عدا هؤلاء الذين أسكنتهم «ظروفهم الاقتصادية» الصعبة خلف قضبان زنازين السجون «الغارمين والغارمات».. وعدا من ألقاه حظه العاثر وسط أحداث لفوضى أمنية «لا ناقة له فيها ولا جمل»، فإن «السجن» مصير محتوم لكل من ارتكب جريمة وعليه أن يقضى «مدة سجنه كاملة» دون أن تضمه قوائم العفو التى يصدرها الرئيس فى مناسبات مختلفة باعتبار أن هؤلاء «المعفى عنهم» قد أمضوا نصف مدة عقوبتهم وشهدت لهم وثائق السجون بـ«حسن السير والسلوك».
وإذا كان الفقهاء القانونيون قد أقروا سن قانون للإفراج عفواً عن السجين إذا بلغ «الثمانين» من عمره، وتقنين الإفراج عن هؤلاء «المعمرين» إفراجاً شرطياً باحترازات أمنية، فإن «مجلس النواب» يرتب لمناقشة مشروع لـ«الإفراج» عن كل مسجون تخطى «سن الستين عاماً»، بشرطين أن يكون قد قضى ثلثى المدة وأن يكون متمتعاً بحسن السير والسلوك طوال مدة العقوبة..!
الغريب أن «مشروع القانون» قد أورد أسباباً واهية للغاية لتبرير هذا الإجراء إذ قال «إن المسجون الواحد يكلف الدولة 50 جنيهاً يومياً إضافة إلى أن هناك تكدساً فى بعض السجون»، كما لو كان المشروع على استعداد بأن يضحى بأمن الوطن ومواطنيه من أجل 50 جنيهاً يومياً..!
وإذا كانت منظومة القيم الإنسانية تلزمنا بحتمية العفو عن شخوص هاتين الفئتين اللتين تتصدران هذه السطور، فإن «أمن الوطن ومواطنيه» يجبرنا على إبقاء أفراد فئتين أخريين داخل زنازينهم.. الأولى: هم «المسجلون خطر» وعددهم بالآلاف وهم الذين اختاروا الخروج عن قيم المجتمع وأعرافه وقوانينه وانتهجوا سياسة ترويع الآمنين ولم يجدوا سوى البلطجة وسيلة للتفاهم، و«المطاوى والسنج» أدوات للحوار وأحياناً «إطلاق الخرطوش» ليعبروا عن آرائهم.. أما الثانية: أعضاء الجماعات الإرهابية حتى يلقوا حتفهم دون أن تأخذنا بهم شفقة أو رحمة ليس «انتقاماً» بل «ثأراً وقصاصاً عادلاً» لأرواح شهداء عسكريين ورجال شرطة هم «حراس الوطن»، ومدنيين مسالمين.. وحفاظاً على أمن المجتمع!
آلاف من المسجلين خطر أصبحوا ينتشرون بين الآمنين فى الشوارع.. وكثير منهم اختار التخفى وراء «عجلة قيادة ميكروباص أو توك توك» فى حين أن نظرة عابرة على ما يحدث منهم فى الشارع أو على مطالع الكبارى أو أسلوب تعامل «قلة» من الشرطة ورجال المرور معهم تكشف عن المسكوت عنه.. وإذا كان البعض «يفاخر» بأن قانون الطوارئ لم ولن يستخدم إلا فى مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة وفى مقدمتها الاتجار فى المخدرات، فالأولى أن يتم تطبيقه على من يكشف سجله الإجرامى عن ارتكابه تلك الجرائم التى عادة ما تبدأ بالسرقات أو بمشادة كلامية أو بمحاولة فرض نفوذ على «الركاب» وتنتهى عادة بمجازر بشرية تصدم المجتمع!
أما عن الفئة الأخرى «الإخوان الإرهابيين» وغيرها من الجماعات، فالأمر واضح تماماً فلا يغيب عن أحد أن استراتيجية هذه «الجماعة» تعتمد على الغش والخداع.. فمن «الإسلام هو الحل» إلى «اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا»، ثم «نحمل الخير لمصر» استغلت حاجة قطاع عريض من الجماهير إلى معرفة صحيح الدين فيما توارى دور الأزهر الوسطى.. واستقطبت آخرين سيطر عليهم الخوف من «بئس المصير أو الطمع فى جنة الخلود»، لتوهمهم فى النهاية بأنها أيضاً تحمل «توكيلاً إلهياً» للحفاظ على الإسلام وشريعته السمحة، إضافة إلى أنها وجدت فى الظروف الاقتصادية القاسية لقطاع آخر من المهمشين اجتماعياً فرصة لتدفعهم إلى تأييدها لـ«تختطف الوطن» غير أننا أدركنا جميعاً بعد شهور معدودة أن من خدعونا بأنهم «خير» كانوا هم «الشر» نفسه، وأن «استبنهم» خائن وعميل!!
وإذا كان شباب «الإرهابيين» قد فشلوا أكثر من مرة فى التسلل إلى تلك الدفعات المتتالية من الشباب المسجونين الذين سبق للرئيس الإفراج عنهم فى ضوء ترشيحات «لجنة العفو الرئاسى» إلى جانب قوائم العفو الرئاسية التى تصدر فى المناسبات المختلفة، فإن ذلك لا يحول مطلقاً دون إمكان محاولة هؤلاء الإرهابيين تكرار تسترهم بمبدأ «التقية» الذى يحترفونه إضافة إلى إمكان أن ينتفع «شيوخ الإرهاب» بهذا المشروع إذا -لا قدر الله سبحانه وتعالى- أقره «مجلس النواب» خاصة أن معظم هؤلاء «الشيوخ» قد تجاوزوا هذه «السن» بسنوات طوال..!
ما يفرض علينا هذا الانتباه هى تلك «النغمة» التى بدأ البعض يتمتم بها وتنساب من أفواه البعض الآخر، ألفاظ «التسامح والوفاق وإدارة الحوار»، فهى كلها أدوات لا تصلح للتصدى ومواجهة إرهاب جماعة غاب العقل عنها.. وتراجع المنطق لديها.. وأعملت آلة القتل والإرهاب وإسالة دماء الأبرياء إلى جانب إشعال النيران فى الوطن ومؤسساته وتناوب أعضاؤها على الهدم والتدمير.. إذ إنهم جميعاً إرهابيون لا يهمهم إهدار كل القيم الوطنية فهم لا يعترفون بثوابت الوطن وسعوا طوال تاريخهم لحفر قبر لـ«وأده».. ويكفينا أن نتذكر جميعاً تعبير «سنستدعى جيشنا وسنشعل الحدود»، وهو ما قاله «عريانهم» ذات مرة ليتبين للجميع أى إجرام تنتهجه هذه الجماعة!
ولكل ذلك فإننا جميعاً فى انتظار أن يُزفوا قريباً بـ«بدلتهم الحمراء» إلى مصيرهم المحتوم!! وليصمت عازفو نغمة التصالح هذه.. ولك يا مصر دوماً السلامة.