13 كتابا لأبو زيد.. كفّرته ونفته وفرّقت بينه وبين زوجته
13 كتابا، للراحل نصر حامد أبو زيد، لم تضع اسمه بين كبار الكتاب والمفكرين فحسب، وإنما كانت سببا فى القول بتكفيره وإهدار دمه ونفيه، بل والتفريق بينه وبين زوجته بحكم قضائي، ليكون تجسيدا حيا، لقول الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوى فى مسرحيته الشهيرة، الحسين ثائرا.. شهيدا، "الكلمة نور وبعض الكلمات قبور، الكلمة فرقان بين نبي وبغي"، إذ تحولت كلمات أبو زيد فى بعض كتبه إلى سجن متحرك، حاصره أينما حل، بل وقبر دفن فيه حيا، فى حلقة من حلقات الصراع الأزلى بين الكتاب والمفكرين من جانب، والمتشددين والمتطرفين دينيا على الجانب الآخر.
"نقد الخطاب الديني"، كتاب أبو زيد الأكثر جدلاً، إذ كان يدعوا من خلاله جموع المسلمين إلى إعمال عقولهم عند تلقي الخطابات الدينية، على اختلاف وسائل نقلها، واستند فى دعوته إلى نصوص إسلامية، دعت المسلمين إلى استخدام عقلهم في كل مناحي حياتهم.
كان أبو زيد يقول: "لا بد من التمييز والفصل بين الدين والفكر الديني، فالدين هو مجموعة النصوص المقدسة الثابتة تاريخيا، بينما الفكر الديني هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتأويلها واستخراج دلالاتها. ومن الطبيعي أن تختلف الاجتهادات من عصر إلى عصر، ومن المنطقى احتلافها من بيئة إلى بيئة (واقع اجتماعي تاريخي جغرافي عرقي محدد) فى إطار بعينه، وأن تتعدد الاجتهادات بالقدر نفسه من مفكر إلى مفكر داخل البيئة الواحدة". وكان يرى أن العودة إلى الإسلام لا تتم إلا بإعادة تأسيس العقل في الفكر والثقافة، على خلاف ما يدعو إليه الخطاب الديني المعاصر، خصوصا المنهج السلفي، من تحكيم للنصوص.
كتاب آخر لأبو زيد، كان له نصيب من الجدل والنقاش، بعنوان "مفهوم النص- دراسة في علوم القرآن"، تعرض من خلاله لمفهوم النص وطرق تأويله، خصوصا "النص القرآني"، إذ يقول في ذلك: "القرآن كتاب العربية الأكبر الذي يرصد الأثر الأدبي الخالد". ولا يهتم الكتاب بمجرد تناول التراث، وإنما محاولة بلورة النصوص بأسلوب علمي، وهو ما جلب على أبو زيد لعنة الاتهام بالكفر، بدعوى قدسية النصوص القرآنية وعدم جواز الاقتراب منها بالتأويل.
العلمانية أيضا كانت حاضرة بين سطور وأفكار أبو زيد، وهو ما ضاعف من حدة الجدل حول كتابات الرجل، لدرجة قول البعض، فى وجوده، بأن العلمانية ممثلة للإلحاد، ليرد هو بكل حسم "العلمانية ليست إلحاداً، وإنما تعنى فصل السلطة السياسية عن السلطة الدينية، وليس حتى فصل السياسة عن الدين".
كتب أبو زيد الثلاثة عشر، لم تهتم فقط بتناوله لتأويل النصوص، وإنما كان من بينها كتب أدبية، نذكر منها "هكذا تكلم ابن عربي"، إلى جانب كتاب عن المرأة بعنوان "دوائر الخوف: قراءة في خطاب المرأة"، لكن تبقى كتبه عن النصوص القرآنية وتجديد الخطاب الديني هى الأكثر شهرة وجدلا فى مشاوره البحثي، ويبقى أمله وأمل تلامذته فى أن تعيد الأجيال الجديدة تقييم كتابات الرجل بعيدا عن نظارة التشدد الدينى السوداء.
وكما بدأنا بكلمات الشرقاوي، ننقل من المسرحية نفسها قوله: "إنكم قد تشترون الحمد من بعض عبيد الشهوات، تستذلون رقاب الطامعين الأقوياء، تخنقون الكلمات، تسجنون الريح في عرض الفضاء، تطمسون النور في جوف الشعاع.. لكن التاريخ أقوى منكم.. التاريخ حر لا يباع".
أخبار متعلقة:
"علامة نصر" لتوثيق سيرته .. وزوجته تؤسس "أبو زيد" للدراسات الإسلامية
نصر حامد أبو زيد.. "نصفوك" فقالوا: مفكر "الاستنارة" المصرية
زوجة حامد أبو زيد: لو كان حيا لأبطل صوته في "الإعادة"
نصر أبو زيد.. الباحث الذي كفّرته "العمامة" حيا واستكثرت عليه الرحمة ميتا
باحث سعودي أنصف أبو زيد علميًا بدراسة وحيدة
نصر حامد أبو زيد.. رجل "التفكير في زمن التكفير"