البرنامج بدأ بتأهيل 1500 طفل ومراقبتهم لضمان عدم عودتهم للشارع
وزيرة التضامن مع فرق الوحدات المتنقلة لرصد الأطفال بلا مأوى
مسئولو برنامج «أطفال بلا مأوى» تعاملوا منذ يناير 2017، وهى بداية الفترة التجريبية لعمل البرنامج حتى الآن، مع عدد 1500 طفل، تم إيداع ودمج 120 طفلاً منهم فى دور الرعاية، ولا يزال التعامل والتأهيل قائماً مع بقية الأطفال، 55 طفلاً تم جذبهم من الشوارع وإعادتهم بشكل نهائى لأسرهم، بعد تأهيلهم اجتماعياً ونفسياً وتعليمياً، وتأهيل أسرهم وسد احتياجاتهم المعيشية والأسرية، إلا أن هؤلاء الأطفال لا يزالون تحت المراقبة لمدة عام كامل حتى لا يتم تسريبهم أو طردهم للشارع مرة أخرى بدافع التسول.
«الوطن» التقت عدداً من المسئولين القائمين على البرنامج، وعدداً من الأطفال الجارى تأهيلهم حالياً بدور الرعاية تمهيداً لـ«لم شملهم» مع أسرهم مرة أخرى ودمجهم اجتماعياً، وحمايتهم من الشارع بعد أن تبنت وزارة التضامن الاجتماعى وصندوق «تحيا مصر» خطة للحد من ظاهرة الأطفال بلا مأوى.
«عامر»: نجحنا فى تغيير نظرة طفل الشارع لسيارة الترحيلات من خلال الوحدات المتنقلة.. و95% من الأطفال أسرهم معروفة وأعداد قليلة مجهولو النسب
«خطة الحد من ظاهرة انتشار الأطفال بلا مأوى، تشمل تطوير مكاتب الاستشارات الأسرية ومكاتب المراقبة الاجتماعية وأندية الدفاع الاجتماعى التى تمثل الضلع المكمل للمنظومة حيث تستهدف الأسرة والأطفال، مع إنشاء مرصد لتتبع تطور الظاهرة»، ومن أجل تحقيق الاستدامة يتم تطوير قدرات العاملين بدور الرعاية وتوفير الأدوات التى تمكنهم من القيام بدورهم، مع الاهتمام بالتسويق المجتمعى لعلاج القضية»، فالخطة يتم تنفيذها فى (10) محافظات هى الأعلى كثافة من حيث تجمع أطفال بلا مأوى، وهى محافظات «القاهرة، الجيزة، القليوبية، المنيا، الشرقية، الإسكندرية، أسيوط، السويس، بنى سويف، والمنوفية»، بتمويل 164 مليون جنيه يسهم صندوق تحيا مصر بمبلغ 114 مليون جنيه وتسهم وزارة التضامن الاجتماعى بمبلغ 50 مليون جنيه.
«الخطوة الأولى لعمل برنامج (أطفال بلا مأوى) كانت تطوير مؤسسات الرعاية التى يقيم بها الطفل بلا مأوى، مع نشر فرق العمل الميدانى فى الشارع لمحاولة دمجه فى الأسرة أو جذبه إلى المؤسسات التى يتم تطويرها لاستقباله»، طبقاً لما أكده مسئول فرق الشارع ببرنامج الأطفال بلا مأوى، أشرف عامر من أن 17 فرقة شارع تعمل بالمحافظات لعودة الأطفال بلا مأوى لأسرهم أو إيداعهم دور الرعاية.
وفيما يتعلق بفريق العمل الميدانى أو ما يطلق عليه «فريق الشارع»، يقول أشرف عامر إنه يتكون من 4 أفراد «2 إخصائيين وممرض ومنفذ نشاط)، وعدد 2 لقيادة السيارة والأعمال اللوجيستية والفنية، مؤكداً أن الفريق ينتشر فى أنحاء المحافظات العشر بجداول يومية محددة مسبقاً، وخريطة محددة للبرامج الاجتماعية والثقافية والنفسية للأطفال بلا مأوى.
