رجل أعمال مصرى له استثمارات فى إحدى الدول الأوروبية بعد أن انتهى من تسويق مشروعه أقام احتفالاً وتعرّض لمشكلة أدّت إلى احتجازه فى قسم الشرطة، وبعد دقائق كان يستكمل احتفاله فى القصر الجمهورى، لأن رئيس هذه الدولة بمجرد علمه بالواقعة ذهب بنفسه إلى المستثمر المصرى فى محبسه، وبعد أن اعتذر له اصطحبه فى سيارته، وأقام له احتفالاً رسمياً فى القصر الجمهورى، هكذا تعلم هذه الدول قيمة الاستثمار، وكيف تتعامل مع المستثمرين، تصرف رئيس الدولة جعل رجل الأعمال يضاعف استثماراته، بل يجذب مستثمرين جدداً، لأن الواقعة علمها الجميع، وهى أكبر دعاية للاستثمار، فى السطور المقبلة لن أتناول الماضى وما يحدث للمستثمرين المصريين فى بلدهم وتعامل الجهاز الإدارى معهم، باعتبارهم لصوصاً، لحين إثبات العكس، ولأننا نتطلع إلى مستقبل أفضل لن يتحقق إلا من خلال التنمية التى يقودها القطاع الخاص فسوف أعرض جهود الدولة حالياً لتشجيع الاستثمار وتغيير نظرة المجتمع للمستثمرين.
أهم خطوات اتخذتها الدولة هى دمج وزارتى الاستثمار والتعاون الدولى، ثم أصبح لدى القائمين على هذه الحقيبة شعور بأهمية دورهم، وأنهم وزارة للقطاع الخاص وللدفاع عن المستثمرين، ولهذا اتُّخذت إجراءات كثيرة لتشجيع الاستثمار وتهيئة مناخه، منها إصلاح البنية التشريعية وإصدار حزمة قوانين جديدة، مثل قانون الاستثمار والإفلاس والشركات وسوق المال والتأجير التمويلى.
أيضاً تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية نفسه، بالإضافة إلى تقوية المؤسسات التى تتعامل مع المستثمرين وحل مشكلاتهم من خلال لجنة فض المنازعات وإعطاء قراراتها الصبغة الإلزامية فى القانون الجديد، لأن حل مشكلات المستثمرين القدامى أكبر دعاية لجذب مستثمرين جدد، وكان إنشاء مركز خدمة المستثمرين خطوة غاية فى الأهمية، لأنه يجمع كل الهيئات التى يتعامل معها المستثمر فى مكان واحد وتُنهى له إجراءاته بأقصى سرعة، وبالتالى تُنقذه من فساد الجهاز الإدارى، ثم جاءت خطوة كنا ننتظرها، وهى أن تكون لدينا خريطة استثمارية تتضمّن كل الفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر، ومن الخطوات المهمة التى تحققت بالفعل فى وزارة الاستثمار، لكنها بعيدة عن عيون الإعلام ما تحقق فى ملف إزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى، باعتباره منطقة استثمارية واعدة.
أيضاً اهتمام الوزارة بأصولها المهدرة وإعادة استغلالها مرة أخرى سوف يُحقّق فوائد كبيرة للبلد، فهناك مساحات كثيرة من الأراضى تم تخصيصها منذ سنوات لإقامة مناطق استثمارية ولم تُستغل، لدرجة أن بعضها تعرّض للتعدى والاستيلاء من المواطنين، لكن د. سحر نصر بعد توليها حقيبة «الاستثمار» مع «التعاون الدولى» فتحت الملف وأعادت طرح هذه المناطق مرة أخرى بفكر جديد، بحيث تكون مناطق متخصصة فى صناعات مرتبطة بالبيئة المحيطة بها، وكذلك الاهتمام بإنشاء مناطق تكنولوجية، نظراً لمستقبل مصر الواعد فى هذا المجال، فالمناطق الاستثمارية حل لكثير من مشكلات الاستثمار وعليها طلب متنامٍ من المحافظات، لأنها تخدم مواطنيها والوزارة تستهدف دعم المشروعات الصغيرة من خلال هذه المناطق لإقامة صناعات مغذية وعنقودية.
إعادة استغلال أصول مصر المهدرة، ملف غاية فى الأهمية، لأنها ثروة ضخمة لا تُقدّر بثمن، ويصعب تعويضها، وإذا كانت وزارة الاستثمار بدأت بنفسها، فإنه يجب عليها مساعدة الوزارات الأخرى فى هذا الملف، لأنه يحتاج إلى إدارة اقتصادية ولا مانع من طرحه على القطاع الخاص، حتى نضمن حسن استغلاله والاستفادة منه.
تلك هى جهود الدولة لتحسين مناخ الاستثمار، التى نتمنى أن يكون لها مردود إيجابى على الاقتصاد حتى تسهم فى مستوى معيشة أفضل يستحقها المواطن المصرى الذى ما زال يعانى من الفقر والجهل والمرض.