فى مصر فنانون وأدباء مبدعون يشرّفون الوطن، ويمنحون قيمة مضافة ومضيئة لأى مجال يوجدون فيه، وأول مجال الجمعية التأسيسية التى عليها أن تضع دستوراً للبلاد، بل هو دستور ما بعد الثورة الشعبية الكبرى.
لكننا نجد عجباً فى التأسيسية الثانية، وربما على نحو أسوأ من الأولى التى ألغيت من أجل تشكيل الأفضل، وسواء فى الأولى أو الثانية فإنه لا يوجد تمثيل معقول أو متوازن لمختلف القوى والاتجاهات السياسية والفكرية والنقابات، شباب ورموز الثورة، والمرأة، والأقباط... إلخ!
وهناك تجاهل تام حتى للشخصيات المصرية العالمية وهى نادرة وفريدة كل فى مجاله مثل محمد حسنين هيكل، وزويل، والبرادعى، ومجدى يعقوب، وفاروق الباز، ومحمد غنيم... وغيرهم!
ولذلك فلا غرابة أيضاً ألا نجد مبدعين يمثلون الفنون، ولا إعلاميين مثل الرائد حمدى قنديل والمتفوق يسرى فودة، ولا رياضيين مشاركين بإخلاص فى الثورة مثل نادر السيد، ولا معبرين عن مختلف الميادين التى تشكل المجتمع، فى تنوعه وينابيعه، فى أطيافه وطوائفه!
إنها «التأسيسية» العاجزة العرجاء الأحادية، التى لا تعبر إلا عن فصيل واحد، لا يرى فى المجتمع والظرف، إلا مجرد جسر إلى دولة ترتدى زياً دينياً وهابياً أو إخوانياً وسلفياً وتوجهاً سطحياً فى الدين، من دون النفاذ إلى جوهر الإسلام العظيم، ورسالته القدسية ورؤيته الثورية، وما الإسلام فى الأصل إلا ثورة بكل معنى الكلمة بل أعظم وأشمل الثورات فى التاريخ، لكنهم لا يفقهون، ولا يدركون مغزى دين بدأ بكلمة «اقرأ»، ويسعون فحسب إلى الهيمنة و«التكويش» على كل شىء وكل المقاليد. وبسبب ذلك يجرون البلاد إلى متاهات، ويهدرون أعظم ثورة شعبية فى عصرنا وعالمنا، بحماقة ثنائية يتقاسمونها بجدارة مع «المجلس العسكرى»!
وعودة إلى المبدعين والفنانين.. و«التأسيسية»، هل يوجد بلد فيه الأسماء التالية وغيرها كثير، من أعلام وقامات، ومع ذلك فلا نجد واحداً منها فقط.. سواء فى التأسيسية الأولى أو الثانية.. أدباء مثل بهاء طاهر وإبراهيم عبدالمجيد وصنع الله إبراهيم ورضوى عاشور ومحمد المنسى قنديل وعلاء الأسوانى، كتاب دراما مثل محفوظ عبدالرحمن ويسرى الجندى، مخرجون فى المسرح مثل أحمد عبدالحليم، مخرجون فى السينما مثل توفيق صالح ومدكور ثابت وداود عبدالسيد وخالد يوسف، مخرجون فى دراما التليفزيون مثل إنعام محمد على، موسيقيون مثل راجح داود ومشيرة عيسى، تشكيليون مثل عزالدين نجيب وهند عدنان، ممثلون رفيعو الثقافة مثل محمد وفيق ونبيل الحلفاوى وخالد الصاوى ومحسنة توفيق وآثار الحكيم وتيسير فهمى وجيهان فاضل، منتجون متميزون مثل محمد العدل وإسعاد يونس... إلى آخره؟ عشرات بل مئات القامات والنوابغ والطاقات.
ومع ذلك فلا نجد منها اسما.. اسماً واحداً فقط! والأعجب.. أنها فيما يفترض.. «تأسيسية دستور ما بعد الثورة»!