الأعمال الكبيرة تحتاج لإنجازها إلى تمهيد كبير.. انظر مثلاً إلى كم السنوات التى احتاجتها أمريكا تمهيداً لتدمير العراق منذ توريطه مع إيران وحتى احتلاله فى خطة طويلة محكمة.. لنتأكد أن الإعلام يلعب الدور الأساسى فى التمهيد للكوارث الكبرى ثم تأتى الأيدى الخفية لتتدخل فى الوقت المناسب لتقدم للإعلام المادة الأساسية التى سيوظفها للنجاح فى مهمته!
منذ سنوات طويلة بدأت التحذيرات من تزايد أعداد العرب والمسلمين فى الغرب.. تزايدت الأبحاث والدراسات بشكل ملحوظ وارتفعت وتيرة تناول الموضوع فى الصحافة الغربية حتى إن عدداً من مراكز الأبحاث والمعاهد الخاصة أنتجت أفلاماً قصيرة عن ما سموه «تغير الخصائص السكانية للعالم»، أحد هذه الأفلام تمت ترجمته للعربية دون إبراز الشركة المنتجة لكنه يبدأ بعبارة ملفتة تقول «إن الثقافة التى سنتركها لأبنائنا ليست هى التى نعرفها اليوم»! ورغم مدة الفيلم القصيرة التى لا تزيد على ثمانى دقائق إلا أنه قدم من التحذيرات ما يكفى للتحرك!
نتوقف للضرورة عند بعض الأرقام التى يتم ترويجها ولا نعرف هل هى صحيحة أم هى نفسها جزء من المخطط، وكما يقولون إن أى حضارة لكى تستمر يجب أن تكون نسبة الزيادة السكانية الطبيعية لا تقل عن 2.1%، بينما أرقام معدلات الزيادة فى عدد من الدول الأوروبية، كما هو منشور، أقل من ذلك.. فهى فى فرنسا 1.8 وفى بريطانيا 1.6 واليونان 1.3 وألمانيا 1.3 أيضاً وإيطاليا 1.2 وإسبانيا 1.1، ومتوسط الزيادة فى أوروبا كلها بما فيها روسيا 1.38%، وهى أقل بكثير من معدل الهجرة إلى أوروبا ومعها معدل المواليد من السكان العرب والمسلمين!
يستمر دعم المخاوف بالأرقام، فمثلاً يقولون إن فى فرنسا 30% ممن هم أقل من سن العشرين مسلمون، وإن الرقم يرتفع عن ذلك فى المدن الكبرى كباريس ونيس ومرسيليا، وإن عام 2027 سيكون واحداً من كل خمسة فرنسيين مسلماً، وإن هذا يعنى أنه خلال ثلاثين عاماً وبثبات المعدلات ستكون فرنسا دولة مسلمة!
فى بريطانيا وخلال ثلاثين عاماً فقط ارتفع عدد المسلمين والعرب من 82 ألفاً إلى 2.5 مليون، أى معدل الزيادة بلغ الـ30 ضعفاً، بينما فى هولندا 50% من المواليد مسلمون، وبما يعنى أنه خلال 15 عاماً سيكون نصف سكان هولندا مسلمين، وأن روسيا بها الآن أكثر من 23 مليون مسلم ستكون نسبتهم فى الجيش الروسى تقترب من 40%!
فى بلجيكا 25% من السكان مسلمون، و50% من المواليد مسلمون، وخلال عام 2025 سيكون واحداً من كل ثلاثة أطفال مسلماً، بينما الألمان يعترفون بأن تعويض النقص فى الزيادة السكانية غير ممكن، كما أن وقف الزيادة فى المواليد العرب والمسلمين أيضاً غير ممكن، وبما يعنى أن الأمر خرج عن السيطرة!
فى عام 2011 كان عدد المسلمين فى أوروبا 52 مليون نسمة وقتها قالت الحكومة الألمانية إن عددهم سيتضاعف خلال عشرين عاماً ليصل إلى 104 ملايين مسلم مر منهم الآن فى 2017 أكثر من 6 سنوات!
على الضفة الأخرى من الأطلنطى نجد أرقاماً مشابهة.. ففى كندا معدل الزيادة 1.6، بينما الهجرة إلى كندا ومعدل زيادة المواليد العرب والمسلمين أكبر من ذلك بكثير.. حتى إن سكان كندا زادوا فى الفترة من 2001 إلى 2006 بمقدار 1.6 مليون نسمة، منهم 1.2 مهاجرون أو مواليد من غير أصول كندية!! وإلى الجوار منها فى الولايات المتحدة حيث الأرقام تقول إن عدد العرب والمسلمين بها كان سنة 1970 لا يزيد على 100 ألف نسمة بلغ بإحصائيات 2011 الـ9 ملايين عربى ومسلم!
