فى عملية جانبية، وبعيداً عن قبة مجلس النواب، قام ائتلاف دعم مصر باستدعاء واستجواب وزيرَى التنمية المحلية والنقل فى مقر الائتلاف بجاردن سيتى. تفاصيل الخبر، كما نشرت جريدة «البوابة»، تقول إن الائتلاف اجتمع برئاسة المهندس «محمد السويدى» لاستجواب الوزيرين بشقة بجاردن سيتى، بشأن كارثة قطارَى الإسكندرية التى راح ضحيتها عشرات المواطنين، وتغاضى الائتلاف عن عقد الاجتماع فى إطار البرلمان، رغم مطالبة الكثير من النواب المستقلين والمنضمين لتحالفات أخرى بذلك. بعض النواب وصفوا ما حدث بأنه محاولة لإثبات القوة والقدرة من جانب الائتلاف، ورسالة لمن يهمه الأمر بأن الائتلاف مسنود. وتقديرى أن المسألة يمكن أن تُفهم على غير هذا النحو. أخشى أن يكون اجتماع ائتلاف دعم مصر مع وزيرَى التنمية المحلية والنقل تمّ بليل بعيداً عن قبة النواب فى محاولة للستر على الوزيرين. والليل كما تعلم «ستار»!
حادثة قطارَى الإسكندرية راح ضحيتها عشرات الشهداء، وأصيب فيها المئات، وحادثة بهذا الحجم كانت تستوجب استجواباً علنياً للمسئولين عنها سياسياً، ومراجعة لأداء الوزراء المعنيين، وجهدهم فى تطوير وتحسين أداء السكة الحديد بما يحمى أرواح المواطنين. جلسة على هذا المستوى من الخطورة يصح أيضاً أن ينقلها التليفزيون، لأن حوادث القطارات فى مصر أصبحت قضية رأى عام بامتياز. إعمال مبدأ الشفافية كان يقتضى أن يناقَش هذا الموضوع من كل النواب -على اختلاف تحالفاتهم وتوجهاتهم- على أن تتم هذه المناقشات على مرأى ومسمع من الجميع، أما «الزوغان» بالوزيرين ومناقشتهما بعيداً عن أروقة «النواب» فأمر يثير الريبة أكثر مما يحتمل التفسير الذى يذهب إلى أن ائتلاف دعم مصر يستقوى على غيره، كما فهم البعض.
مجلس النواب سيبدأ فصلاً تشريعياً جديداً أكتوبر المقبل، وكل ما نرجوه ألا يؤدى مرور الوقت إلى نسيان المشكلة، ملف السكة الحديد يحتاج إلى مناقشات صريحة ودؤوبة من جانب النواب. منهجية الانتظار حتى تقع كارثة منهجية تعنى عدم الجدية فى حماية أرواح المواطنين. ننتظر أيضاً تحركاً من رئيس مجلس النواب، وتفسيراً لهذه الخطوة المتجرئة التى قام بها ائتلاف دعم مصر، حين اعتبر نفسه مجلس نواب موازياً. لقد سبق أن أدلى الدكتور على عبدالعال قبل أيام بتصريحات يتحدث فيها عن تعديل بعض مواد الدستور، وبرر ذلك بأن دستور 2014 تمت صياغته فى ظروف عدم استقرار، والسؤال: ما هو الوضع بالنسبة لمواد لائحة مجلس النواب، هل هى الأخرى وُضعت فى ظروف عدم استقرار، وبالتالى تعطلت بنودها عن التطبيق، كما تعطل العديد من مواد الدستور؟
الصبر سمة من سمات المصريين، والمصريون صابرون على الكثير من الضغوط والمحن المعيشية، وسبب صبرهم يرتبط بالرغبة فى المحافظة على كيان الدولة وعدم تعريضها لأى مخاطر، ومجلس النواب مؤسسة مهمة من مؤسسات الدولة المصرية، وعندما يرى ائتلاف من أعضاء المجلس أنهم أكبر من المؤسسة ذاتها فإن ذلك يشكل تهديداً خطيراً لمفهوم الدولة، لأنه يمنح المواطن مؤشراً إلى أن الأمور فى هذا البلد تدار «ع الكيف»، وتلك هى الفوضى بعينها.