في المقهى، بينما أجلس غارقًا في الحب، أتبادل مع حبيبتي رسائل سريعة على طريقة لُعبة تنس الطاولة، أكتب لها شعرًا فترسل لي أغنيةٌ، أهديها قلب فترسل قُبلة إلكترونية مُنعشة، وردة حمراء تُقابلها زهرة اللوتس، وهكذا يدور الليل بيننا، ترسل لي قبل أن تنام بصوتها الأنثوي المُترف، متى نتزوج حبيبي؟ أعدها بذلك، تطمئن.. تغمض عيناها، أخر كلمة تخرج من شفتيها.. ككل ليلة، بصوت حاني..أُحبك.
أعود بظهري للوراء وقد تخدرت أطرافي، يملؤني شعور يُصعب وصفه، أجدني أخف بكثير مما أبدو عليه.. يرتفع جسدي عن الأرض بمقدار حبي لها، أصل لسماء، وما بعدها.. بعيدًا أسبح في الأفق، قبل أن أسقط بقوة على الأرض، تلتقط أذني جملة من رجل خمسيني يكسوه الشيب، يجلس بالقرب من طاولتي، يُحدث أحدهم على الهاتف، ويحذره من أن يتزوج، قبل أن يصل إلى الخمسين!
انتقلت من طاولتي إلى طاولته، أي خمسين يا عم؟ هل يعقل ما تقوله، يشير بكف يده.. تمهل، يُكمل مكالمته، ويتمتم على جُمل من يهاتفه، يهز رأسه بينما يصوب نظراته إليّ، قبل أن يعود لمن يحدثه، مثلما أخبرتك.. في الخمسين! أنهى اتصاله، نعم.. ماذا تُريد؟ معذرًا.. ولكن الفضول قادني لسؤال، ينظر إلي بينما يجمع معلقاته، قال: لي صديق مرتبط بفتاة لفترة ليست قصيرة، لن يُقدم على الزواج بها قبل أن يحل ثلاثة أمور تؤرقه.
يغادر الرجل بينما ألحق به، ما الأشياء الثلاثة يا عم؟ حقيقة الحب.. مدى استمراره.. وماذا لو.. افترقنا؟ شعرت بدوار، ماذا يعني ذلك! يجيب الرجل وهو يهم بركوب سيارته، أن يكون بينك وبينها حُب حقيقي، لا يعرف النهاية، حتى إن ذهب كُل منكما في طريق عن الأخر.
تسمرت مكاني.. أفكر في ذهول، أخافني ما سمعته، يُنزل الرجل زجاج نافذته، إن أعظم قصص الحب، ملحماته وصراعته، أساطيره وحكايته، خباياه وأسراره، خرجت من أُناس تعدوا الخمسين من عمرهم، بعد أن عصفت بهن النساء، وغدروا بهم الرجال، أقرأ عنهم واستمتع وتألم، أكثر من ذلك لن تتضح لك الأمور، ولن تصل إلى شيء، كُل منَّا يملك قصته الخاصة، حالتنا تتشابه في كثير من الأشياء، إلا في الحب، تنفرد وتختلف، لا يُمكن أن تستلهم من قصصهم لتنجو من السقوط، لأنك ستسقط في كل الأحوال.
يُتابع.. إن كان عقل الثورة.. جنون الثوار، فعقل الحب.. جنون العُشاق، إن أردت العقل.. انتظر للخمسين، إن أردت الجنون، انطلق من اللحظة التي يداهمك فيه الحُب، فتتبعثر حياتك.
ألو.. حبيبتي.. في الغد سنتزوج! وبعد خمس دقائق.. أرسلت لها مجددًا.. سنتزوج عندما أصل للخمسين من عمري.. مع السلامة.