«لما الناس تعمل اللى عليها والمسئول هو اللى يطنش.. يبقى فيه حاجة غلط». كتبت عن قرية «عمروس» التابعة لمحافظة المنوفية عدة مرات، وتحدثت عن تجربة الأهالى فى التكافل مع الحكومة لحل مشكلة القرية التى تحتاج إلى بناء محطة للصرف الصحى. قدم الأهالى الأرض اللازمة للمشروع، ودفع كل مواطن منهم 500 جنيه من لحمه الحى، فى وقت يقضم فيه وحش الغلاء رؤوس الجميع. ورغم ذلك لا يريد محافظ المنوفية الدكتور هشام عبدالباسط أن يتحرك، ويلتقط يد الأهالى التى امتدت إليه بالمساعدة، ويحل مشكلتهم.
بصراحة المسألة «بوّخت» وزادت عن حدها. لست أدرى هل يتابع محافظ المنوفية الإعلام أم لا؟. لكننى أستطيع أن أقول فى ضوء حالة التجاهل التى يتعامل بها مع هذه المشكلة أنه لا يتابع، وإلا بماذا نفسر سكوته وعدم تحركه؟. قرية «عمروس» تتبع مركز الشهداء. ومركز الشهداء واحد من المواضع التى تحكى جزءاً من تاريخ هذا البلد، حيث سُمى بهذا الاسم بعد سقوط العديد من القادة والمقاتلين من جيش عمرو بن العاص على يد الرومان، خلال الفتح العربى لمصر. هذا المركز خرج منه الكثير من قادة الجيش المصرى، فهل من المعقول أن يبخل عليه محافظ الفيوم بنظرة؟.
عدة مرات كتبت عن قرية «عمروس» - كما ذكرت لك - إعجاباً بتجربتهم الفريدة فى مواجهة الأمية ومحوها من ذاكرة المكان، واقتناعاً بإيمان مواطنيها بأن أيديهم يجب أن تمتد مع أيدى المسئولين فى مواجهة المشكلات. بالجهود الذاتية حَلَّ أهل عمروس العديد من المشكلات دون حاجة إلى مساندة الحكومة، لكن الأمر فيما يتعلق بمحطة الصرف الصحى يختلف، فهى تتطلب تحركاً من المسئولين، وقد قدّم لهم الأهالى السبت والأحد، ووفروا كافة المساعدات التى تمكّن المحافظة من حل المشكلة دون انتظار، حتى ولو كان الانتظار سببه الصبر حتى تدرج القرية على خريطة الصرف الصحى. فمع احترامى الكامل لخطط الحكومة، إلا أنها تعتمد على طول البال، وهناك مشكلات يعقّدها التأجيل، وتحتاج إلى حسم، خصوصاً إذا تعلق الأمر بموضوع الصرف الصحى. فلا يعقل أن تعانى دولة بحجم مصر من مشكلات من هذا النوع.
كيف يصدّق المواطن كلام المسئولين عن فكرة الدولة القوية، وهو يعاين هذا المستوى من الأداء؟. الملاحظة تقول إنه ما من مسئول يمسك بالميكروفون إلا ويمطرنا بشلال من الكلمات عن مصر التى فى خاطره، وسعيه إلى أن ينهض هذا البلد من كبوته، ليعود إلى سابق مكانته، ويدعو المواطنين إلى محبة الوطن والعمل من أجله، ثم يصمت عند هذا الحد، ويتمطع بملء يديه ويقول: «الحمد لله عملت اللى عليّا»، رغم أنه لم يفعل شيئاً فى الواقع. أهالى «عمروس» أوجعتهم مشكلتهم، ولأنهم يحبون وطنهم، فقد بادروا إلى المساهمة فى حل المشكلة، لأنهم يعلمون أن الوطن يعانى، لكن المسئولين لم يفعلوا شيئاً. أهالى عمروس «انتشروا»، لكن المسئولين بمحافظة المنوفية «لم ينتشروا» على حد تعبير الزعيم عادل إمام فى مسرحية «شاهد ما شافش حاجة». واضح أن المحافظ محب لهذه المسرحية لدرجة إنه ما شافش حاجة إلى الآن فى مشكلة قرية «عمروس».