انتشار صورة للفنانة حلا شيحة أعاد الحديث عن النقاب ليطفو على السطح، من وجهة نظرى فإن اعتزال حلا شيحة تعبير عن حالة فردية وليس عن ظاهرة عامة لاعتزال الفنانات مثل تلك التى ظهرت ونمت فى التسعينات، فى التسعينات كانت الظاهرة شبه ممولة من دول وهيئات خليجية، وكان الأمر أقرب إلى صفقة مالية تتم مع الفنانة التى يعرض عليها الاعتزال مقابل مبلغ مالى كبير، مغرٍ.. اعترفت بعض اللواتى ارتدين الحجاب ثم خلعنه بذلك، بينما تناثرت أخبار وشهادات عن رفض فنانة كبيرة مثل سعاد حسنى ارتداء الحجاب مقابل مبلغ كبير رغم عثراتها المادية فى سنواتها الأخيرة.. نقاب حلا شيحة قد يعبر أكثر عن حالة اغتراب شخصى أو تطرف مضاد لتطرف آخر بدأت به حياتها فى هذا الاتجاه أو ذاك!
رغم أن النقاب ليس هو زى الأغلبية من النساء المصريات اللاتى يفضلن ارتداء الحجاب على الطريقة المصرية، إلا أن انتشاره من أكثر الموضوعات التى تمس الهوية المصرية! وإذا كانت جماعة الإخوان قد اعتبرت انتشار الحجاب فى بداية الألفية دليلاً على نفوذها وانتشارها فإن النقاب دليل انتشار لتيار آخر هو التيار السلفى، النقاب بكل تأكيد زى غير مصرى مقبل ضمن (الإكسسوارات) السلفية التى ارتداها المصريون فى السبعينات، هو أيضاً دليل تراجع للمرأة المصرية، حيث عاد للانتشار بعد أكثر من سبعة عقود على خلع النساء المصريات له فى ثورة ١٩١٩ واعتبار أنها ثورة تحرر اجتماعى وسياسى معاً، انتشار النقاب هو بكل تأكيد دلالة على فقدان المرأة المصرية لهويتها ولاستقلالها معاً، مؤخراً قال فضيلة الإمام الأكبر إنه يعتبر النقاب (زينة) وهو تعبير مراوغ تماماً، وموقفه يختلف عن موقف سلفه الشيخ طنطاوى الذى غضب بشدة حين صادف فتاة صغيرة فى معهد أزهرى ترتدى النقاب وأجبرها على خلعه، وأصدر قراراً بمنع ارتداء النقاب فى المعاهد والكليات الأزهرية.. ما لفت نظر الكثيرين أن الدكتور أحمد الطيب أيد القرار وقتها ونفذه باعتباره رئيساً لجامعة الأزهر.. وما يلفت النظر أكثر أن القرار لا ينفذ الآن.. بل إن النقاب ينتشر انتشاراً كبيراً بين عدد من موظفات جامعة الأزهر، ليس صحيحاً أن النقاب تعبير عن حرية شخصية، ولكنه تعبير عن هوس شخصى من المرأة بجسدها وإحساس بأنه يمثل عبئاً عليها، تعتقد نسبة كبيرة من اللاتى يرتدين النقاب أن ظهور وجوههن من تحت الحجاب كاف لإغواء الرجال ومن ثم فالنقاب هو الحل.. هذه نظرة تكشف عن هوس ما بكل تأكيد.. لكن النقاب شأنه شأن ظواهر كثيرة مهمة فى حياتنا لم يدرس دراسة جادة حتى الآن.. وأعتقد أنه آن الأوان لذلك.