فنانون عن محفوظ عبدالرحمن: قامة إنسانية وثقافية.. وسيظل حياً بفنه
صابرين وأحمد راتب فى مسلسل «أم كلثوم»
نعى عدد كبير من الفنانين الكاتب الراحل محفوظ عبدالرحمن، ووصفوه بـ «أحد أعمدة الدراما المصرية»، بما قدمه من أعمال فنية أثرت وجدان المشاهد العربى ومثلت ماضى وحاضر الأمة، إذ شكلت كتاباته فصلاً من أبواب التاريخ، بالكثير من المسلسلات التى خلدت الشخصيات التاريخية، مثل «ناصر 56» و«أم كلثوم» و«بوابة الحلوانى».
نعى الفنان الكبير عزت العلايلى، الكاتب محفوظ عبدالرحمن، قائلاً: «كنا دائماً نتبادل الخبرات والآراء، وعملت معه فى مسلسلى (بوابة الحلوانى) و(القادسية)، وكان كل منا يستفيد من وجهة نظر الآخر، فهو ليس مجرد كاتب درامى، فبصماته واضحة فى تاريخ السينما والدراما والمسرح».
وأضاف «العلايلى» لـ«الوطن»: «كان شخصية نادرة، ويمتلك مواصفات إنسانية بديعة، وبه كل سمات الشخصية المصرية الأصيلة، وكان مهموماً بقضايا الوطن والأمة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وتأثرت بكتاباته فى حياتى العملية، وكنت أتابع حالته فى الفترة الماضية، ولكن منعتنى ظروفى الصحية ووفاة زوجتى من زيارته، إلا أن وفاته بمثابة خسارة لمصر، فهو قامة إنسانية وثقافية وسيظل حياً بأعماله الفنية».
«فاضل»: تفرد فى الكتابة التاريخية بأسلوب ثرى.. و«صابرين»: كان يستمع أكثر مما يتحدث
من جانبها، قالت الفنانة صابرين، إنها حرصت على زيارة الكاتب الراحل محفوظ عبدالرحمن خلال الفترة الماضية، قائلة: «تعددت زياراتى له فى مستشفى (جلوبال) بالشيخ زايد، لأنه كان فى منزلة والدى، وكانت حالته الصحية سيئة للغاية، ولم تخلُ غرفته من الزائرين». وأضافت لـ«الوطن»: «قدم مجموعة من روائع الأعمال منها (أم كلثوم)، و(حليم)، و(الناصر 56)، و(بوابة الحلوانى)، كلها أعمال مكتوبة بحرفية شديدة، فهو إنسان عظيم ويعمل دائماً فى صمت، فقد كان معلماً ولا يشعرك بأنك تلميذ، ويمنحك المسئولية بشكل محترم ومهذب».
وتحدثت عن كواليس العمل مع الكاتب الراحل فى مسلسل «أم كلثوم»، قائلة: «من أمتع المسلسلات التى قدمتها، رغم أننى شاركت فى الكثير من الأعمال الدرامية قبله، إلا أن (أم كلثوم) سيظل فى منزلة خاصة، فكان محفوظ يستمع أكثر مما يتكلم، ينطق بما قل ودل، وفى معظم الأوقات يقول لى ركزى على ما بين السطور وافهمى المعنى، ودائماً يشعرك بأنه لم يكتب شيئاً عظيماً على الرغم من أعماله العظيمة، وطالما أكد أن إحساس الفنان هو الذى يظهر عظمة العمل الدرامى».
وتابعت: «محفوظ رجل عظيم، فهو أحد أعمدة الدراما المصرية، وعندما يغيب كاتب عظيم عن عالمنا مثله، نشعر أننا فقدنا أعواماً عديدة من الثقافة والوعى، نتمنى أن نحمل رسالته فى المستقبل، رحم الله رجلاً عشق تراب مصر وأسكنه فسيح جناته».
