بمناسبة فصل الصيف الذي نعيشه ونتحمل فيه أعلى درجات الحرارة، تدعونا الأجواء لترك القاهرة والتوجه لأقرب مصيف، وهنا تقفز إلى ذهني صورة محافظة الإسكندرية الرائعة، فرغم روعة وجمال معظم الأماكن الساحلية التي زرتها من قبل، سواء في الداخل أو الخارج، إلا أن الإسكندرية هي أجمل مدينة ساحلية عشت فيها وتأثرت بها، وقضيت فيها أجمل ذكريات مع الأهل والأصدقاء، لدرجة أني أعشق المسلسلات والأفلام التي دارت أحداثها في رحاب الإسكندرية.
إن وجود الإسكندرية في أي عمل فني يعطي له طابع ومذاق خاص، وكان الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة من عشاقها، وكانت محورا رئيسيا في كثير من أعماله، فمن ينسى "الراية البيضاء" للمخرج محمد فاضل والعظيمة سناء جميل وجملتها الشهيرة "ولا يا حمو.. التمساحة يا له"، وكذلك مسلسل "ضمير أبلة حكمت" للمخرجة أنعام محمد علي، والعملاقه فاتن حمامة، حيث كانت تمارس رياضة المشي باستمرار على كورنيش الإسكندرية.
وفي السينما جعلها العبقري يوسف شاهين عنوانا لسيرته الذاتية، فقدم سلسلة من الأفلام تحمل اسم الإسكندرية، وتدور أحداثها بداخلها، وتحكي قصة حياته باعتباره أحد أبنائها.
ومن أجمل الأغاني التي سمعتها أغنية "شط إسكندرية" للسيده فيروز، وحينما فكرت في إيجاد عنوان مناسب للمقال، لم أجد أفضل من أغنية المطرب الكبير محمد الحلو "عمار يا إسكندرية، والتي غناها في تتر مسلسل "زيزينيا" من كلمات الشاعر العظيم أحمد فؤاد نجم، وألحان المبدع عمار الشريعي، وكانت أحداث المسلسل التي كتبها أسامة أنور عكاشة تدور في الإسكندرية، من بطولة النجم يحيى الفخراني، وإخراج جمال عبد الحميد الذي قدم بعدها مسلسله "ريا وسكينة"، وكان يحكي قصة سفاحتي الإسكندرية.
ورغم أني لست من أبناء محافظة الإسكندرية، حيث أني من أصول صعيدية "محافظة أسيوط"، لكن تظل للإسكندرية مكانة خاصة في قلبي، وطالما حسدت سكانها على تلك النعمة، وتمنيت أن أعيش فيها للأبد، فهي عن حق عروس البحر الأبيض المتوسط، مدينة ساحرة وجميلة اعتدت على زيارتها في صغري مع الأسرة، حيث كانت المصيف المفضل للعائلة، وكانت رغم الزحام الشديد في فصل الصيف تبدو مبهرة بشوارعها وأحياءها ومحطاتها المتنوعة "شارع خالد بن الوليد، محطة الرمل، قلعة قايتباي" ومواصالاتها من "ترام أو أوتوبيس، أو مشروع (الميكروباص)"، ومحلات الأكل الشهيرة مثل "هو ده شعبان بتاع السمك اللي بيقولوا عليه (المحل اسمه كده)، ومحمد أحمد (بتاع الفول والفلافل)، والفلاح (بتاع الكبدة)، وجيلاتي عزة" وغيرهم.
وعندما كبرت وزرتها في الشتاء زاد انبهاري بها وبأمطارها ونواتها، فقد كانت أقل صخبا وأكثر جمالا وسحرا، ولديها أعظم كورنيش في العالم.
الحديث عن جمال الإسكندرية لا ينتهي، فهي حقا لها رائحة في الجو مميزة، لم أجدها في أي مكان آخر، وبلدنا مصر بها أماكن كثيرة عظيمة وتستحق التقدير والاحترام والعشق، على رأسهم -من وجهه نظري- مدينة الإسكندرية.