«شربين»: الأطباء فى «الكافتيريا بيفطروا».. والمرضى فى انتظارهم
أعداد من الأطباء داخل كافتيريا المستشفى
فى مدخل جانبى من مداخل مستشفى شربين المركزى، وفى أحد الأركان، جلس عشرة أطباء، يتناولون إفطارهم الخفيف ويحتسون أكواب الشاى الساخنة، على إحدى الكافتيريات داخل المستشفى، دق جرس هاتف أحدهم ليرد قائلاً: «آه أنا موجود فى المستشفى من بدرى، أنا فى العياده أهو، مستنيك تعدى عليّا، ساعتين بالكتير وهخلص ونمشى على طول»، انتهى هذا الطبيب من مكالمته، فيما تحدث اثنان آخران حول كيفية التسجيل للحصول على درجة الماجستير، والشروط الصعبة التى من ضمنها أن ينشر الطبيب بعض مقالاته فى إحدى الدوريات العلمية أو المجلات الطبية المعروفة عالمياً، فيما رفع الآخر هاتفه، واتصل على إحدى الممرضات فى العيادات الخارجية فيما يبدو، وأخبرها بأنه سيشرب الشاى وسيأتى بعد ربع ساعة.
عقارب الساعة تقترب من العاشرة صباحاً، وما زال الأطباء يتوافدون على (الكانتين)، فمنهم من يشرب شاياً أو يتناول طعاماً ويمضى إلى عمله، بينما يأتى آخرون ليجلسوا، فيما ظل بعضهم فى مكانه لم يتحرك، بينما جلس آخرون يتحدثون عن العملية القيصرية التى أجراها أحدهم لسيدة قبل يومين.
فى المقابل وأمام العيادات الخارجية وقف العشرات من المرضى ينتظرون الطبيب الذى لم يأت بعد، منهم من افترش الأرض من شدة ألمه ومنهم من لم تذق عيناه طعم النوم طوال الليل، ومنهم من لم يعد يتحمل الألم، الساعة تقترب من التاسعة والنصف ومعظم العيادات مغلقة لم تفتح، وهناك عيادات أخرى جاءت إليها الممرضة، وجلست هى أيضاً تنتظر الطبيب، ومن ضمن هذه الممرضات ممرضة فى عيادة الأسنان، اختارت إحدى المريضات، وطلبت منها الجلوس على باب العيادة، وتسلم التذاكر من المرضى ووضعها بالترتيب السليم لحين حضور الطبيب، بينما انشغلت الممرضة فى تعقيم عيادة الأسنان والأدوات المستخدمة فى الكشف على المرضى بالعيادة.
أحد المرضى: «أنا راجل كبير.. وكنت فاكر إن هاجى المستشفى آلاقى فيه دكتور يكشف عليا»
على الأرض، جلس محمد صالح، شاب عشرينى، واضعاً يده على وجهه يحاول أن يضغط على أسنانه لتحمل الألم، حتى يأتى الطبيب لخلع ضرسه، معاناة الانتظار لم تكن هى المشكلة الوحيدة التى واجهها محمد منذ دخوله باب مستشفى شربين المركزى فى السابعة والنصف صباحاً، وإنما كانت هناك مشكلة الوقوف على شباك التذاكر، وهى أصعب بكثير، يقول صالح: «أنا هنا من الساعة 7 ونص الصبح، فضلت واقف فى شباك التذاكر لغاية الساعة 9 لما الموظف جه وإدانى تذكرة، الناس كتير قدام الشباك والدنيا زحمة قوى، لكن لما جيت وقفت قدام العيادة ولقيت الدكتور لسه ماجاش حسيت إن الموضوع بقى صعب وشكلى كده هروح من غير ما أخلع ضرسى»، ويتابع: «أنا مانمتش طول الليل بسبب الوجع اللى فى ضرسى، نزلت الفجر من البيت ورُحت الصيدلية أخدت حقنة مسكن، علشان أرتاح شوية، بس الواضح إنى مش هرتاح خالص، أنا كمان اتأخرت على الورشة اللى أنا بشتغل فيها، بس مش هروح الشغل أنا هروح على البيت أحسن».
أمام عيادة العظام، جلس رجل خمسينى ممسكاً فى يده عكازاً، ينتظر حضور الطبيب، وهو يقول: «كنت فاكر إنى هاجى المستشفى ألاقى فيه دكتور يكشف عليّا، أنا راجل كبير وركبى وجعانى قوى، ومش قادر أمشى عليها، جيت هنا الساعة 9 الصبح لقيت الشباك زحمة، أولاد الحلال قطعولى التذكرة، ودخلت المستشفى أستنى الدكتور، والساعة دلوقتى داخلة على 10 ونص ولسه الدكتور برضه ماجاش، طيب أروح فين بس وأنا فعلاً مش قادر أستحمل الألم، وأنا راجل على قد حالى، وممعييش فلوس أروح لهم العيادات الخاصة بتاعتهم».