لُعبة لم ينجُ منها أحد، البعض يلعبها دون قصدٍ والبعض الآخر يعلم ماذا يريد منها، ولكنه يجهل مخاطرها.
إنها لُعبة "الروح" ندخلها دون أن نعيها، ونستفيق في المنتصف، حيث لا نقطة للعودة ولا أخرى للنهاية، فنقف هائمين متسائلين عما نحن فيه، أهو حب أم تعلق أم وهمِ كبير؟، والسؤال الأهم.. ما المفترض أن نقوم بفعله عند وصولنا إلى هذه النقطة.
تأملت هذه اللعبة ووجدت فيها شبهًا كبيرًا من لُعبة الشطرنج، حيث يرى كل طرف نفسه ملك لُعبته يحرك جنوده حسب هواه لتحقيق أكبر قدر من المتعة وهربًا من أن يصل إلى مرحلة "كِش ملك" - ليس معنى وصفها باللعبة أنها أمر هزلي، ولكنا نعيش فيها أوقات من المرح واللهو والمتعة- النقطة الأهم في هذه اللعبة هي التركيز وإعمال العقل لتحقيق الهدف.. ولكن كيف وهم ينعتوا مرآته بالعمى.
إن من أهم أسباب التعامل مع المشاعر كلُعبة، هي أننا أصبحنا نعيشها تائهة لا نعلم من أين أتت وإلى أين تذهب، ويرجع ذلك لأسباب عديدة، أهمها أننا لا نعي من نحن وماذا نريد.. لثقافة عجيبة ترسخت في عقولنا وتشكلت بها أرواحنا، وهي أن الحب يُغير حياة صاحبه، فكانت هذه المقولة من أهم دوافع الكثيرين في البحث عن الحب بشكل عشوائي في عيون كل ما هو مختلف بمحيطهم، ولكن لنتأمل قليلًا.. أليس من الأولى بنا أن نحب أنفسنا ونفهمها قبل أن نبحث عمن نحب ونحاول فهمه إنها حقًا معادلة صعبة، ومريرة.
إن التغيير الصائب يأتي إما من الألم أو الأمل، وليس التيه، فالتيه لا يخلق سوى شخص خاوِ، محطم، موهم بأنه يحيا وهو "حي على قيد الموت".
يأتي التيه في الحب كالشطرنج، حين يحرك كل طرف جنوده وأسلحته بعشوائية، من أجل حماية العرش فحسب، حينها إما أن يتخبط اللاعب الآخر أو أنه يستغل تيه من أمامه للفوز باللعبة.
ويبقى الفارق بين لعبة الشطرنج ولعبة الروح هنا، هي أن الشطرنج بها فائز وخاسر، أما الروح فكلا الطرفين خاسرين، مهما تظاهر أحدهم بأنه ربح.
إن الربح الحقيقي في هذه اللعبة هو الـ"كِش ملك"، أي أن يدرك المحب في أي وقت يتخذ قراره، حيث التعامل بحزم وصرامة مع نفسه وأن يكون واضحًا، فلا يهم نفسه بمشاعر زائفة، أشبه بالمسكنات المغشوشة لتسكين الألم، بل أنه يواجه نفسه ومن أمامه بحقيقتها.
أسرد كلماتي بعد ملاحظتي لوقوع الكثير من الطرفين وليس الفتايات فقط، فريسة للتيه، فلو تأملنا منشورات مواقع التواصل الاجتماعي، وحكايات أصدقائنا وأقاربنا معنا حول تجاربهم العاطفية، بل لو تأملنا ذواتنا داخليا وليست تلك القشور التي نظهرها لبعضنا البعض لوجدنا أن هناك شخص في حياة كل منا لا يعلم ما هو مفهوم علاقته به، وذلك الأمر مشروع للمحيطين بك ولكنه ليس مشروع لنفسك، فلابد أن تعي جيدًا مفهوم علاقتك ومداها بكل شخص في محيطك حتى لا تصبح يومًا فريسة التيه، وعليك أن تؤمن بأن ألم الصدمة والفراق أهون بكثير من ألم التيه، فالتيه فاتورته غالية، تدفع ثمنها من مستقبلك وماضيك وحاضرك، بل يدفع معك كل من يشاركونك حياتك ويحبونك حبا حقيقي.. كن جريئًا واتخذ خطوة الـ"كِش ملك" قبل أن يُقتل جنودك وتخسر أسلحتك، لا تنتظر لحظة النهاية، بل ضعها بيدك.