كل من ركب قطارات الصعيد فى الأشهر الماضية لاحظ تدهور حالة قطارات الصعيد المكيفة فى كل شىء، فضلاً عن القطارات الأقل درجة، سألت رئيس قطار عن السر فقال: يا أستاذ ستظل القطارات هكذا حتى يضج الناس بالشكوى فتتحول كلها إلى VIP، قلت: وهل اعترض أحد على تحويلها، نريد خدمة جيدة ولو حتى بسعر مرتفع.
تتابعت الإرهاصات.. فيديو سائقى القطار وهم يشربون الحشيش ويرقصون، ثم تأخر قطار الصعيد لمدة 21 ساعة، لك أن تتخيل أن يظل ألف راكب محبوسين فى القطار لقرابة يومين، وقد ينقطع التكييف ساعات طويلة فى عربات مغلقة الشبابيك فلا هم أدركوا الهواء الطبيعى ولا التكييف، ثم جاءت حادثة قطارى الإسكندرية لتتوج هذه الإرهاصات.
الغريب أنه لا يكاد يخلو عام دون أن تراق الدماء الطاهرة على القضبان، فلا يكاد يخلو عام فى مصر من حادث أو أكثر للقطارات، فى ديسمبر 1993 اصطدم قطاران فقتل 12 وأصيب 60، فى ديسمبر 1995 تصادم قطاران وقتل 75 راكباً وأصيب المئات، فى فبراير 1997 تصادم قطاران فى أسوان فقتل 11 وأصيب عشرات، فى أكتوبر 1998 خرج قطار عن القضبان فدخل سوقاً بالإسكندرية فقتل 50 وأصيب 80، فى أبريل 1999، اصطدم قطار بشاحنة وخرج عن القضبان فقتل 10 وأصيب 7 كانت حالتهم خطيرة، فى فبراير 2002 وقعت حادثة قطار العياط وهى الأسوأ فى التاريخ المصرى فقتل المئات حرقاً والبعض قدرهم بألف، فى فبراير 2006 اصطدم قطاران بالإسكندرية فأصيب 20 شخصاً، فى مايو 2006 اصطدم قطار شحن بآخر فى الشرقية فأصيب 45 شخصاً، فى أغسطس 2006 اصطدم قطاران على طريق المنصورة إسكندرية فبلغ عدد القتلى 80 قتيلاً فضلاً عن 163 مصاباً، فى يوليو 2007 اصطدم قطاران فقتل 58 وجرح أكثر من 140 واشتهر بقطار قليوب، فى أكتوبر 2009 اصطدم قطاران عند العياط فقتل 30 مع إصابات كثيرة.
فى نوفمبر 2012 اصطدم قطاران بالفيوم فقتل أربعة وجرح العشرات، فى نوفمبر 2012 اصطدم قطار عند منفلوط بحافلة مدرسية فقتل 50 تلميذاً، فى 14 يناير 2013 حدث تصادم لقطار المجندين فى البدرشين أودى بحياة 17 مجنداً وجرح 100 مجند، وفى 11 أغسطس 2017 حدث تصادم بين قطارين أودى بحياة 49 وأصيب أكثر من مائة، وفى 18 نوفمبر 2013 وقع حادث دهشور والذى اصطدم فيه قطار بسيارتين فقتل 27، وأصيب 30 شخصاً. وقد أوضح تقرير سلامة النقل الصادر عن وزارة النقل المصرية 2013 أن متوسط حوادث السكك الحديدية يبلغ 550 حادثاً كل عام ما بين جسيمة تشمل قتلى وجرحى أو خفيفة ليس فيها ضحايا، وأظهر التقرير وجود 24 عيباً خطيراً مسئولة عن هذه الحوادث.
وفى إحصائية رسمية مصرية وصل عدد إجمالى حوادث القطارات فى مصر منذ عام 2006 إلى 12 ألفاً و236 حادثاً، وفى عام 2016 وحده بلغ عدد الحوادث 1249 حادثاً.
والخلاصة أن نزف دماء المصريين على قضبان السكك الحديدية لم يتوقف ويبدو أنه لن يتوقف، لأن منظومة السكك الحديدية فاشلة تماماً، ولو أن إدارتها ناجحة كانت ستغطى تكاليفها وتدر ربحاً وفيراً، فالتوك توك الواحد ينفق على ثلاث أسر، ودولة لديها أسطول سكة حديد بكل المحلات التجارية التى تمثل حرمه الممتد من مطروح حتى أسوان، ولو تم تأجير كل هذه المحلات وزرعها بالإعلانات وتحويل كل المحطات إلى نموذج محطة سيدى جابر، وإلغاء قرابة 60 ألف كارنيه يركبون القطارات مجاناً مع أنهم لا يحتاجون لمثل هذا الدعم، واستغلال المساحات الشاسعة التى تملكها السكك الحديدية فيما يدر على الهيئة بالأموال اللازمة لتطويرها وتشغيلها.
إننا لن نخترع العجلة، تأملوا كيف تدار السكك الحديدية فى أوروبا وأمريكا وكل الدول المتقدمة واصنعوا مثلها.