أخبار عديدة يتم تداولها من حين إلى آخر -هذه الأيام- حول إعادة هيكلة الجهاز الإدارى. ومصطلح «إعادة الهيكلة» من المصطلحات التى تثير قلق المواطن، حين يسمعها، فخبرته مع موضوع «إعادة هيكلة الدعم» سيئة للغاية، بعد أن زادت أسعار البنزين والسولار والخدمات الأخرى المتنوعة التى كانت تدعمها الدولة فيما سبق، لذلك ما إن يسمع المواطن عبارة «إعادة هيكلة» حتى يتحسس جيبه، متوقعاً نذر خطر سوف تأتيه عما قريب. كله كوم وموضوع إعادة هيكلة الجهاز الإدارى كوم آخر، لأنه يتعلق بما هو أدهى وأمر، إنه يرتبط بالوظيفة والموظفين. وما أدراك ما الوظيفة.. ثم ما أدراك ما الموظفون.
أخبار طائرة هنا وهناك تتحدث عن تشريع فى الطريق لفصل الموظفين الذين يثبت انتماؤهم إلى تنظيمات إرهابية. أمر مفهوم، طالما حكم القضاء، وقرر أن هذا الموظف أو ذاك إرهابى، وفرض عليه عقوبة معينة. من الطبيعى فى هذه الحالة أن يتم اتخاذ موقف من الموظف وفصله، لأن الاعتماد على غير هذا الطريق سوف يدفع به إلى رفع قضية على الدولة، ويكسبها، ويعود إلى عمله مرة ثانية. فقطع الأرزاق ليس بالمسألة السهلة ولا اليسيرة. دعك من هذا وفكّر فى الخبر الذى خرج عن جهاز التنظيم والإدارة، وفيه أن لجاناً مفاجئة سوف تطب على المصالح الحكومية وتجرى اختبار تعاطى مخدرات للموظفين، وأن الموظف الذى سيثبت تعاطيه سيكون معرضاً للفصل. تطبيق هذا القرار على موظفى الدولة، سوف يؤدى إلى استبعاد نسبة كبيرة منهم، لأن من المعلوم بالضرورة أن نسبة لا بأس بها من المصريين تتعاطى أنواعاً مختلفة من المخدرات. تعاطى الحشيش على سبيل المثال من الأمور الشائعة لدى قسم من المصريين، يستوى فى ذلك الأغنياء والفقراء، المتعلمون وغير المتعلمين، المثقفون وغير المثقفين، المسيسون وغير المسيسين. إذا تحدثت إلى بعضهم سيقول لك إن الحشيش مباح ومتاح فى العديد من الدول، دون أى نوع من التجريم القانونى، وفى مصر ذاتها، لم يكن بيع الحشيش مجرماً قبل ثورة يوليو 1952. جميل أن نحارب إدمان المخدرات، وأن نعاقب المدمن، لكن يبقى سؤال: هل الإدمان ظاهرة ترتبط بموظفى الدولة وحدهم (6.5 مليون موظف)، أم يمتد لقطاعات أخرى عديدة لا ينطبق عليها مفهوم الموظف الحكومى؟. هل تريد ماما الحكومة أن تحارب «إدمان الموظفين» فقط، وتبقى على ما عداه؟!.
لا تطمئن كثيراً إذا لم تكن موظفاً متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابى أو حشاشاً، فهناك خبر مهم لا بد أن تعرفه يقول إن الدولة قررت إجراء «اختبار كمبيوتر» للموظفين، وإنها سوف تستبعد الموظف الذى لا يجيد التعامل بلغة العصر. وهو موقف يذكرنى بمشهد من مسلسل قديم شهير للمخرج المبدع محمد فاضل، اسمه «أبنائى الأعزاء شكراً»، تعرض فيه البطل (المبدع عبدالمنعم مدبولى) لموقف مشابه، حين أراد صاحب العمل طرده، فأدخل الحاسب إلى الشركة، وقرر اختبار الموظفين، ومن ضمنهم «بابا عبده»، فى القدرة على تشغيله، وكانت النتيجة استبعاد عدد كبير من الموظفين، بحجة أنهم «ما يعرفوش كمبيوتر». تعددت الأسباب والفصل واحد!.