هنالك أيام فارقة فى حياة الشعوب، أيام تصنع التاريخ.. ترى هل نمر ببعض منها، أم تراها لحظات احتضار أخرى لشعب يموت..
تلك كانت أولى كلمات مقالى فى يناير 2011.. ومرت السنون فى لعبة تبادل المقاعد والاتهامات بين أصدقاء الأمس وأعدائه.. وبلا تردد من إعادة النظر ومراجعة النفس.. ومقاومة السقوط فى مستنقع الكبر(والمقاوحة) أو على النقيض الانزلاق مع تدافع القطيع.. ما زلت أحاول أن أكون شجاعة لدرجة التوقف عن الحسابات التافهة لاعتبارات البشر.. ولكن الانحياز للحقيقة المجردة من المصلحة أو الهوى.. أتذكر أحلاماً ترجمتها يومها إلى كلمات ملأت بها الدنيا صياحاً فى خضم الحدث تقودها جياد الحماسة وعربتها.. لأقف عند كل منعطف جديد يطل علينا منه أحد أوجه الحقيقة، وهو قبيح غالباً.. متجمل فى بعضها.. برىء فى قليل منها.. من زاوية رؤية تتسع بمساحات انقشاع الغيوم.. يبقى ذات السؤال ملحاً.. هى ثورة ولا مؤامرة؟.. فهل لك يا صديقى أن تبحر معى عبر طيات كلمات، كان وما زال التاريخ وصاحبة الجلالة شهوداً عليها حين نشرت فى حينها.. وظلت مشروع كتاب عصياً على الظهور للنور.. بحثاً عن تلك الغائبة الحاضرة.. إنها الحقيقة.
ثوار لكن ظرفاء 2
وبمناسبة الضربة الجوية اللى وجعوا دماغنا بيها (مع كل الاحترام والتبجيل للأبطال الحقيقيين للضربة الجوية كأحد مفاتيح النصر من رحل منهم بشموخ، ومن بقى يذكرنا بالنصر الحقيقى بعيداً عن اختزال البطولة فى ضربة جوية، والأبطال فى حسنى مبارك) كتب ذلك الشاب: أول ضربة جوية.. يا ريته ضربها فينا.. وحكم إسرائيل 30 سنة.
ولأن أسعار أطباء الأسنان نار، فقد كتب أحدهم: عيادة أسنان مصر.. خلع الضرس 25 جنيهاً مصرياً.. خلع مبارك 85 مليون مصرى.
وفى مبادرة طريفة، كتبت إحدى المجلات الشهيرة إعلانات مبوبة لإيجاد فرص عمل للوزراء (الغلابة).
فكانت الوظيفتان الأكثر طرافة لأحمد نظيف نظراً لطوله الفارع هى لاعب كرة سلة، وصفوت الشريف العمل مورد فى لاس فيجاس والحدق يفهم (ولمن لا يعرف تلك الولاية الأمريكية هى قبلة القمار وكل أنواع اللهو فى العالم).
ارتدى أحدهم زى حكم مباراة رافعاً كارت أحمر كتب عليه (مبارك برة) ولم ينس الصافرة فى فمه ينبهنا بها من حين لآخر.. وقد زين صدره بعبارة: (الشعب هو الحكم).
أما رابطة النجارين، فقد كان لها سؤال وجيه إلى الأسطى مبارك (نوعه إيه الغراء الذى تستعمله يا أسطى).
وكتب أحدهم على ظهره العارى جملة بألف معنى (ارحل بقه أنا بردان).
أما ذلك (منكوش) الشعر يذكرنى بموضة السبعينات العجيبة والتى كان من أشهر نجومها لاعب الكرة شطة.. (انجز بقه عايز أحلق).
وآخر كتب أملاً فى نظافة ربما كل شىء (هتمشى هتمشى انجز علشان أروح أستحمى).
وذلك الذى كتب بالبنط العريض (ده لو كان عفريت كان طلع).
وكتب رجل وقد وضع حلة على رأسه لا أعلم لماذا ربما للحماية (ارحل بقه صوتى راح).
أما ذلك المنوفى الظريف، فقد جاء إلى الميدان مقدماً بطاقة اعتذار كتب عليها (المنوفية تعتذر للشعب المصرى).
وذلك الشاب الرومانسى كتب طلباً مبتكراً (مطلوب عروسة بتكره مبارك).
وكتب أحدهم حواراً تخيلياً بين مبارك وأوباما، حيث قال «أوباما»: أنا رأيى تكتب رسالة وداع للشعب المصرى.
فرد «مبارك»: ليه هو الشعب رايح فين.
وكتب طفل صغير (ارحل كفاية عليك جدو وبابا).
وتأثراً بأفلام السينما: (مبارك طير أنت).
أما هؤلاء الأكثر شقاوة فقد كتبوا: (ارجع خلاص كنا بنهزر معاك.. الكاميرا الخفية).
وآخر كان يطوف حاملاً: (لو انت معاك دكتوراه فى العند، احنا معانا نوبل فى الصبر).
وجلس أحدهم متربعاً على الأرض حاملاً لافتة بعصا طويلة: (ارحل بقه إيدى وجعتنى).
وتلك الآنسة الشقية كتبت: (باى مبارك.. موبايلات بقه).
وعلى طريقة ترجمة اللغة الإنجليزية حرفياً، كتب أحدهم:
Mubarak you go away I go home.. the end يعنى بالعربى: (من الآخر.. انت تمشى أنا أروح بيتنا).
ومن كل مراحل التعليم، وقد أدركوا أكبر جرائم مبارك كتبوا: (ارحل بقه عندى حضانة) إلى: (ارحل بقة عايز أذاكر.. توقيع طالب ثانوية عامة).
وهكذا لم يمل ذلك الشعب العجيب فى جوف الخطر والألم أن يرسل للعالم أحلى الضحكات.. وللحديث بقية.