ويضيف «عامر» أن تصميم الوحدات المتنقلة تم خصيصاً ليلائم احتياجات الطفل وتصبح هذه الوحدات هى الملاذ الآمن له، فهى «ليست مجرد سيارة لنقله إلى مؤسسة الرعاية، بل تحتوى على أنشطة وألعاب لتجذب الأطفال، وتشمل كل جوانب الرعاية النفسية والاجتماعية والصحية من خلال فريق من الشباب الذين تم تدريبهم ليكونوا رسول الصداقة والأمان للأطفال وزرع الثقة للتعامل مع السيارات»، قائلاً: «الشغل الشاغل لنا هو جذب ثقة الطفل مما يمكننا من سهولة التعامل معه لأن الهدف الأساسى لمهمة الفريق يتمثل فى منح الأمان للطفل، وأن يشعر بأن فرق الشارع أصدقاء مقبلون لمد يد العون له».
ويؤكد «عامر»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن «فريق الشارع عبارة عن أوتوبيس تم تصنيعه فى الهيئة العربية للتصنيع بشكل يجذب الطفل ويمحو من وجدانه تخوفه من سيارة الترحيلات أو سيارة الشرطة، والأوتوبيس مقسم من الداخل إلى حجرة نشاط، وشاشة عرض، وجزء لعمل الإخصائى النفسى مع الطفل لتأهيله مبدئياً للتعرف على مشكلته واتخاذ قرار عودته للمنزل أو إيداعه بدار رعاية، والجزء الأخير العيادة الطبية وتشمل سريراً وغلاية لتعقيم الأدوات الطبية وشنطة إسعافات أولية، وعدداً من الإخصائيين والمشرفين».
ويتابع أشرف عامر: «مدخل التحدث مع طفل الشارع، ليس بالأمر اليسير، لذلك فريق الوحدة المتنقلة ينفذ طرقاً محددة لكسب ثقة الطفل.. ولا نسأل الطفل أبداً فى بداية تعاملنا معه عن اسمه أو عن سبب وجوده فى الشارع، والشغل الشاغل لنا هو كسر حاجز الخوف لديه، حتى يبدأ الطفل نفسه فى السؤال عن كيفية التقرب من الوحدة والإيداع بدار الرعاية».
وعن طريقة العمل، قال: «نبدأ بالجلوس مع الطفل مهما يستلزم الأمر من وقت حتى لو طال، ونقوم بالفحص الشامل له بشكل غير مباشر، ونمد جسوراً من الثقة، وبالتالى نسعى إلى أن ينتظر الأطفال أنفسهم السيارة فى مواعيدها، وبعدها تبدأ جلسات الإعداد لنقل الطفل من الشارع والعمل على عودته أولاً للأسرة وفى الوقت نفسه نحاول تأهيل الأسرة حتى لا يضطر الطفل للهرب مرة أخرى».
يقول «عامر»: «فى اليوم الأخير يكون الإخصائيون بالوحدة المتنقلة تمكنوا من معرفة القصة الكاملة للطفل، وهنا يوجد خياران إما الذهاب لأسرة الطفل وعودته لهم، أو إيداعه دار رعاية حال وجود عنف أسرى تجاهه أو حال عدم وجود أسرة له».
وبالنسبة لمراحل تأهيل الأسرة نفسها تمهيداً لعودة الطفل لها فإن «مكاتب التأهيل الأسرى والمراقبة وإدارة الحالة، هى من تتولى هذه المهمة، فتبحث ما يلزم الأسرة من احتياجات معيشية أو معاش، أو معالجة الأب نفسياً إذا كان دائم الاعتداء على الطفل، أو أى احتياجات أخرى دفعت الأسرة لطرد طفلها للشارع كى يكون مصدراً للدخل من خلال التسول».
