أنا أبعد شخصية عن الحياد.. منحازة لأم كلثوم وعبد الوهاب ومنير، لكتاب قديم مركون على الرف من سنين، التراب اللى اتراكم عليه قادر يحكى عمره بالتقريب.
منحازة لكرسى مكسور فى بيت جدتى، للعبة عمرها من عمرى، لعروستى اللى نامت فى حضنى كل ليلة زمان، لأول بلوزة اشتريتها بمصروفى، لإحساسى وأنا لابساها أول مرة، لأول موبايل جبته.. وأنا مش مصدقة إن أخيرا بقى عندى موبايل!
لصاحبة عمرى اللى قسمنا سندويتشات المدرسة سوا، لأختى اللى ما ببطلش خناق معاها، لأغنية سمعها لى حد بحبه، وبسببه بقيت كل يوم بسمعها قبل ما أنام عشان افتكره، للعشا من إيد جدى، لليلة بتها فى حضنه، لحكاياته اللى ياما حكاها لى، وللضحك اللى ضحكناه سوا من قلبنا لحد ما عينينا دمعت.
للعيدية بتاعتة كل سنة، لريحة جدتى اللى كانت فيها، لرحلة مدرستى، لليلتها وأنا سهرانة أحضر الشنطة، ومن الفرحة كنت ببقى نفسى اليوم ميبتديش عشان ميخلصش، ولأبويا وهو بيلبسنى الجاكيت بتاعه في عز الشتا عشان يدفينى، ومش هامه إنه يبرد هو.
منحازة لكل شئ قديم عدت عليه سنين، لكل ذكرى فاتت بفتكرها النهاردة وادمع.
منحازة للذكريات، الحلو منها والمر، منحازة لصورى اللى دايما شكلى فيها بيطلع وحش، بس بحبها! عشان فيها لمة الصحاب اللى مش راجعين.
منحازة لكل حاجة بحبها شايفاها حلوة وإنت شايفها قديمة وملهاش قيمة عندك، أصلها عندى كل حاجة!
منحازة لصوت ضحكتى الخالى من الوجع، ليوم حلو نمت فيه مبسوطة، لمرجيحتى بتاعة زمان، للعبى أنا وصحابى والجرى والتنطيط لغاية ما نقع من التعب.
منحازة أكون حرة من غير قفص مقيدنى بمليون صح وغلط وعيب وميصحش، و"إنتى بنت.. مينفعش!".. قفص يندرج تحت بند العادات والتقاليد.
منحازة ما يكونش فيه ألف عين عليا مراقبانى ورافضانى، منحازة ما أكونش متكتفة بحاجات مش مؤمنة بيها، إنى ما أكونش منبوذة وسط مجتمع شايفنى شاذة عن القاعدة، القاعدة اللى أصلا ما اخترتهاش بس اتفرضت عليا، زى أى حاجة فى حياتى.
وأخيرا، منحازة للمدينة الفاضلة اللى حلمت بيها زمان وأنا صغيرة، وافتكرتها زى ما كنت بشوفها في الكارتون، وكبرت ملقيتهاش.
أنا منحازة.. وهفضل منحازة.