«العلايلى»: فنان مهموم بقضايا وطنه وأمته العربية. و«إنعام»: آخر الرجال المحترمين فى عالم الكتابة
واستقبلت الفنانة فردوس عبدالحميد، خبر رحيل السيناريست الكبير بحزن شديد: «برحيل محفوظ عبدالرحمن فقدت مصر عملاق الفن والثقافة، الذى قدم مجموعة من أهم الأعمال سواء فى الدراما أو السينما أو المسرح، فعملت معه فى فيلم (ناصر 56)، فكنت أستشيره فى أبعاد الشخصية وتكوينها، وكان ينصحنى بالاستعانة ببعض الكتب لإتقان الشخصية وتفاصيلها».
واختتمت حديثها، قائلة: «كان يحب أرض مصر ومرتبطاً بها، ويخشى أن تنتهى حياته فى الخارج، فهو من أصدقائى المقربين، وشخص محبوب ومحترم، فبجانب أنه من أعظم كُتاب الدراما المصرية، إلا أنه شخص محترم ورقيق، ففى وقت قليل نفقد أشخاصاً من الأجيال العظيمة التى أثرت فى الوطن العربى بثقافتها الفنية، منهم الأبنودى وسيد حجاب، وأسامة أنور عكاشة، وهؤلاء لا يمكن تعويضهم مرة أخرى، ولكن مصر ولاّدة ونتمنى أن تحمل الأجيال المقبلة أشخاصاً على نفس المستوى».
وأكد المخرج محمد فاضل، أن وفاة محفوظ عبدالرحمن، تعد خسارة كبيرة للساحة الفنية: «كان رائداً فى المسرح، بتجاربه الفنية القديمة والمتعددة، فقدناه كما فقدنا العديد من عظماء الوطن العربى، مثل عبدالرحمن الأبنودى وسيد حجاب وغيرهم، فهؤلاء كانوا أعمدة الثقافة المصرية، وتركوا لنا رصيداً فنياً كبيراً».
وعن ذكرياته مع «عبدالرحمن»، أوضح: «حضّرنا لفيلم (ناصر 56) لمدة عام كامل حتى نخرج التفاصيل الخاصة بالشخصية، فهو كان رجلاً مثقفاً وعلى دراية كبيرة بالتاريخ، ومتعهد لتقديم الأعمال الجادة، وخلال مشواره الطويل لم يخجل من عمل فنى واحد قدمه، وكان يركز على موضوعات بعينها، لا يتصدى لها إلا كاتب مثقف ولديه وعى كافٍ».
وتابع: «دائماً كنت أحرص على زيارته، فخلال أحداث ثورة يناير أصيب بأمراض نحتت من جسده الكثير، ولكنه ظل صامداً بحبه وعشقه للفن المصرى، وكان شديد الاهتمام بالشخصيات التاريخية، واستطاع أن يسجلها بكتابته فى صحف التاريخ، حتى أصبح متفرداً فى الكتابة التاريخية بما لديه من ثراء شديد، وحبكة درامية مميزة».
«آخر الرجال المحترمين والعظماء» هكذا تحدثت المخرجة إنعام محمد على، عن الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن، قائلة: «أعتبر مسلسل (أم كلثوم) أيقونة أعمالى الفنية، فقد حقق صدى كبيراً، وكان تميمة الحظ بالنسبة لى، كما حصلنا على العديد من الجوائز بعد تقديمه، فمحفوظ كان يتميز بأشياء عدة أولها الكتابة المتعمقة والصداقة، وكان خفيف الظل فى كتابة حواراته، التى كانت تتسم بالعمق والصدق الشديد المغلف بخفة الظل، فكان يحمل شخصية متفردة فى الكتابة، ونستطيع أن نطلق عليها (السهل الممتنع)، ولا يستطيع أحد أن يقلده».
وأضافت: «يعتبر آخر من شاركوا فى وضع منهج الدراما التليفزيونية، مع مجموعة من زملائه استطاعوا أن يضعوا الخطوط العريضة التى حددت شخصية الدراما المصرية، وعلى الرغم من كل سنوات مرضه، إلا أنه كان طوال الوقت يقاوم المرض، ويحضر كل الاحتفالات والمهرجانات الفنية، ويشارك فيها بالرأى والخبرة المتعمقة، والحاسة الفنية المتفردة».