من الأوقات الممتعة بالنسبة إلي هى الساعة السادسة صباحا، تبدأ معاناة استيقاظ أولادى للمدرسة، حينها يبدو أن السرير التصق بهم، انتظر قليلا، إنهم حقا ملتصقين به إذا كانت حياته على المحك لما كان ليتشبث بها، هكذا لقد حاولت زوجته حمل أحدهم بالقوة ولكنها حملته بجزء من المرتبة، ولكن ككل المصاعب في هذا العالم فهى تمر، في الحقيقة أنا أحب مشاهدة كل هذه المسرحية وأنا اشرب القهوة وأتناول إحدى مقالات الجريدة، أنهى الجريدة والقهوة ومازال أحد ولداى داخل الحمام هل انتقلت مدرسته للداخل، نكتشف فالنهاية أنه لم يكتفى باللحظات الطيبة التى أنعم بها فى السرير فقرر إنشاء أخرى حتى وإن لم تكن طيبة بالطبع حينها تفقد ألام تماسكها لتنفجر في وجهه بكلام كثير عن تأخره عن المدرسة ولكنه ينظر لها بنصف عين مغمضة.
- النوم سلطان يا ماما سلطاااان.
قالها محركا يده بطريقة توحى بالحكمة.
في الحقيقة عندى ولدان يبدوان كما لو أنهم تربيا في منطقتين مختلفتين تماما رغم أن الفارق بينهما عاما واحدا، ولكن الأصغر الذى في الصف الثانى الإعدادى يبدو الأذكى الأكثر تفوقا أما الآخر فيظن أن أخاه "متدلع" لاحقا، كنت ذاهبا لأقله من المدرسة، كان الصغير جالسا مع صديقه الوحيد يأكلان الساندويتشات أما الآخر فكان واقفا مع "شلة" مكونة من يقارب من سبعة أطفال بنفس السن حينما راقبت الوضع من بعيد وجدتهم يتناوبون الشتائم في الحقيقة لقد سمعت شتيمتى ولم أتضايق، نعم فأنا لست هذا الشخص المثالى الذى يتوقع أن أبنائه لن يقتربوا من الانحراف فى فترة ما فقد كنت أنا كذلك ايضا، نحن فى مصر لنكن واقعيين.
ركب الأخ الاكبر بجانبى فالسيارة كالعادة.
- مين اللى كنت هتتخانق معاه ده؟
- ده عيل وسخ وهن.......
لم أتأثر من اللفظ فلقد أخبرته أنه يمكنه التكلم بحرية معي
- تمام بس خلى بالك بقى مش عايز لا جوابات فصل ولا استدعاء عشان أمك مت..... كلنا
ضحكا قليلا فلم يتوقعا أب يرد هكذا.
عدت إلى البيت فأخبرتنى زوجتى أن هناك أحد المدرسين يريد التكلم معى، نظرت لهم..
- هببتوا إيه؟
حركا رأسيهما بالنفي.
اتصلت ويا ليتنى لم أتصل فقد اكتشفت نوعا جديدا من الهراء.
- ابنك مش عاجبنى
- إذا كان مش عاجبنى أنا نفسى هيعجبك؟ وبعدين هو مش عاجب نفسه؟ يبقى خلاص بره عنك
- إنت منطقك غريب يا بشمهندس مينفعش خالص كده إنت كده بتضيعهم بإيدك
- إنت شايف إنى أعمل إيه
- أنا شايف إنك تجيبهم عندى درس، ساعتها هيقدروا يكونوا صداقات أحسن من اللى هم فيه ده
لقد افتتح هذا الشخص مستوى جديد من التسويق للتو
قلت ناهيا الحوار:
- إن شاء الله.. سيبنى أشوف رأيهم كده وهبقى أرد عليك
- لا ما أنت مش هينفع تعتم.....
أغلقت الهاتف سريعا فلم أتحمل كمية التراهات المنبعثة من هذا المخلوق، ولكن قررت أنهم اذا أحبو الفكرة فلما لا؟! اقتربت من الغرفة ولكنني سمعت الأخ الأكبر يكلم أخيه الصغير
- ياض اتدردح كدا أمال، إحنا لو بقينا مع بعض في كل حاجة العيال هتخاف مننا، بص الواد ده إحنا لازم نقابله أنا وإنت نعمل معاه الجلاشة بعد المدرسة، كده عند السور بتاع مدرسة البنات وتبقى فضيحته بجلاجل ونعرفه إحنا مين ماشى؟
بطريقة ما رد أخوه
- ماشى
حينها قاطعتهم بموضوع الدرس الخصوصى ولكنهم بطريقة ما قبلوا
- الغدا جاهز يالا يا حيلتها أنت وهو
بينما يأكلان
- ماما إحنا هنتأخر بكرة ممكن بابا ميجيش ياخدنا
قاطعتهما
- هتتاخروا ليه إن شاء الله
- احنا مش هنروح درس؟
قالها بينما عيناه تلمع شرا.. أستطيع أن أشعر بهذا الخبث ولكن تركتهم
تكلم الأخ الأصغر
- وهنأدب الواد
ارتبك الأخ الأكبر فاتحا فاه عن آخره ثم تكلمت أنا
- واد ايه؟
تكلم الأكبر
- يا ماما هوضحلك ثوانى.. هو الأول خالص بدأ معانا
نظر الأخ الأصغر لأخيه ثم غمز له بالسكوت فنظرت له أمه ولكنه التفت لها قائلا
- يا ماما ده قاللى كلمة عيب
- لا إذا كان كده يبقى آجي لك ونأدبه
نظر لها بضحكة بسيطة ازدادت عندما وجد أخوه الأكبر يضحك له بينما يغمز.
تذكرت طفولتى.. بهذه الانتصارات الصغيرة كانت في الحقيقة من أمتع الأوقات.