فى أوروبا تزايدت الصرخات لأمريكا كى تتحرك.. وأى تحرك تقليدى من اضطهاد أو ترحيل غير مبرر سيجد مقاومة عنيفة لتعارضه أولاً مع مبادئ وقيم الحرية وحقوق الإنسان وحرية العبور للسلع والأموال والأفراد، وبالتالى سيتناقض الغرب مع نفسه وبما يسرع بانهيار هذه الحضارة لانهيار الأسس التى بنيت عليها.. كما أن الطرد والترحيل المباشر سيصطدم بالقوانين الموجودة لأن أغلب العرب والمسلمين يحملون جنسية هذه الدول كما أنهم لم يرتكبوا سبباً لطردهم وترحيلهم.. ولم يكن الغرب ولا أوروبا تحديداً مستعدين لهذه العملية التى قد تؤدى إلى زلزال هناك!
إذاً ما الحل؟ الحل ببساطة خلق ذرائع تثبت أن التعايش مع أصحاب الجذور العربية والمسلمة غير ممكن.. ليس فقط لوجود مجموعات إرهابية تقتل وتفجر.. فهذه كانت مجموعات شاردة متطرفة قليلة العدد يبدو الانتصار عليها ممكناً مهما طالت المواجهة، ومن بين الضحايا عرب ومسلمون.. إنما الآن أصبح الوضع مختلفاً تماماً.. الآن تطورت العمليات الإرهابية إلى الدهس بالسيارات! أى إنها عمليات لا يمكن وقفها أو التنبؤ بها!! ونعتقد أنها قد تتطور الأيام المقبلة إلى عمليات للطعن بالالات الحادة!! وبالتالى فالإرهاب بهذه الصورة لا يحتاج إلى تهريب أسلحة ولا مواد متفجرة.. وقد لا يحتاج إلى أموال أو تدريب.. لا يحتاج فقط إلا لعقلية تحمل الفكرة.. والفكرة متطرفة وشريرة وبنيت على الكراهية.. هذا التطرف سيقابله تطرف آخر سيطالب بطرد كل عربى مسلم.. لأنه بأصوله وعرقه وديانته قنبلة موقوتة قد تنفجر حتى بغير أفكار متطرفة.. يكفى اضطهاده فى العمل أو التعرض لأى ظلم مفاجئ فى العمل أو غيره أو حتى مرتبط بالأحداث فى الشرق الأوسط وكراهية إسرائيل.. ومن يدعمها!
«ترامب» قدم اختباراً صغيراً بمنع السفر لأمريكا لمن ينتمون لجنسيات محددة ويبدو أن نتيجة الاختبار لم تكن مشجعة فالظروف الموضوعية لم تنضج بشكل كامل بعد حتى إن بعض الانتقادات جاءت من أوروبا وأمريكا.. وبالتالى فليس على الغرب بتنظيماته السرية التى تحكم العالم فعلياً من خلف الحكومات المعلنة إلا الدفع بالظروف الموضوعية نحو النضج..!!
هذا الأمر لا يعنى أن ترحيل العرب من أوروبا وأمريكا سيبدأ العام المقبل أو الذى يليه مثلاً.. لا.. العملية ستحتاج وقتاً لكنها فى كل الأحوال تحتاج للتمهيد.. وقد بدأ بالفعل وللأسف من خلال توجيه تنظيمات تقول إنها عربية ومسلمة.. رغم أنها مخترقة تماماً من عدد من المخابرات الغربية ومعها الموساد.. لتقدم للعرب أسوأ ما يمكن تقديمه وتساهم فى تشويه دين عظيم.. لكن يبدو أن العجلة دارت وتحتاج لمجهود كبير لإيقافها يصل إلى حد المعجزة!
أخيراً: هل إعادة العرب إلى بلادهم بسبب الخلل فى الزيادة السكانية فقط؟ أم مطلوب أن يعودوا إلى هنا فى لحظة تريدها التنظيمات الصهيونية؟ وتريد أن ينقسم العالم فيها إلى معسكرين فى مواجهة بعضهما؟ الاجابة نتركها لمقال فى المستقبل.. أو للمستقبل نفسه!