قبل أسبوع وتحديداً يوم السبت الماضى، أكملت مصر منظومتها الدفاعية، لتؤكد أن «دولة مصر» تصون مقدراتها وتحميها دون إهدار أو تبديد.. تحمى ولا تهدد.. قادرة على أن تستجيب لنداء الواجب.. تواجه التحديات والصعاب دون أن تمتد يدها بالغزو.. تعلن الحرب فقط لتواجه الإرهابيين كى تتفرغ للتنمية وإكمال مسيرة دولة اختارت «السلام والأمن والبناء» شعاراً لها..! وعلى الرغم من أن قواتنا المسلحة باتت القوة العسكرية العاشرة على مستوى العالم إلا أن عقيدتها لا تزال كما هى عبر السنين الطوال «يد تحمى وترفع السلاح فى وجه العدو ويد تبنى وتزرع وتنشر العمران وتساهم فى التنمية»، دون أن تكون قوة تهدد أو تغزو أو حتى تتدخل فى شئون الغير إلا إذا دفعه غروره إلى تهديد الوطن.
ومثلما كان «محمد نجيب» رمزاً لثورة شعب رفض الظلم، أصبح أيضاً «رمزاً للحماية» وحصناً للتأمين «فى صورة» أول قاعدة عسكرية تُختم بـ«شعار مصر» لمواجهة الإرهاب إذا ما فكر لحظة فى «الهجرة» إلى أرض مصر عبر بوابتها الغربية دون أن يدرك أن خلف هذه البوابة أبناء على استعداد لأن يضحوا بأرواحهم فى سبيل الحماية والدفاع عن إنجازات تحققت فى مجال الطاقة النووية، «محطة الضبعة» وحقل البترول والغاز «ظهر» الذى أضاء أخيراً «أول شعلة» إضافة إلى حماية أرضنا فى مواجهة أى مغامر.
بالتأكيد فإن ما جرى على مدى الثلاث سنوات الماضية ليس غريباً على مصر.. فمصر ليست مجرد مساحة تستلقى بين خطوط الطول والعرض على سطح الكرة الأرضية.. وتلقى برأسها على شاطئ البحر الأبيض أو تحتضن يمناها أمواج البحر الأحمر بينما تلف ذراعها اليسرى على رمال الصحراء الغربية..!!
وبالتأكيد لا يمكن اختزالها فى مجرد بطاقة هوية تحتضن أوراقها صورة نسر صلاح الدين.. أو اختصارها فى جواز للسفر أخضر اللون تستقبل صفحاته أختام بلاد يكتب أبناؤها حروف أبجدية لغتهم من الشمال إلى اليمين أو العكس.. وبالتأكيد أيضاً لا يمكن تلخيصها فى ملامح سمرة تكتسبها بشرة مواطنيها.. أو فيما يردده صغارها فى حصص الجغرافيا عن أحوال الطقس بها: حار جاف صيفاً.. دفىء ممطر شتاء..!!.. أو فى كلمات اختار مؤلفها أن يرتب حروفها بعناية لتغنى هى أمى.. نيلها هو دمى أو شعار أجوف بالروح.. بالدم تردده حناجر مواطنين استسلموا لترديده بآلية رتيبة!! وبالتأكيد لم تكن كلمات «القائد» السيسى مجرد كلمات تقال فى مناسبة.. بل كانت بحق خريطة طريق لمشروع قومى شامل يدشن مرحلة جديدة من العمل الوطنى لتكن مصر أولاً.. نحملها فى قلوبنا وعقولنا وخواطرنا وضمائرنا وتعيش فينا ولا نعيش فيها.. وليكن هذا هو شعارنا وهدفنا وغايتنا وبوصلتنا.. وليكن ذلك هو مشروعنا القومى الأكبر.
كانت حروف كلمات السيسى دائماً تنبض بالحياة.. وكان الحفاظ على الأمن القومى خطاً واضحاً لا يقبل النقاش: «الحفاظ على أمن مصر القومى هو مسئوليتى الأولى أمام الله والوطن..» هكذا كان دائماً يردد فى كل وأى مناسبة عامة، هكذا لم تكن كلمات «القائد» صباح السبت الماضى فى تدشين «قاعدة محمد نجيب» وبعدها بنحو أسبوع فى لقائه الشباب سوى تأكيد جديد يعكس بحق مشاركة القائد ومعايشته لكل أحلام وآمال وآلام ومتاعب جماهير المواطنين، ورسالة جديدة إلى كل من يهمه الأمر بأن تغييراً حقيقياً قد تحقق ليجسد بالفعل أن معنى المشاركة فى الوطن قد بدأ.. وأصبحت «مصر الجديدة» بالفعل واقعاً لما ستكون عليه مستقبلاً، من خلال ملامح سيرسمها أبناؤها الذين لن يسمحوا لأحد بأن يجهض جهودهم أو يفرغها من مضمونها سواء فى الداخل لا لشىء سوى لأن هذا التغيير قد يهدد وجوده فى مناصبه أو مواقعه العديدة، سواء كانت تنفيذية أو سياسية.. أو فى الخارج الذى يتخيل أنه يمكنه -فى لحظة جنونية- أن يخطو إلى داخل مصر ليهدد أبناءها.. بعد أن كانت مصر على مدى أكثر من 30 عاماً مجرد «ظرف مكان» أو مجرد قطعة من «الكارتون» تتراشق على سطحها صور ملونة أشبه بـ«لعبة السلم والتعبان»، نتيجة لواقع كنا نعانيه وأسلوب كنا قد اخترناه أو فُرض علينا لإدارة شئوننا.. إذ كنا نلقى بـ«الزهر» لنخطو وفق ما يكشف عنه أحد وجوهه خطوتين أو ثلاثاً ثم نرميه مرة أخرى لنعود حتى إلى ما قبل موقعنا الأول..!! إذ كان كل شىء أسيراً للصدفة التى كانت تلعب دوراً أساسياً بدرجة كان التضارب والتناقض قد أصبح سمة رئيسية فى معظم تصرفاتنا.. هكذا كنا نخطط.. وننجز.. وهكذا كنا نعيش.. ننتظر الصدفة التى يحملها «الزهر» ولا ندرى إن كنا سنتقدم خطوات أم سنتراجع أميالاً..!! كنا نرحب بالتحاقنا بعضوية النادى النووى الدولى.. وسرعان ما نتراجع لندير حواراً نشغل به أنفسنا حول الحجاب أم النقاب..!! نتشدق بحتمية تحقيق العدالة الاجتماعية.. ونعود للخلف مرة أخرى.. نسعى جاهدين لتحقيق الاكتفاء الذاتى من أى شىء.. ثم ننشغل بفتوى أن مرضى الإيدز شهداء.. وأن غرقى «مطاريد البطالة والظروف الاقتصادية الشرسة» فى البحر الأبيض هم مجرد طماعين وجشعين..!.. نفكر فى كيفية اللحاق بتعليم متطور.. ونعود لندير حواراً مكرراً حول قضية جميع وزراء التعليم: ثانوية عامة بعينين أم بواحدة والأخرى «عورة».. ننشغل لحظات بقضايا مصيرية تتعلق بإتمام الإصلاح الاجتماعى.. وفجأة نجد أنفسنا أسرى لأسابيع طوال لـ«ثأر الزمالك من الأهلى».. نطالب بتعميق ممارسة الديمقراطية.. ونعود لندير حواراً حول «التوك توك»..!! أما الآن فقد بدأت شمس مصر الذهبية فى السطوع لتنير طريقاً مختلفاً اخترناه ولن نحيد عنه أبداً.. ولك يا مصر دوماً السلامة.