن «أبوبكر البغدادى» مرشده الإخوانى الجهادى «محمد حردان»، قائد جيش المجاهدين السلفى فى العراق، وقد ارتبط «البغدادى» بمجموعة «حردان» تنظيمياً وفكرياً.
وبالرجوع إلى الوراء قليلاً نلاحظ العلاقة القوية التى جمعت المحامى «حازم أبوإسماعيل» والمهندس «خيرت الشاطر» بعد ثورة يناير، تلك العلاقة التى ساعدت فى تهدئة الخلافات وتجاوزها بين الإخوان والجماعات الجهادية التكفيرية التى انضوت تحت لواء «أبوإسماعيل».
وفى تصريح كشف الدكتور «ناجح إبراهيم» عن أن شقيق زعيم «القاعدة»، القيادى الجهادى محمد الظواهرى، تم القبض عليه فى سيناء قبل عزل «محمد مرسى» بعدما علمت أجهزة الأمن أن «الظواهرى» أسس مدارس شرعية وعيّن قضاة شرعيين فى سيناء، على غرار المدارس الشرعية فى منطقة الحدود الباكستانية - الأفغانية، لكن «مرسى» تدخل وأطلق سراحه ورفض حتى التحقيق معه، كما نشرت الصحف المختلفة ذلك فى حينه.
أضف إلى هذا شهادة مهمة للقيادى الجهادى محمد ياسين، حين قال: إن مجموعة من إخواننا فى تنظيم الجهاد تم تعيينهم فى فترة حكم «مرسى» مستشارين فى الرئاسة وبعض الوزارات، وهؤلاء كان لهم تواصل مع إخواننا فى «القاعدة»، وإن كان تواصلاً غير محسوب على الإخوان، وأن «مجدى سالم»، زعيم تنظيم طلائع الفتح، كان مساعداً لواحد من أقرب مستشارى «مرسى».
إن هذا التقارب الفكرى والتنظيمى يؤكد أن الاختلاف بين الإخوان وتنظيمات العنف المسلح من الجيل الأول حتى الرابع هو اختلاف فى الوسائل والمنهج الحركى وفى كيفية اختيار الوقت المناسب فى التعبير عن الأفكار، حيث ترى جماعات العنف أن كل وقت هو الوقت المناسب للتعبير عن الأفكار، وترى جماعة الإخوان أن للعنف وقتاً محدداً، لذلك فالجماعة تستخدم العنف والتحريض من ناحية، ثم تظهر كأنها جماعة سلمية لطيفة من ناحية أخرى.