ويؤكد «عامر» أن 80% من إجمالى الأطفال بلا مأوى على مستوى الجمهورية يوجدون فى هذه المحافظات العشر ونستهدف بها تطوير 21 دار رعاية، وأن الهدف المرجو من الخطة هو «حماية 80% من أطفال الشارع بتقديم خدمات الإعاشة والتأهيل لهم، ودمج 60% من أطفال الشارع المرصودين للأسرة أو لدور الرعاية الاجتماعية، وتقليل نسبة تسرب الأطفال للشارع بــ60%، مع إيجاد آلية مستدامة للرصد، وزيادة الوعى المجتمعى بكيفية التعامل مع هؤلاء الفئة من الأطفال». وتابع مسئول فرق الشارع بالبرنامج أن «أكبر نسبة توجد فى الشارع حالياً بسبب الظروف الاقتصادية هى نسبة الأطفال الذين يتخذون من الشارع مصدراً للدخل من خلال التسول ثم العودة للمنزل فى آخر اليوم، وهؤلاء هم أصعب فئة فى التعامل معهم بسبب مقاومة الطفل والأسرة للتأهيل».
وعن الوسيلة التى تم اتباعها لعودة أطفال الشارع، يقول «عامر» إن «أى طفل بلا مأوى يوجد له أسرة، ولكن أسرته ترفضه لأسباب ما، ومن هنا يعيش الطفل فترة زمنية محددة بدار الرعاية لتأهيله، حتى يتم تأهيل الأسرة بالتوازى، لأن فرقة الشارع تسلم المؤسسة الطفل، وإدارة الحالة تؤهل الأسرة بالتوازى من الناحية الأخرى، حتى يتم خلق مناخ مناسب للم شملهم معاً».
وكشف «عامر» عن أن 95% من أطفال الشارع معلوم أسرهم، وأن أعداداً ضئيلة للغاية «مجهولو النسب»، موضحاً أنه يوجد نسبة لا تقل عن «30% من الأسر ترفض احتضان أطفالها ومعظمها بسبب حالات التفكك الأسرى وحالات طلاق أو وفاة الوالدين».
وعن احتمالية عودة الطفل بعد دمجه مع أسرته مرة أخرى للشارع، يؤكد «عامر» أنها احتمالية موجودة «لأننا نتعامل مع نفس بشرية، والتعامل مع الأسرة أصعب من التعامل مع الطفل، خاصة فى حال التفكك الأسرى، ومن يقيم بدار الرعاية بشكل دائم هم الأطفال الذين ترفضهم أسرهم أو الأطفال مجهولو النسب». ويعترف «عامر» بأن من أكبر المعوقات التى تقابلهم كفرق شارع، هم «قادة الأطفال أو المسئولين عن تسريحهم، حيث يتردد الطفل فى التواصل مع الفرق خوفاً من أن يلاحظه قائده»، موضحاً أن مثل هذه الحالات يتم إبلاغ وزارة الداخلية عنهم لاتخاذ اللازم.
وأكد «عامر» أن البرنامج يخاطب وزارة الداخلية، عن طريق وزيرة التضامن الاجتماعى، وأيضاً مخاطبة وزارة العدل، لتوفير الأوراق الثبوتية للأطفال سواء بإصدار شهادة ميلاد أو إسقاط أى قضايا جنائية لهم.
وكشف «عامر» عن مخاطبات تمت مع مساعد وزير الداخلية للنقل والمواصلات، بتمكين الوحدات المتنقلة من الدخول لمحطات المترو للتعامل مع الأطفال هناك، ونقلهم لدور الرعاية.
فى سياق متصل، يقول محمد شاكر، مسئول إدارة الحالة ببرنامج أطفال بلا مأوى، إنه يتم تقديم خدمات متطورة من خلال 41 مكتب توجيه أسرى، و41 مكتب مراقبة اجتماعية على مستوى العشر محافظات التى يعمل بها البرنامج.
ويضيف «شاكر» لـ«الوطن»: «الفكرة فى إدارة الحالة هى توفير الخدمات للأطفال بشكل منظم وتحديد المسئولية، وتوفير احتياجات الأسرة أيضاً قبل عودة الطفل، فنعمل بالتوازى خلال عملية تأهيل الطفل لتأهيل الأسرة نفسها».
وعن دور مكاتب المراقبة الأسرية، يوضح «شاكر» أنه «بعد إعادة الطفل لأسرته، توضع الأسرة تحت المراقبة خوفاً من أن يتم طرد الطفل للشارع مرة أخرى أو عودة العنف الأسرى تجاهه، ومكاتب المراقبة دورها متابعة حالة الطفل بعد العودة وتستكمل دور مؤسسة الرعاية فى توفير ما يلزم الطفل والأسرة معاً».